أثارت دراسة حديثة لخبير اقتصادي جزائري، نقاطا سوداء عديدة بمناخ الأعمال والحكامة الاقتصادية بالجزائر، حيث كشفت الدراسة التي قام بها رفيق بوكلية، أن الجزائر لم تتمكن من تنويع صادراتها التي لا تمثل خارج المحروقات سوى 2.8% عام 2014 بمجموع 861 منتجا سنويا بين 1992 و2012، مقابل 2710 منتجا في المغرب، كما أن المواد الجزائرية غير قادرة على الاستمرار في التصدير بسبب ضعف تنافسيتها، حيث يتوفر المنتج الجزائري على 32% من فرض التصدير لأزيد من عام مقابل 60% للمنتج المغربي. الدراسة التي قدمت في أشغال «يوم المؤسسة الجزائرية» الذي عقد بالعاصمة الجزائر الثلاثاء المنصرم، وغاب عنها وزراء الحكومة الجزائرية، بحسب مصادر إعلامية محلية، كشفت عن حقائق صادمة، وخاصة في الشق المتعلق ببعض السياسات الاقتصادية التي تشرع سنويا من خلال قوانين المالية، على غرار اللجوء إلى رفع الضريبة على أرباح شركات قطاع الخدمات إلى 26%، بدون النظر إلى العواقب الوخيمة التي سيخلفها القرار على القطاع الأكثر خلقا للثروة والقيمة المضافة في البلاد والأكثر تشغيلا كما أنه يمثل 64.5% من الثروة. وأشار بوكلية إلى التراجع الحاد للمؤشرات المالية للاقتصاد الوطني بين يونيو 2014 ويونيو 2015، حيث تراجعت الجباية البترولية من 1870 مليار دينار جزائري إلى 1254 مليارا، بخسارة قدرت ب616 مليارا، فيما بلغ العجز الإجمالي للخزينة ب439 مليار دينار، وسجل صندوق ضبط الإيرادات أكبر تراجع له منذ تأسيسه حيث فقد 1714 مليارا، بعد أن تراجع من 5155.9 مليارا إلى 3441.3 مليارا في ظرف سنة واحدة. وسجل الميزان التجاري أكبر عجز منذ سنوات طويلة، إذ قدر العجز ب10.49 مليار دولار، منتقلا من فائض عند 2.31 مليار دولار في يونيو 2014 إلى عجز ب8.18 مليار دولار نهاية يونيو الماضي. وتطرق بوكلية من خلال الدراسة، التي نشرت على نطاق واسع في مختلف الوسائل الإعلامية، إلى المحيط الدولي الذي تميزه الصدمات القصيرة المدى والتحولات الطاقية، كما عرض تشريحا هيكليا للاقتصاد الوطني بين 1977 و2014 وانعكاسات التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني على الإنتاجية الإجمالية للاقتصاد، ومستوى التصنيع، وتراجع تغطية الإنتاج الوطني لحاجات السوق المحلية، فضلا عن تنويع الصادرات. احتياطات الصرف هي الأخرى لا تبعث على التفاؤل إطلاقا، بحسب ما جاء على لسان خبير اقتصادي آخر حضر للقاء، والذي كشف بالأرقام أن احتياطات الجزائر من العملة الصعبة هوت بحدة خلال الفترة ما بين يونيو 2014 ويونيو 2015 من 193.3 مليار دولار إلى 159 مليار دولار، أي بتراجع قدره 34 مليار دولار في ظرف سنة واحدة وهذا للمرة الأولى منذ 2000. كما فقدت العملة الوطنية الدينار 22% من قيمتها خلال الفترة نفسها مقابل الدولار و0.6% مقابل العملة الأوروبية الموحدة. في المجال الصناعي انتقدت الدراسة النتائج التي تحققت، حيث وصفتها بأنها لم تبلغ معايير التصنيع مقارنة مع دولة تتشابه حالتها مع الاقتصاد الجزائري بما فيها الاقتصاديات النفطية، إذ سجلت البلاد تمركزا قويا حول قطاع المحروقات. وحذرت الدراسة من العواقب الوخيمة لنمو الواردات في الفترة 2000 إلى 2013، والتي لا تتناسب مع نمو الناتج الداخلي الخام وهو ما يعكس تراجعا حادا في معدل تغطية الإنتاج الوطني لحاجات السوق الداخلية. وكشفت الدراسة، أيضا، عن أرقام خطيرة للاعتماد شبه المطلق على الخارج بالنسبة إلى تطور الناتج الداخلي الخام.