قال تقرير أوروبي جديد إن التلفزيون المغربي يروج خطابا خشبيا وأضاف أن السلطة لا تزال تتحكم في مضمونه مما يؤثر على الانتقال الديمقراطي ويقدم صورة سلبية عن المغرب التقرير، الذي أنجزته الدكتورة سحر علي، تحت إشراف الدكتور أندري لانج المختص في القطاع المعلوماتي للأسواق والتمويل في المرصد الأوربي للقطاع السمعي البصري التابع للاتحاد الأوربي، صدر يوم 21 من شهر مارس الحالي، وأكد في ديباجته أن المغرب قام بالعديد من المجهودات من أجل إقرار سياسية سمعية بصرية طموحة، تأخذ بعين الاعتبار الإطار القانوني الذي أفرزه الدستور، الذي صودق عليه يوم فاتح يوليوز سنة 2011، واعتبر التقرير أن هذه السياسة تتماشي مع الرغبة في تحسين مستوى الشفافية والتعدد، سواء على مستوى القطاع السينمائي أو التلفزي.
في انتظار القنوات الخاصة يبلغ عدد أجهزة التلفزة في المغرب حوالي سبعة ملايين جهاز، مما يعني أن حوالي 85 في المائة من الأسر المغربية تتوفر على الشاشة الصغيرة، وبالرغم من أن المغرب وقع اتفاقية جنيف، التي توجب اختفاء البث التماثلي في يوم 17 يونيو من سنة 2015، فإن التقرير يؤكد أن 0,3 في المائة فقط من المنازل المغربية تتوفر على أجهزة رقمية، أما المنازل المغربية التي تتوفر على أجهزة استقبال فضائية فتصل إلى حوالي خمسة ملايين منزل، ولا يتوفر المغرب على قنوات مدفوعة الأجر، ومن بين الباقات التي يتم ترويجها الجزيرة و«الإي آر تي» و«شوتايم»، أما باقة كنال بلوس التي تم ترويجها ابتداء من سنة 2009، فقد أوقفت نشاطها بسبب القرصنة. أما بخصوص خدمة التلفزة عبر الأنترنت، التي توفرها شركة اتصالات المغرب، فيرى التقرير أنها تتميز بغلبة القنوات الفرنسية، مما يدل على أن الخدمة موجهة أساسا إلى النخبة المغربية الفرانكفونية، كما أن القنوات المقدمة يمكن للمشاهد المغربي أن يتابعها عبر البث الفضائي. وبشأن خدمة التلفزة على الهاتف المحمول، التي انطلقت في ماي من سنة 2008، فإنها تغطي فقط المدن الكبيرة، ويرى التقرير أن تطور هذه الخدمة يرتبط أساسا بتضافر الجهود بين القنوات وشركات الهاتف، بالإضافة إلى تطوير المحتوى. أما القنوات الخاصة، فإن التقرير نقل عن مصدر من الهاكا أن المغرب كان من المنتظر أن يعرف إطلاق ثلاث قنوات خاصة في سنة 2012، إلا أن منح الرخص عرف تأخيرا. وحسب التقرير، فإن المغرب إذا كان قد عرف تطورا على المستوى الإذاعي بظهور العديد من الإذاعات الخاصة، فإن المجال التلفزي لم يساير التغييرات التي شهدها المجال القانوني، وذلك على عكس التطور الذي عرفته العديد من الدول في الفضاء العربي المتوسطي، مثل لبنان ومصر، التي تشكل فيها القنوات الخاصة حوالي 70 في المائة من المشهد الإعلامي. ويؤكد التقرير أن إطلاق القنوات الخاصة لم يتم التطرق إليه إلى حد الساعة من طرف الحكومة التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية. وأشار التقرير بناءا عن دراسة «مابين ديجيطال ميديا» إلى أن السلطات مازالت تتدخل في المحتوى الإعلامي للقنوات مما يؤثر على الانتقال الديمقراطي، وعلى صورة المغرب في الخارج، حيث إن العديد من السياسيين والصحافيين وجزء من الرأي العام يعتبرون أن أداء القنوات العامة يطرح العديد من نقط الاستفهام، كما يتساءلون عن هامش الحرية الذي توفره. فبالرغم من الإصلاحات التي تم إقرارها منذ أكثر من عشر سنوات، فإن الإعلام العمومي مازال يقدم الخطاب الخشبي نفسه الذي ساد منذ سنوات. كما أن العديد من المواضيع الحساسة لا يتم التطرق إليها بإسهاب، مثل تلك المرتبطة باللغة والمكونات الثقافية للمجتمع والأصول الأمازيغية والدين والسياسة، وإذا كانت الأخبار تقدم باللغة العربية الفصحى وبالأمازيغية والفرنسية، فإن عدد المغاربة الذين يتمكنون من تتبعها لا يشكلون نسبة كبيرة، حيث إن 40 في المائة من المغاربة يفهمون العربية الفصحى، و10 في المائة فقط يستوعبون الفرنسية، كما أن حضور المرأة في البرامج يبقى ضعيفا جدا.
سينما واعدة بمشاكل عديدة خصص التقرير جزءا مهما لرسم خارطة السينما المغربية، حيث قدم جردا تاريخيا لتطورها، كما قدم معلومات حول تاريخ المركز السينمائي ومختلف المراحل التي مر منها برنامج دعم الأعمال السينمائية المغربية، كما ذكر بالأهمية التي يوليها المغرب لتشجيع تصوير الإنتاجات الأجنبية في المغرب، مما يخلق العديد من فرص الشغل، ويساهم في جلب الاستثمارات، ورغم ذلك فإن التقرير اعتبر أن هذا الميدان يعرف نقصا بسبب غياب استراتيجية للتسويق بالإضافة إلى عدم تنظيم آليات العمل. وفي ما يخص الجانب المتعلق باستغلال القاعات، أكد التقرير أن المركب السينمائي ميغاراما، الذي يتوفر على قاعات في الدارالبيضاء ومراكش، يستحوذ على 60 في المائة من عائدات القاعات في المغرب. وبالرغم من ذلك فقد تم تسجيل انخفاض كبير في ارتياد القاعات، حيث انخفض الرقم من 6,8 ملايين تذكرة سنة 2004 إلى مليوني تذكرة فقط سنة 2012، ويخلص التقرير إلى أن هناك دراسات أكدت أن العديد من المغاربة لا يعتبرون أن السينما وسيلة فرجة، وأن 60 في المائة منهم إما أنهم دخلوا قاعة سينما مرة واحدة، أو أنهم لم يلجوها أبدا، مع التأكيد أن العديد من المشاهدين يشتكون غلاء أثمنة التذاكر. وذكر التقرير أنه إذا كان المغرب يعرف تطورا في ميدان الإنتاج، فإن الجانب المتعلق بالقاعات يعرف انهيارا كبيرا، حيث انخفض عدد القاعات من 246 قاعة في سنة 1982 مع 45 مليون مشاهد، إلى 68 قاعة السنة الماضية. وبالتالي، فإن نسبة ارتياد القاعات في المغرب، إذا قارناها بعدد السكان، فإنها تكاد تكون صفرا في المائة، هذا في الوقت الذي تعرف فيه هذه النسبة ارتفاعا سنويا ملحوظا في دول أخرى، كما أكد التقرير أنه في المغرب تقفل سبع قاعات أبوابها سنويا، في حين 75 في المائة من القاعات الموجودة لا تستجيب للشروط التقنية التي تضمن الحد الأدنى من الفرجة السينمائية. ويفسر التقرير أسباب الأزمة التي تعيشها القاعات السينمائية في المغرب بالسلبيات التي عرفها عدم تحرير أثمنة تذاكر الدخول للقاعات حتى حدود الثمانينيات، مما أثر على المداخيل، بالإضافة إلى ارتفاع الرسوم الضريبية ورسوم الجمارك، وهو الأمر الذي حاولت الدولة تداركه مؤخرا عن طريق إلغاء الضرائب أو تخفيضها. ومن بين أسباب أزمة القاعات، حسب التقرير، الانتشار الكبير للقرصنة، حيث إن المغرب يستورد سنويا 50 مليون قرص «دي في دي» فارغ يتم طبع الأفلام عليها، والتي تباع بأثمنة لا تتعدى سبعة دراهم، مما يحقق لممارسي هذا النشاط ربحا يصل إلى 250 مليون درهم. وحسب التقرير، فإن بعض الأفلام تتعرض للقرصنة داخل القاعات السينمائية التي تقدم بها. وبالرغم من وجود ترسانة قانونية لمواجهة هذه الظاهرة، فإن التقرير يؤكد أنه في مرات قليلة فقط يصل الأمر إلى القضاء، حيث يتم التعامل مع القرصنة بسلبية كبيرة. بخصوص توزيع الفيلم المغربي في الخارج، يؤكد التقرير أنه ما ين سنتي 1996 و2012، تم توزيع 74 فيلما مغربيا في أوربا، منها 25 فيلما مغربيا مائة في المائة، و14 فيلما كان المغرب هو المساهم الأكبر فيها، وقد شاهد هذه الأفلام حوالي ستة ملايين و400 ألف شخص معظمهم في فرنسا. من ناحية ثانية، شدد التقرير على الازدهار الكبير الذي تعرفه المهرجانات السينمائية في المغرب، والتي وصل عددها في سنة 2012 إلى 52 مهرجانا، مقسمة إلى مهرجانات عالمية مثل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ومهرجانات وطنية وجهوية مثل المهرجان الوطني للفيلم في طنجة، ومهرجانات موضوعاتية مثل مهرجان سينما المرأة في سلا. وبشكل عام، فإن التقرير لخص الواقع السينمائي المغربي من خلال أربع نقط: - نقط القوة والمتمثلة في ارتفاع الإنتاج ودينامية القطاع والإقبال على الفيلم المغربي من طرف الجمهور. - نقط الضعف المتمثلة في إقفال القاعات وغياب الإنتاج الخاص وغياب التكوين. - النقط التي تشكل تهديدا للقطاع، والمتمثلة في القرصنة وضعف العلاقة بين التوزيع والاستغلال، وغياب سياسة التسويق. - أما النقط المشجعة، فتتشكل في دينامية المهرجانات ودعم الدولة ومساهمة القنوات العمومية، بالإضافة إلى اتفاقيات التعاون الموقعة مع دول أخرى.
الفنانون يحتجون على مكتب حقوق التأليف خصص التقرير قسما للحديث عن الوضعية التي يعيشها المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، فبالرغم من التطور الذي عرفه هذا المكتب، فإن هناك جدلا بخصوص طريقة عمله، حيث تعرض المكتب لاتهامات من طرف مجموعة من الفنانين بدعوى عدم توصلهم بمستحقاتهم. وأكد التقرير أن العديد من الفنانين المغاربة لا يتوصلون بمستحقات حقوق التأليف بالرغم من أن أعمالهم تقدم على القنوات الإذاعية وشاشات التلفزة، وبالنسبة إلى البعض منهم تقدم أعمالهم حتى في وسائل إعلام في الخارج. وقد وقع 656 شخصا على عريضة من أجل إخضاع مكتب حقوق التأليف للافتحاص المالي، كما أنهم اشتكوا بطء الإجراءات. وحسب التقرير، فإن إذاعتين فقط، هما «هيت راديو» و«أطلنتيك راديو»، بالإضافة إلى القناة الأولى والدوزيم هي فقط التي تؤدي حقوق تأليف الأعمال التي تقدمها. وفي رده، أكد مكتب حقوق التأليف أن 2000 فنان مغربي يتوصلون بمستحقاتهم، والتي تصل سنويا إلى حوالي 140 مليون درهم.