أثارت دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى المساواة بين الرجل والمرأة، في توصية عقب دراسة حول «المساواة والمناصفة»، نشرها أول أمس، جدلا واسعا بين علماء الدين. ففي الوقت الذي اعتبر أحمد الخمليشي، مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية، في تصريح ل«أخبار اليوم»، أن موضوع الإرث في الإسلام يحتاج إلى ندوات ومحاضرات، وكذلك إلى الإدلاء بنصوص شرعية طويلة لا يمكن اختصارها في جمل قصيرة، وهو ما زكاه، أيضا، فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، الذي رفض الإدلاء برأي الجماعة بخصوص التوصيات الصادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قائلا: «المسألة أكبر من التعبير عن موقف الجماعة بخصوص هذه التوصيات، لذلك يجب الدخول في نقاش فقهي أصولي، يهم ما هو شرعي وليس مجرد موقف سياسي". مقابل ذلك، أدان الشيخ السلفي محمد الفيزازي توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤكدا أن هذه التوصيات هي تطاول على الدين الإسلامي، وعلى المجلس العلمي الأعلى، الذي يرأسه الملك محمد السادس، وتطاول على كتاب الله عز وجل، وجهل بسماحة الشريعة الإسلامية، وتحد للإسلام في عقر دار الإسلام. الفيزازي قال، في تصريح ل«أخبار اليوم»، إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ليس من شأنه الحديث في الإرث، ولا يجوز لإدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، التدخل في الشريعة الإسلامية وهو ليس رجل شريعة، مشيرا إلى أن الدولة لها مؤسسات، ولابد من احترام تخصصات كل مؤسسة على حدة". ولم يستبعد الفيزازي أن تطبق مثل هذه التوصيات ذات سنة بالمغرب، مثل ما حدث بخصوص حرية زواج المرأة بمجرد بلوغها سن 18 سنة، رغم عدم موافقة ولي أمرها، مؤكدا أن المجتمع المغربي واعي بحدود الله، وأن هذه التوصيات تبقى مجرد قوانين لا يأخذ بها المغاربة على محمل الجد. وطالب الفيزازي من المجلس العلمي الأعلى عدم الالتفات لمثل هذه التوصيات، التي اعتبرها مجرد هراء وأشياء لا تدخل العقل ولا إلى القلب، مؤكدا أن الإرث بين الرجل والمرأة حسم فيه القرآن ولا يقبل الاجتهاد. يذكر أن المجلس الأعلى العلمي أشار في «الفتاوى» المنشورة في كتاب أعدته الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء، والممتدة في الفترة بين 2004 و2012، إلى أنه "لا مجال للرأي في طلب التسوية بين الرجل والمرأة في الإرث". وشددت «فتوى» المجلس العلمي الأعلى المذكورة على أنه «لا اجتهاد مع وجود النص كما هو مقرر في القاعدة الأصولية الفقهية عند علماء الشريعة»، رافضة مطالب المساواة في الإرث بين الذكر والأنثى، ومستدلة بنصوص دينية من القرآن والسنة، منها قوله تعالى «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين».