المغرب لا يطبع مع إسرائيل منذ سنة 2002 لكن هذه المقولة تفقد مصداقيتها أمام الأرقام التي أعلنت عنها دائرة الإحصاء الإسرائيلية، هذه الأرقام كشف أن صادرات الدولة العبرية في اتجاه المغرب بلغت إلى غاية نهاية شهر أكتوبر من هذه السنة 18 مليون دولار. وتفيد نشرة دائرة الإحصاء الإسرائيلية ،أن مجموع قيمة المبادلات التجارية المغربية الإسرائيلية فاقت 51 مليون دولار، أي ثلاثة أضعاف المستوى المسجل السنة الماضية، مما يجعل المملكة تحتل الرتبة السابعة في زبناء إسرائيل الأفارقة، بعد جنوب إفريقيا التي احتلت المرتبة الأولى برقم معاملات يقارب 340 مليون دولار، ومصر في المرتبة الثالثة ب82 مليون دولار. هذه الأرقام تشير إلى الحركة التجارية بين المغرب وإسرائيل تعرف تطورا مهما على الرغم من الدعاوى الرسمية التي تقول بأن العلاقات مع إسرائيل هي منعدمة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي يقول بأن المعاملات الاقتصادية لم تنقطع أبدا وإنما كانت مغلفة تحت العديد من المسميات فمثلا البذور المختارة لزرع الطماطم كلها تأتي من إسرائيل، كما أن القطاع الخضر والفواكه يعرف رواجا كبيرا بين المغرب وإسرائيل منذ ثمانينيات القرن الماضي ولكن مع الأسف الجميع يصمت عن هذا الأمر. هذه النتائج هي استمرار لوضع تراجع قليلا بسبب الظروف السياسية ولكنه لم يتوقف أبدا حسب أقصبي الذي فسر ارتفاع رقم المعاملات التجارية بين البلدين بكون هذه السلع كانت تدخل إلى المغرب عبر شركات هولندية وألمانية وهذا الأمر مازال مستمرا أي أن إسرائيل تستعمل شركات أوروبية وسيطة، لكن المثير هذه المرة أن إسرائيل أصبحت تعلن رسميا عن نتائج المبادلات التجارية مع الدول العربية وهذا يدل على أنها لم تعد تتحرج من الإعلان عن التعامل مع الدول العربية، لكن أقصبي نبه في الوقت ذاته إلى أن هذه الأرقام يمكن أن تستغلها إسرائيل حتى تظهر أنها أصبحت منفتحة على الدول العربية. السلع الإسرائيلية التي تدخل إلى المغرب عن طريق مدخلين الأول هو الشركات الأوروبية الوسيطة أو عن طريق التهريب، وتمس بالأساس الميدان الفلاحي وكذلك المجال المعلوميات وصناعة البرامج الإلكترونية "لذلك لا أستغرب من أن الشركات المغربية تتعامل مع شركات معلوماتية إسرائيلية لأنها جد قوية في هذا المجال لكن تبقى مسألة مبدئية ولا تخضع لمنطق الربح والخسارة". ارتفاع المبادلات التجارية مع إسرائيل جاء في ظل حكومة يتزعمها الإسلاميون الذي يعتبرون التطبيع مع إسرائيل "خطا أحمر"، تجعل البعض يتساءل عن مدى صرامة حكومة بن كيران في مراقبة جميع السلع التي قد يكون مصدرها إسرائيل أو الموجهة إلى الدول العبرية وفي هذا الصدد يقول رضى بنخلدون عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بأن هذه الأرقام إن كانت صحيحة فهي "بسبب أن السلع تأتي عن طريق دول وشركات أوروبية كما أن الشركات المتعددة الجنسية تطرح مشكلا لمعرفة بلد منشأ السلع حيث أن إسرائيل تعتبر أن هذه السلع تدخل في إطار صادراتها للمغرب وهذا الأخير يعتبر أن هذه الصادرات هي من الاتحاد الأوروبي وهذا ما يفسر ارتفاع حجم التبادل التجاري". أما عن موقف حزب العدالة والتنمية من هذا الأمر فإن الجرب يرفض التطبيع جملة وتفصيلا وهذا ما عبر عنه عبد القادر العمارة عندما كان وزيرا للصناعة والتجارة بقوله بأنه لا توجد أي مبادلات تجارية مع شركات إسرائيلية يقول بن خلدون مضيفا بأن هناك أشكالا أخرى للتطبيع وهو التطبيع الرياضي والثقافي "ونحن نتابع كل الخروقات التي يمكن أن تمس بموقف المغرب الرافض للتطبيع ونقف ضدها".