شعار المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية اليوم بالرباط هو: «لا تغير فريقا رابحا»، ولكي يمر هذا القرار لا بد له من غطاء قانوني وسياسي. 2000 مؤتمر سيحضرون اليوم السبت المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، من أجل التصويت على نقطة واحدة في جدول الأعمال: تمديد عمر مؤسسات الحزب (الأمين العام والأمانة العامة والمجلس الوطني) لمدة سنة. المبرر الظاهر هو تعذر عقد مؤتمر عادي في سنة انتخابية، واحتمال تأثير ذلك على الآلة الانتخابية للحزب، لكن السبب غير المعلن أن أغلبية قيادات الحزب تريد أن تعطي بنكيران فرصة ولاية ثانية على رأس الحكومة، سواء من خلال تمديد ولايته سنة إلى أن تمر انتخابات 7 أكتوبر وتشكل الحكومة، أو من خلال تغيير قانون الولايتين غير القابلتين للتجديد على رأس الحزب بالنسبة إلى الأمين العام الذي يكون رئيسا للحكومة في المؤتمر العادي المقبل. أهم حدثين سيطبعان مجريات المؤتمر الاستثنائي هما كلمة بنكيران، وخطابه لحزبه الذي وضع فيه ثقة كبيرة، ونسبة الأصوات التي سيمر بها قرار تمديد عمر بنكيران سنة على رأس الحزب.. الباقي غير مهم. لا يوجد إجماع في الحزب على تمديد زعامة بنكيران ولاية جديدة، ولا حتى سنة أخرى، لكن الأغلبية الكبيرة في جيب بنكيران، وهذه الأغلبية ترى أن زعيم العدالة والتنمية واحد من زعماء الإسلاميين الذين استطاعوا أن يصمدوا في وجه الخريف العربي، الذي ضرب تونس ومصر وليبيا واليمن، وأن ذكاءه وليونته وحكمة الملك محمد السادس أنقذت البلاد من مصير مشابه لما جرى في دول الجوار، وأن بنكيران، رغم كل الانتقادات التي توجه إليه، آلة انتخابية فعالة، ولسان خطابي بليغ، وشخصية معتدلة استطاعت أن تفتح الحزب على المجتمع، وأن تستقطب حوالي مليوني صوت إلى قفة الحزب في آخر انتخابات بلدية، وأن في عهده صار «البي جي دي» يحكم كل المدن الكبيرة وجل المدن المتوسطة وأغلبية المدن الصغيرة، وأن بنكيران، فوق هذا، يملك جرأة لم يتمتع بها عباس الفاسي ولا إدريس جطو ولا حتى اليوسفي ولا حتى العثماني، وأن رئاسة الحكومة لم تدفعه إلى أن يبلع لسانه، وأن مكمن قوته في صراحته ونظافة يده وتلقائيته في القول والعمل، وأنه قام بما استطاع أن يقوم به في الحكومة التي لها خصوم ولها أصدقاء، لكن أكبر حكم على أداء بنكيران وحزبه كان هو الناخب الذي منح العدالة والتنمية مليونا و200 ألف صوت إضافية في انتخابات شتنبر 2015، مقارنة بآخر انتخابات جماعية سنة 2009. نعم، هناك انتقادات توجه إلى بنكيران من مثل أنه يغطي بزعامته على روح المؤسسة الحزبية التي أصبحت لينة في يده، وأنه يعيش في «فوضى منظمة»، سواء في قيادة الحزب أو في رئاسة الحكومة، وأنه يفضل العمل مع من يثق فيهم إلى درجة أنه يغض الطرف عن الكفاءة لصالح الثقة، وأنه يتنازل أحيانا عن قرارات جوهرية في مسار الإصلاحات الكبرى، في حين يقيم الدنيا ولا يقعدها حول أمور جزئية، وأنه مازال يتصرف كمعارض في حكومة لا يتحكم فيها، وأنه لا يوظف آليات الحكم وتقنيات القرار في عمله اليومي، ويعول على الخطابة وفضح خصومه في الإعلام وإلقاء الكرة للشعب، في حين أن الشعب، أو جزء منه على الأقل، انتخب بنكيران لكي يحول الأصوات إلى إصلاحات وقرارات وقوانين، ونفس ديمقراطي كان ضعيفا جدا خلال هذه الولاية. الحزب الآتي من حركة دعوية مازال ينظر، في الغالب، إلى السياسة والزعماء والقادة بعين أخلاقية، ومادام بنكيران لم يغتن من وراء المنصب، ولم يغير عادات اللقاء مع الناس والتواضع بين أيديهم، ومادام حريصا على تغذية صورة الزعيم الذي لم يغير البندقية من كتف إلى آخر، فإنه سينجح في الحصول على ورقة المرور إلى الدور النهائي يوم السابع من أكتوبر. وسيفلح إن أراد في الحصول على ولاية ثالثة على رأس الحزب إن حصل على ولاية ثانية على رأس الحكومة وإلا فإنه سيذهب إلى تقاعد غير مريح. شعب العدالة والتنمية سيعطي بنكيران ورقة المرور إلى ولاية ثانية على رأس الحكومة إن أفلح في الحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان المقبل، لكن ماذا سيعطي بنكيران لإخوانه من ضمانات على أن الاقتراع سيكون شفافا ونزيها وأفضل من اقتراع 2011، وأمامهم الآن مؤشرات مقلقة أصبح فيها وزير الداخلية يمنع زملاءه الوزراء من الالتقاء بالناس في الساحات العمومية، ويرفض الإفراج عن النتائج التفصيلية لآخر انتخابات جماعية.. ما هي الضمانات التي سيقدمها بنكيران لحزبه وللرأي العام الذي سيذهب للاقتراع يوم السابع من أكتوبر من أن أصوات الناس لن يتلاعب بها، وإرادتهم لن يجري تحريفها، وأملهم في انتقال ديمقراطي ثالث لن يقتل، كما حدث مع حكومة عبد الله إبراهيم وحكومة عبد الرحمان اليوسفي؟ يقول المثل الصيني: «ثلاث أشياء لا يمكن أن نسترجعها.. سهم خرج من قوسه، وكلمة خرجت من الفم، وفرصة أضعناها».