كيف تتبعت رد فعل المغرب تجاه السويد؟ هناك مستويان لفهم ما يجري مع السويد. أولا، ما تقوم به السويد تجاه المغرب والوحدة الترابية ليس جديدا ولا مفاجئا. السويد دولة اسكندنافية لها موقف مناوئ للوحدة الترابية منذ مدة. ثانيا، السؤال الصعب هو هل يمكن للمغرب أن يقنع الدول التي تناوئ وحدته الترابية بمصداقية أطروحته؟ في كثير من الأحيان عندما نحلل الظواهر الدولية يغيب عنا أننا لسنا وحدنا من نتحرك في الساحة، وبالتالي ليست لنا عصا سحرية لنؤثر بها على الدول. هناك خصوم للمغرب يتحركون أيضا في الساحة الدولية، ولهم استراتيجيتهم. بالنسبة إلى الدول الاسكندنافية ومنها السويد، يجب أن نعرف ما هي محدداتها ومنطقها. فهذه دول كانت دائما معروفة بحيادها وبغياب مشروع جيوسياسي لديها، ولهذا فهي لا تدرك الصعوبات الجيوسياسية، وتحاول التحرك بمنطق قيم حقوق الإنسان. هل تتوقع أن تكون هناك نتيجة للتصعيد المغربي؟ من الصعب الآن الاعتقاد أن تصعيد الموقف من شأنه أن يخلق حالة جديدة. فالبوليساريو وأنصارها يخترقون فضاءات الدول الاسكندنافية. والتخوف الكبير هو أن ينتقل موقف السويد ليشمل باقي الدول الاسكندنافية. هناك من يرى بأن الدبلوماسية المغربية تعاني من أعطاب وتتحرك في آخر لحظة باعتماد أسلوب الحملات؟ بصراحة ليست لي المعطيات لأحكم على الدبلوماسية المغربية بأنها تعاني من أعطاب، لكن يمكنني القول إنه لابد من تقييم مستمر للسياسة الخارجية أمام المؤسسات وخاصة البرلمان. فالسياسة الخارجية تعتبر شكلا من أشكال السياسات العمومية التي تخضع لمراقبة البرلمان. هذا لا يعني أننا إذا قمنا بالتقييم فإن الدبلوماسية المغربية ستنجح 100 في المائة، لكن إذا قمنا بالتقييم فسوف نحسن الأداء. لابد من استراتيجية وتحرك جيد، ولو أنه متأخر. لماذا لا يقوم البرلمان بتقييم السياسة الخارجية؟ الدستور وسع اختصاص البرلمان في مجال السياسة الخارجية، لكن لا أرى آليات وأدوات للبرلمان في مجالس السياسة الخارجية. أيضا لابد من عدم التوجه إلى استنتاجات عامة عند الحديث عن أعطاب الدبلوماسية المغربية. لكن ما يجب فعله هو إجراء تقييم للوقوف على أوجه التقصير في التعامل مع الملفات، ولابد من اعتماد سلم تنقيط حول ما قمنا به وما لم نقم به. وبحكم تتبعي للسياسة الخارجية المغربية ألاحظ أحيانا تقييمات منفعلة لا أساس لها، ويعوزها الإدراك، لأن المحيط الدولي معقد، وفيه الخصوم يتحركون أيضا بدعم دول مثل الجزائر. والفضاء الاسكندنافي على الخصوص مثل الدول الانغلوساكسونية، يخترقه المجتمع المدني بشكل كبير، ولهذا فإن السؤال المطروح اليوم هو كيف يمكن أن نجعل السياسة الخارجية في قلب التحولات التي أتى بها الدستور وأعطى فيها مكانة للمجتمع المدني. من المعروف أن السويد كانت تتحرك في الأممية الاشتراكية ضد قضية الصحراء، وأن المجتمع المدني هناك يضغط على الحكومة. لهذا لابد من تحرك يوقف النزيف لأن الفضاء الأوروبي ليس هو الفضاء الإفريقي. * أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط