ما تزال ذكرى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي عززت فحوص طبية مؤخرا فرضية ان يكون مات مسموما, تخيم بشدة على المشهد السياسي الفلسطيني المنقسم وعلى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي رغم مرور تسع سنوات على رحيله. ولم تسمح حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة باحياء الذكرى التاسعة لوفاة عرفات بسبب خلافات مع حركة فتح في غزة على الترتيبات. واطلقت حركة مجهولة تطلق على نفسها اسم "تمرد" دعوة للتظاهر ضد حماس في هذه المناسبة مستلهمة من الحركة المصرية التي ادت الى خلع الرئيس المصري الاسلامي محمد مرسي ولكنها لم تنجح في غزة حيث لوحظ وجود مكثف لقوى الامن. واحتجزت قوات الامن في غزة عددا من الصحافيين لوقت قصير من بينهم مصور فيديو يعمل في وكالة فرانس برس كان يقوم بمقابلات مع السكان. وفي الضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية, تعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة مسجلة مساء الاحد في ذكرى وفاة عرفات "بالبحث عن الحقيقة كاملة مهما كانت التعقيدات والعقبات". وقبل ايام, خلصت تقارير طبية سويسرية وروسية الى وجود كميات غير طبيعية من مادة البولونيوم 210 في رفات الرئيس الفلسطيني الراحل. وقال رئيس اللجنة الطبية في لجنة التحقيق الفلسطينية عبد الله البشير الجمعة ان التقارير السويسرية والروسية حول عينات رفات عرفات تؤكد انه "لم يمت بسبب تقدم السن, ولم يمت بسبب المرض بل مات مسمما". وكتبت معلقة في صحيفة الشرق الاوسط العربية الاسبوع الماضي انه "لبعض الموتى من السطوة والحضور احيانا ما ليس لأصحاب السلطة والنفوذ من الأحياء". واشارت الى ان عرفات "قادر من قبره على اثارة كثير من الغبار في لحظات حساسة وحرجة" في اشارة الى تصادف زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى المنطقة في محاولة لانقاذ مفاوضات السلام المتعثرة. واكد كيري انه يجب حل قضيتي المستوطنات والاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية والا "سيكون هناك شعور متعاظم (لدى الفلسطينيين) بانه لا يمكن التوصل الى سلام بوجود قيادة ملتزمة بعدم استخدام العنف ويمكن ان نجد انفسنا مع قيادة (اخرى) تنخرط في العنف". واتهمت كل من الحكومة الاسرائيلية والادارة الاميركية في حينه عرفات بالمسؤولية عن اعمال العنف في الانتفاضة الثانية التي انتهت في عام 2005 بعد اشهر من وفاته. واشارت صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن بعد صدور تقرير الخبراء انه "بعد مرور تسع سنوات على اغتيال عرفات الذي اعتبرته اسرائيل عقبة بطريق السلام لم يتغير اي شيء على الارض, وان الاوان لاسرائيل ان تفهم ان الثوابت الوطنية الفلسطينية التي تمسك بها عرفات لن يتنازل عنها اي فلسطيني". ودعت حركة حماس استنادا الى النتائج الطبية السلطة الفلسطينية مرة اخرى الى وقف المفاوضات والى "أتخاذ اجراءات حاسمة لكشف من تورطوا في هذه الجريمة". من جهته, اكد رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية توفيق الطيراوي في مؤتمر صحافي في رام الله الجمعة ان "اسرائيل هي المتهم الاول والاساسي والوحيد في قضية اغتيال ياسر عرفات". واكد الطيراوي ردا على سؤال لوكالة فرانس برس, ان "فرنسا تعرف الحقيقة كاملة وتعرف كل المعطيات حول استشهاد عرفات" موضحا انه واثق من ضلوع اسرائيل نظرا الى طبيعة البولونيوم المعقدة وتصريحات المسؤولين الاسرائيليين في تلك الفترة التي اعربت عن رغبة في التخلص من عرفات. وتوفي عرفات عن 75 عاما في 11 نوفمبر 2004 في مستشفى بيرسي دو كلامار العسكري قرب باريس حيث نقل في نهاية اكتوبر على اثر معاناته من الام في الامعاء من دون حمى, من مقره برام الله حيث كان يعيش محاصرا من الجيش الاسرائيلي منذ كانون دجنبر 2001. وجرت التحاليل الفرنسية بناء على قضية فتحت في فرنسا عام 2012 بتهمة الاغتيال بموجب شكوى رفعتها ارملة عرفات سهى. وقبل عشرة ايام من زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المرتقبة الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية, اوضحت الخارجية الفرنسية ان السلطات القضائية "لديها الصلاحيات بخصوص هذه القضية" مشيرة الى "انها هي من يقرر نقل الملفات وليست السلطة السياسية". اما مدعي الجمهورية في نانتير روبير جيلي فافاد فرانس برس ان القضاء لم يتلق بعد هذا التقرير.