نجاة الهاشمي كاتبة مغربية مقيمة في برشلونة تنحدر من الشمال المغربي، انتقلت إلى إسبانية في سن ال8، قبل أن يسطع نجمها في سماء الأدب الكاتالوني بإصدار رواية «البطريق الأخير» التي نالت على إثرها جائزة «رامون لولو»، وهي رواية تتحدث عن الصراع بين أب سلطوي وابنة ترعرعت في مدينة كتالونيا. كما صدرت لها رواية ثانية تحت عنوان: «قناصة الأجساد». شغفها بالكتابة عن المهاجرين المغاربة بإسبانيا حملها إلى إصدار رواية ثالثة موسومة ب»الابنة الأجنبية»، تحكي هذه المرة عن توتر بين أم وابنتها. أين نصف عملك الأخير؟ هل هو عمل إبداعي أم سيرة ذاتية أم شيء آخر؟ قبل كل شيء هو عمل روائي. نيتي لم تكن الكتابة عن تجربتي الشخصية، بل استغلال ما لدي من رصيد لأضع نفسي مكان كل الفتيات اللواتي يوجدن في بداية مرحلة البلوغ. واللواتي وجب عليهن اختيار الحياة التي يرغبن فيها، مما يجعلهن يدخلن في مسلسل من التفاوض بين أصلهن وما يرغبن القيام به. لا تتحدثين عن علاقة أم ببنت مجردة، بل عن أم وابنة في وسط محدد (ملموس)؟ كنت أرغب في بلورة هذه العلاقة من خلال الواقع الذي أعرفه، أي النساء الأمازيغيات في وضعية محددة. لو أن كاتبة كتالونية كتبت ثلاثة كتب (مدنية) أبطالها من برشلونة، لا أحد كان سيعقب. لكن أن تكتبي من جديد حول الشباب المغاربة المهاجرين في كتالونيا، سيقولون إنك مازلت تجترين المواضيع نفسها؟ بخصوص ما قلت يمكن أن يُقال عنه الكثير. إذ في مشهد من العالم، يمكن أن يحدث أي شيء. إذا قالوا لك إنك تكتب دوما الشيء نفسه لأن المشهد والشخوص لم تتغير، ففي ذلك نوع من الاحتقار لعمل الكاتب نفسه. أيضا، هو مكانيزم لرفض كل ما هو مختلف، ما نعتبره أجنبيا أو غريبا عن أدبنا. أنا أيضا كنت أؤمن بذلك لفترة وجيزة، أي أنني سأكون كاتبة عادية إذا ما كنت أكتب فقط، عن الأوضاع العادية. كما أنني لم أكن أدرك فخ الذين كانوا يقولون لي إنني سأكون كاتبة جيدة عندما أقدم على الكتابة من منظور الرجل الأبيض. هناك الكثير من الروايات المكتوبة وأبطالها رجال بيض من الطبقة الوسطى في الأدب الكتالوني، بصفة عامة، هناك ميل إلى تعتيم الأشياء حسب الواقع الذي نتطرق إليه. لكنني لا أهتم بذلك كثيرا، فأنا أرغب في الكتابة عن النساء المغربيات، وعن أشياء مرتبطة بالهوية والنوع (الجنسين). لن أتنكر لأصلي ككاتبة. عشت الكثير من الأحداث التي أعتقد أنها جد مهمة لي أدبيا. يتجلى هذا بوضوح في روايتك الثانية «قناصة الأجساد».. الرواية الثانية هي بمثابة رد على الذين يقولون إنه إذا لم أستعن بشخوص من هنا لن أكون كاتبة جيدة. على الرغم من أنني كنت في حاجة إلى وضع مسافة بيني وبين الرواية الأولى «البطريق الأخير»، الإعصار الذي اجتاحني في غفلة مني. في حالة البطلة، الحجاب فرض عليها من قبل الأسرة، وهو بمثابة قفص. هل الأمور هكذا دوما؟ أم في بعض الأحيان فقط؟ في بعض الأحيان تفرضه الأسرة، وفي أحايين أخرى، يتم بضغط من المجتمع. هناك بعض الفتيات اللواتي لديهن علاقة هوياتية بالحجاب، وليست دينية. لكن عندما يصبح مشكلا، فالحل لا يأتي من خلال وضع كل الجالية في قفص الاتهام، وأخذ ذلك ذريعة للممارسة العنصرية ضد كل الجالية. الجميع يطلب منك إعلان القطيعة مع كل هذا من خلال المواجهة مع الأسرة. لكن ما هو البديل الذين يطرحونه أمامك؟ تشتكي البطلة من أنه في المقابل يتركونها معلقة.. عندما كنت أقطن في غرانوييرس (ضواحي برشلونة) كنا نرى ذلك. نساء كان لديهن حق الإقامة مرتبط بأزواجهن ولا يسمح لهن بالعمل، كما كن يعانين من العنف دون القدرة على القيام بأي شيء غير الرضوخ لأمر الواقع. في هذا الوضع من الصعب عليهن رفع شكوى. لقد تم أخذ هذا بعين الاعتبار في التغييرات التي طرأت على قانون الأجانب، لكن الإجراءات التي يتم تتبعها لتقديم الشكوى طويلة وصعبة التحمل. مما يجعلهن يتوقفن في نصف الطريق. هل تعتقدين أن وضع المرأة أكثر سوءا هنا في برشلونة؟ أجل. لأن المرأة تحولت إلى ضامن للحفاظ على القيم التقليدية. بنات أعمامي وأخوالي في المغرب لديهن حرية أكثر مني أنا التي هنا في برشلونة. هناك يشعرن بالثقة في الوسط الذي يعشن فيه، على العكس من هنا. بتصرف عن «ألبيريوديكو»