يتحدث احمد الحراق الاأستاذ الباحث في علم المجال في هذا الحوار عن التوزيع الجغرافي للدعارة في المغرب واهم خصائص المناطق التي تنتشر فيها هذه الظاهرة ماهي خصائص المجال الذي تنشط فيه الدعارة بالمغرب؟ الدعارة باعتبارها من أقدم الظواهر السوسيواقتصادية نسوية كانت أو ذكورية، في كثير من الأحيان تدير مجالا اقتصاديا واجتماعيا عشوائيا، في المغرب هناك عدة مجالات تنشط فيها الدعارة، أهمها مجالات العبور، (قروية وحضرية)، كما هو الحال في مدن الأطلس المتوسط لكونها جغرافيا معبر أساسي بوسط المغرب، وهي منطقة تتميز بنشاطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي أيضا، مما يخلق دينامية في تجارة الجنس، ثم هناك المجالات ذات الكثافة السكانية والمجالات السياحية، وهي كلها عناصر تتوفر في المناطق التي اعتادت تاريخيا على استقطاب زبناء الجنس. وغالبا تنشط هذه الدينامية في فصل الصيف، وفي المواسم والاحتفالات الترفيهية لهذه المناطق، علما أنها مناطق اشتهرت سابقا بفلكلورها ومواسمها الموسيقية، وفي هذه المجالات تبعا للمواسم تظهر فئات اجتماعية تتميز بعدم استقرارها على مهنة معينة، وتلجأ إلى عرض خدمات معينة على الزوار وحجاج المواسم، وغالبا ما تكون الوساطة أو على الأقل الإفادات حول دور الدعارة والأمكنة التي تقدم هذه الخدمات.
ماهي مميزات نمط العيش السائد في هذه المجالات؟ العلاقات الجنسية المؤدى عنها تكون علاقات تجارية سطحية، أساسها الحذر، فالعلاقة التي يحيط بها المنع القانوني ومفهوم الحرام دينيا، ومفهوم «حشومة» اجتماعيا وأخلاقيا، تكون علاقات مستترة، وتتطلب الكثير من الملحقات، وهي بالتالي تحتاج إلى شبكة من الأفراد، لتأمين العمل المرفوض اجتماعيا، والمهدد قانونيا، مع وجود بعض الحالات التي تتخذ فيها هذه العلاقات بين أطراف الدعارة من عاملة جنس وزبون ووسيط وأشخاص آخرين يقومون بخدمات موازية، طابعَ الأوامر والاستعباد، مثل الدعارة الإجبارية واحتجاز الباغية، أو قبول بعض أفراد العائلة بدعارة أخواتهن أو أمهاتهن، مقابل المال، أو حرمان بعض المنتفعين من تميز أداء الخدمات. وعموما هناك بنية متجذرة لهذه العلاقات تتشارك فيها العديد من الأطراف المستفيدة.
هل هناك من مداخل تنموية لتفكيك هذه البنيات؟ الدعارة تساهم في التنمية الاقتصادية المحلية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فالدعارة لا توجد إلا في المجال الناشط اقتصاديا وبالتالي فإنها تساهم في إعادة قوة الإنتاج السوسيومهني، إنها شكل من أشكال السياحة، ومن أجل محاربتها ينبغي إعادة تأهيل المجتمع والمجال، حتى يصبح قادرا على خلق ديناميات بديلة، وليس المقصود فقط تقديم المساعدات الاجتماعية، بل التأهيل الحقيقي اقتصاديا واجتماعيا وحتى ثقافيا، الفئات الفقيرة والتي تتعاطى الدعارة تتطلب أيضا البحث في أسباب تفشي الظاهرة ومعالجتها في المصدر، الفقر والطلاق والبطالة وغياب مجالات الترفيه، كلها مشاكل للأسف لا يتم التعاطي معها بشكل جدي في هذه المجالات، يجب أيضا إشراك السكان المحليين والذين كانوا يقتاتون من الدعارة، في خلق موارد أخرى، الأطراف والوسطاء وكل المحيط، يجب أن يؤهلوا، فإذا كانوا يمارسون البغاء، بحجة الفقر يجب محاربة هذا المبرر، وإذا كانوا يُدفعون إلى ذلك قسرا يجب توفير الأمن وهكذا، إنها مسألة مترابطة. يجب أيضا أن أشير إلى أن النظر في الدعارة يتوزع بين فريقين، فريق يرفضها رفضا باتا، وفريق يرى أنه على الأقل يجب تنظيمها، لأنها موجودة كمعطى اجتماعي حقيقي، وكخدمة اجتماعية يجب تقنينها من أجل حصرها ومراقبتها والتحكم فيها من الناحية الصحية والاقتصادية، لكن مقاربة الدولة المتلخصة في المنع من جهة وغض الطرف من جهة أخرى والاكتفاء بحملات بين الفينة والأخرى، تبقى مقاربة غير كفيلة بإيجاد حل.