خصصت كل الجرائد الإيطالية الصادرة، في اليومين الأخيرين، حصة الأسد في كل صفحاتها لتحليل موضوع الإعتداءات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس،0. وبالإضافة الى التنديد بما وقع والتضامن مع الفرنسيين في محنتهم، اثارت الصحف الإيطالية النقاش حول العبر التي يمكن استخلاصها من الواقعة المأساوية لتفادي الوقوع في موقف مماثل في إيطاليا، خاصة وأن هذا البلد يوجد ضمن اللائحة التي وردت في الفيديوهات التهديدية التي تنشرها "داعش". وفي غمرة النقاش الدائر في إيطاليا حول تراجيديا باريس، وُجهت أنتقادات شديدة لجريدة "ليبيرو" اليومية بسبب عددها ليوم أمس السبت، والتي كتبت في افتتاحيتها بعنوان عريض "BASTARDI ISLAMICI ".واعتبرت جهات كثيرة عنوانها مهينا للديانة الإسلامية ومحرضا على الكراهية ضد المسلمين. وتعتبر "Bastardi "في اللغة الإيطالية جمع لكلمة "Bastrdo " التي تعني لغويا، إذا أُلصقت بالبشر،"لقيط" أي الإبن غير الشرعي أو الإبن غير المعروف الوالدين أما "Islamici " فتعني "الإسلاميون". وبالجمع بين الكلمتين يمكن ترجمة عنوان الصحيفة الإيطالية المثير للجدل ب "اللقطاء الإسلاميين" أو "لقطاء الإسلام"، وهو عنوان إعتبرته أوساط كثيرة عنوانا مستفزا ومخجلا، فيما إعتبره "ماوريسيو بيلبييترو" كاتب المادة ورئيس تحرير الصحيفة والوجه التلفزي المعروف، عنوانا عاديا وهو أقل وصف يمكن إطلاقه على هؤلاء الإرهابيين، على حد تعبيره. ويمكن القول ان نفس إفتتاحية "ليبيرو" أشفت غليل اليمين المتطرف بإيطاليا، حيث سارت في نفس نهج موقفه من الإسلام والمسلمين، وتم تداول الإفتتاحية على صفحة حزب "رابطة الشمال" في موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك، وهو الحزب الذي يترأسه "ماتيو سالفيني" الذي زار المغرب مؤخرا، وتم استقباله من طرف سياسيين مغاربة. أما "روبيرطو ماروني رئيس جهة لومبارديا، والرجل الثاني في الحزب العنصري، فقد قال معلقا على العنوان المثير لكل هذا الصخب : "إنه توليفة مثالية". وبعد الصخب الذي أحدثه عدد يوم السبت، جاءت إفتتاحية اليوم من الجريدة الإيطالية لتوضيح القصد بعنوان الامس، إذ كتب "بيلبييترو" رئيس تحرير الصحيفة، في الصفحة الأولى دائما، بانه لم يقصد كل المسلمين بوصفه، بل يقصد فقط من قام بذاك الفعل الإرهابي، مضيفا ان نفس النعت كان سيطلقه على المعتدين حتى لو كانوا مسيحيين. غير أن الامور لن تنتهي بالتأكيد عند هذا التوضيح، وستكون الجريدة، في شخص رئيس تحريرها، ملزمة بمواجهة دعوى قضائية أمام محكمة ميلانو بتهمة "إهانة أحد الديانات بشتم معتنقيها"، وهي التهم المنصوص عليها في المادة 403 من القانون الجنائي الإيطالي. كما اعتبر المدّعي أن الإفتتاحية خرق سافر للقانون 205 الذي صدر سنة 1993، والمسمى "قانون مانشيني"، والذي يمنع التمييز على أساس ديني أو عرقي. وقام برفع الدعوى القضائية ضد الصحيفة الإيطالية صحفي يدعى "نوغارا نوتاريانّي طوامّوزو"، هذا الأخير إعتبر في تصريحات لجريدة "إيل فاتّو كوتيديانو" أن "عنونا كالذي كتبته ليبيرو في صفحتها الأولى يعتبر فعلا جنائيا خطيرا .." فهناك قوانين، يضيف المصدر، تنظم مهنة الصحافة وحرية التعبير، وتمنع التحريض ضد الآخرين بسبب ديانتهم. من جهة أخرى، إستغرب المتحدث ذاته إصرار فريق عمل الصحيفة على نشر المادة بنفس العنوان، لاسيما وأن موجة إدانة نالته في مواقع التواصل الإجتماعي عندما تم تسريبه في ليلة 13 نونبر، إذ "ظننا أن الجريدة ستغيره، لكنها أصرت على نشره بنفس الصيغة". وفي تطور جديد لضجة عنوان الجريدة الإيطالية أطلق الصحفي "إيفو ميي" من القناة التلفزية الإيطالية "LA 7" عريضة تطالب بالتشطيب على إسم الصحفي "ماوريسيو بيلبييترو" من هيئة الصحفيين الإيطاليين. وهي عريضة وصل عدد الموقعين عليها حتى صباح اليوم أزيد من 16 ألف شخصا. حري بالذكر أنه لحد الساعة، لم تقم أي من الجمعيات الإسلامية التي تمثل المسلمين بإيطاليا بالتنديد بما قامت به هذه الجريدة وبما استنكره جزء واسع من الرأي العام الإيطالي.