على غرار بعض الدول التي لها تاريخ في ظاهرة الهجرة، والتي تنتقل جنسيتها إلى كل المزدادين فوق أراضيها بشكل أوتوماتيكي كفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، يبدو أن إيطاليا تسير في هذا المنوال إذ أن نقاشا فُتح في البلد حول منح الجنسية لآلاف المزدادين على أراضيها من أبناء الأجانب المقيمين فيها إستناذا إلى ما يصطلح عليه باللاثينية "ius solis " أو "حق المواطنة بالولادة". مشروع القانون أو "المولود الجديد"، الذي يقنن منح الجنسية بالولادة لم يخرج إلى الوجود إلا بعد مخاض عسير ذلك أن عراقيل كثيرة إعترضته تمثلت في عدم الإتفاق على صيغة توافقية بخصوصه واستغرقت مناقشته وقتا طويلا و عشرات الجلسات ، قبل أن يتنازل الحزب الديمقراطي ، الذي تقدم بالمقترح عن طريق ممثلته ماريلينا فابري ،عن ضم بعض البنود لكي يُرضي حزب "يمين الوسط الجديد NCD " حليفه في التحالف الحكومي. المشروع تم تدارسه في "لجنة الشؤون الدستورية" وقد تم الإتفاق على خطوطه العريضة بين الإحزاب المشكلة للإئتلاف الحاكم في البلد ، وتسير إيطاليا في اتجاه تغيير وتعديل قانون منح الجنسية الذي يحمل رقم 91 ، الذي يعود آخر تعديل طرأ عليه إلى يوم 5 فبراير 1992. ومن أبرز ما جاء في الوثيقة التي تمثل الأرضية التي تم التوافق بشأنها أنه سيحصل على الجنسية الإيطالية من توفرت فيه الشروط التالية : 1*كل مزداد فوق أراضي الجمهورية الإيطالية من والدين اجنبيين شريطة أن يتوفر أحدهما على رخصة الإقامة الدائمة (Carta di soggiorno ) ، بالإضافة إلى ولوج المعني المدارس الإيطالية للسنوات الخمس الأولى من التعليم الإبتدائي والنجاح في سنته الأخيرة. ووجهت إنتقادات من طرف النقابات إلى إشتراط رخصة الإقامة الدائمة لأحد الأبوين لأن ذلك سيقصي أطفالا كثيرين بالنظر إلى الشروط الصارمة في الحصول أيضا على هذه الرخصة والتي من أهمها الإقامة في البلد لأزيد من خمس سنوات إضافة إلى إجتياز إختبار في اللغة بنجاح ثم التوفر على دخل سنوي يكفي للتكفل بالعائلة. 2*من إنتقل للعيش في إيطاليا قبل سن 12 سنة وبعد ولوجه بشكل منتظم وغير متقطع للمدارس الإيطالية أو معاهد تابعة للنظام التعليمي العمومي الإيطالي أو معاهد التأهيل المهني لمدة خمس سنوات . 3*بالنسبة لمن إنتقل للعيش في إيطاليا بين 12 و 18 سنة فيجب أن يقيم في البلد لمدة ست سنوات ويتمَّم فيها سلكا دراسيا كاملا بنجاح . وستبدأ مناقشة مشروع القانون بمجلس النواب اليوم( 28 شتنبر 2015 ) ويُرتقب أن يعرف نقاشا حاميا ولا يُستبعد أن تُجرى عليه تعديلات جديدة لإرضاء أطراف أخرى .وفي حالة المصادقة عليه سيمر إلى مجلس الشيوخ في مرحلة لاحقة ، ولن يصير ساري المفعول إلا بعد المصادقة عليه من قبل غرفتي البرلمان وبعد نشره في الجريدة الرسمية. ولم يكن إثارة نقاش الجنسية في مجتمع يتوجس من الهجرة والمهاجرين ويعاني مشاكل مرتبطة بالموضوع من خلال تدفق الآلاف نحوه كل عام ، ليمرّ دون إثارة زوبعة فالأحزاب اليمينية إستغلت النقاش لأجل توجيه إنتقاداتها للحكومة حول طريقة معالجتها للهجرة ، كما رأت في القانون تخلي عن المشاكل الأساسية للإيطاليين للبحث عن الأصوات وسط المهاجرين.بالمقابل رحبت أطراف عديدة بالمبادرة التشريعية التي ستنهي جدلا دائرا في إيطاليا بخصوص أطفال يعدون بالملايين كبروا وترعرعوا وازدادوا بالبلد ويتقنون لغته ويعدّون إيطاليون في الواقع لكنهم ليسوا كذلك في الوثائق الرسمية. خالد شوقي ، النائب البرلماني من أصل المغربي ،عبر عن إرتياحه بمرور القانون للمناقشة في البرلمان و أكد أن "التعديل مهم جدا للبلد الذي سيعترف بحق الجنسية لمليون طفل إيطالي جديد". بالمقابل عبّر "رابطة الشمال " اليميني المتطرف على لسان ماتيو سيلفيني أمينه العام عن رفضه لمشروع القانون وبأنه سيعترض عليه بكل ما أوتي من قوة : " سنضع في وجه مشروع القانون عراقيل ومتاريس كبيرة ً لتفادي أن تصبح إيطاليا إفريقيةً.." حري بالذكر أن إحصائيات وزارة التعليم الإيطالية للسنة الماضية (2014) تشير إلى أن عدد الأطفال ، من أصل مغربي ، الذين يلجون المدارس الإيطالية يزيدون عن 100 ألف طفل غالبيتهم مزدادون في إيطاليا غير أن أغلبهم غير حاصلين على الجنسية الإيطالية باستثناء نزرٍ قليل تجنّس عن طريق والدته أو والده بعد مساطر طويلة ومعقدة وبعد الإقامة لعشرة سنين وبشكل قانوني في البلد.