"بعد قيامي بأدوار ثانوية لمدة طويلة، حصلت على أول دور في فيلم طويل، كان أفضل يوم في حياتي سأقف أخيرا أمام مخرج موهوب وشهير، وسأوصل حكاية فتيات صغيرات عشت معهن، حلمن بلقاء رجل ثري ينتشلهن من فقرهن، فبدأن في الخروج كل ليلة لإيجاده، لكن في أحد الأيام يكتشفن أنهن أصبحن عاهرات"، بهذه العبارات افتتحت لبنى أبيضار حديثها مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، وعادت بالزمن إلى الوراء لرواية تفاصيل ما جرى لها منذ أن حصلت على دور في الفيلم المثير للجدل "الزين لي فيك". أبيضار التي غادرت أرض الوطن صوب فرنسا، قالت إنها لم تعد تستطيع أن تعيش في خوف دائم، "قررت مغادرة وطني الذي أحب حيث تقبع ذكرياتي، لكني لم أعد أتحمل هذا الوضع"، و"أعلم أن هؤلاء يهاجمونني لأني امرأة متحررة، وهناك شريحة كبيرة في المجتمع المغربي يزعجهم هذا النوع من النساء، كما يزعجهم المثليون ورياح التغيير أيضا، إلى هؤلاء أتوجه بكلامي اليوم وليس فقط أولئك الذين اعتدوا عليّ"، على حد تعبيرها. وعادت بطلة "الزين لي فيك" بذاكرتها إلى الوراء وسردت كيف اجتاحتها سعادة عارمة لمّا اختير الفيلم في مهرجان "كان" الدولي، لكنّ الأمور سرعان ما انحرفت نحو الأسوء حينما سرت موجة عارمة من الحقد في المغرب، ما دفع وزير الاتصال لمنع عرضه في البلاد علما أنه لم يشاهده من قبل، "لقد أزعجهم الفيلم لأنه يتحدث عن الدعارة، ولأنه يعطي الصوت للنساء المهمشات في المجتمع، السلطات منعته لأنه يعكس صورة سيئة عن المرأة المغربية، في حين أن بطلات العمل كن مليئات بحب الحياة والقتال للوجود والاستمرار، وتجمعهن روابط حميمة"، تقول أبيضار. الممثلة المغربية، عبّرت بحسرة عن حجم المعاناة التي مرّت منها خلال موجة الكراهية والحقد التي استهدفتها ونبيل عيوش، لما أصبح الفيلم حديث كل الألسن، وذكرت المتحدثة "بات اسمي مقترنا ب"العاهرة الوضيعة"، وبتُّ عارا على النساء المغربيات، أتوصل أسبوعيا بتهديدات بالقتل، الكثيرون من أصدقائي أدارو ظهرهم لي وقليلون فقط ظلوا إلى جانبي، كنت أبقى أسابيع حبيسة البيت، لم أكن لأتجرأ على الخروج، وحتى إن اضطررت فإني أفعل ذلك سريعا ومتخفية ب"البرقع"". لكن وفي الأيام الأخيرة بعدما خفتت الأضواء عن أبيضار وخفّ الحديث عنها، قررت الخروج في مدينة الدارالبيضاء بوجه مكشوف، لكنها فوجئت بثلاثة شبان مخمورين ألقوا نظرة وتعرفوا عليها ثم حملوها في سيارتهم وانطلقوا، "أشبعوني ضربا على وجهي وجسمي وكالوا إليّ السباب والشتائم، لكني ورغم ما حدث فأنا محظوظة لأن آخرين ما كانوا ليترددوا في قتلي". "كانت تلك ليلة فظيعة، توجهت نحو مصالح الشرطة وإلى مصحات لتلقي العلاج، وكانوا كلهم يستهزئون مني، إلا طبيبا واحدة قبِل أن ينقذ وجهي، كنت خائفة من أن يظل وجهي مشوها وعلامات الاعتداء واضحة، وأن يمنعني هذا من الاستمرار في مهنتي"، ثم أضافت "كل هذا الحقد هو على عمل لم يشاهدوه، إنها كراهية يغذيها المحافظون وشبكات التواصل الاجتماعي المستمرة في صناعة العنف".