تحتفي موسوعة "ويكيبيديا"، طيلة هذا الشهر، بعيد ميلادها الخامس عشر، بعد أن أنتجت، في ظرف 15 عاما، حوالي 36 مليون مقالة، بأزيد من 300 لغة، وتبث حاليا 7 آلاف مقال جديد في اليوم، وصارت ابتداء من سنة 2007 الوحيدة من جنسها التي تحتل المرتبة العاشرة في تصنيف المواقع الأكثر تصفحا في العالم. منذ انطلاقتها في 15 يناير من سنة 2001، كانت "ويكيبيديا" سبّاقة إلى رؤية ثلاث توجهات مستقبلية في عالم الأنترنت. وتتمثل هذه التوجهات، حسب موقع "ذي إيكونوميست"، في رصد القائمين عليها الاستعداد الكبير الذي يبديه الناس للمشاركة في المنتديات العالمية دون مقابل، وثانيا في اتجاه اقتصاد المعرفة نحو المنصات الرقمية (سنة 2012 توقفت موسوعة بريطانيكا عن إصدار نسختها المطبوعة وانتقلت إلى الرقمي)، وثالثا الآثار الإيجابية للتشبيك الاجتماعي على أداء شركات التكنولوجيا الحديثة. وبعد بدايات واجهت فيها انتقادات كثيرة، فرضت الموسوعة نفسها كسلطة معرفية لها ثقلها، إن لم يكن لدى النخب فعلى الأقل لدى عامة الناس. وأشارت صحيفة "ذي إيكونوميست"، في هذا السياق، إلى أن القائمين على الموسوعة اكتشفوا، العام الماضي، قيام مجموعة من مستشاري نواب الكونغرس الأمريكي بتحرير السير السياسية لرؤسائهم على صفحاتها، خاصة بحذف التفاصيل التي تتضمن انتقادات، قبل أن تقوم إدارة "ويكيبيديا" بمنع الحسابات التي تقف وراء هذه القضية. واعتبرت الصحيفة أن مثل هذا الموقف يدل على ما صارت تتمتع به هذه المبادرة المعرفية من سلطة رمزية في تدوين التاريخ المعاصر. وشكلت سنة 2006، حسب موقع "وايرد"، نقطة تحول عميق في فلسفة "ويكيبيديا". ففي تلك السنة، وجه الصحفي الأمريكي الساخر، ستيفان كولبورت، نقدا لاذعا للموسوعة، معتبرا أن "أي مستخدم يمكنه تغيير أي مقال، وإذا ما اتفق معه مجموعة من المستخدمين الآخرين، على قِلتهم، سيتحول المقال إلى حقيقة". وذهب كولبرت أبعد من ذلك عندما التمس من مشاهديه المشاركة في تعديل مقال بالموسوعة حول "الفيلة" بإضافة معلومات خاطئة تماما. وهو ما تم فعلا. وعلق ساخرا على هذا التمرين الجماعي "من هي (موسوعة) بريطانيكا حتى تقول لنا إن جورج واشنطن كان يملك عبيدا؟ من حقي أن أقول إنه لم يملك عبيدا قط، وبفضل ويكيبيديا صار بإمكاني تحويل رأيي هذا إلى حقيقة". تعليق كولبرت اللاذع، يضيف الموقع، لقي صداه في مؤتمر الموسوعة الذي عقد في نفس العام (أي 2006)، ليقرر ساعتها جيمس ويلز، ثاني مؤسسيّ الموسوعة، الانتقال بها من مرحلة التراكم الكمي إلى مرحلة الجرح والتعديل وفرز الغث من السمين. واعتبر موقع "وايرد" أن "ويكيبيديا" هي محاولة مستمرة لإحداث التوازن، مبرزا أنها مبادرة فعالة وديمقراطية بما أنها تسمح لعدد كبير من الناس بالمشاركة في إنتاج محتوياتها. وأكد الموقع أن ويكيبيديا إلى الآن تحسن الحفاظ على التوازن المطلوب في نشر المعرفة، ومستوى مقبول من الحيادية في المواضيع المنشورة، ما دامت مفتوحة على مختلف الآراء، وما دام الكل فيها يراقب الكل.