يبدو أن الصمت الرسمي المطبق فيما يخص كشف مصير الأشخاص المفقودين في حادث تدافع مشعر منى، الذي راح ضحيته 769 حاجا، دفع العديد من المغاربة إلى طرق أبواب الصفحات الفيسبوكية لنشر صور ذويهم مع أرقامهم الهاتفية، علّهم يجدون من ينتشلهم من دوامة ترقب مصائر أقربائهم. الجهات الحكومية، بما فيها وزارتي الأوقاف والشؤون الإسلامية، والخارجية والتعاون، ظلت طوال الأيام الماضية ملتزمة الصمت وممتنعة عن توضيح الصورة حيال عدد المغاربة ضحايا التدافع، بينما أعلنت دول عربية وإسلامية عدد قتلاها ومصابيها، وذلك إلى أن خرج الديوان الملكي ببيان يعلن فيه وفاة ثلاثة حجاج مغاربة وإصابة ستة آخرين بجروح، تلته بلاغات متباعدة لوزارة الخارجية عن حصيلة الوفيات والمفقودين. ومن جانبها، تناقلت عدة منابر إعلامية وطنية أخبارا تفيد بوفاة العشرات من الحجاج في منى، ونشرت أرقاما تتأرجح بين 87 والمائة، ما أفزع أهالي الحجاج المغاربة وأدخلهم في دوّامة من الحيرة والقلق، خصوصا مع تعقيد عملية ضبط أعدادهم، إذ وقع الحادث مباشرة بعد الوقوف في عرفات، حيث يصعب ربط الاتصال بالحجاج، ويكون منهم من قد فقد هاتفه، أو تاه بين المخيمات، كما أن هول الفاجعة زاد تعقيد عملية البحث عن الضحايا، والتأكد من هوياتهم. هذا الغموض الذي لفّته الجهات الرسمية حول مصير الحجاج المغاربة، اضطر العديد من أهاليهم إلى السؤال عنهم، ونشر صورهم عبر الصفحات الفيسبوكية، التي تحظى بشعبية واسعة، وذلك بالتزامن مع نشر بعض صور المصابين في المستشفيات السعودية، الذين لم تُعرف هويتهم بعد. والصور التي انتشرت على نطاق واسع في الفضاء الأزرق، مكّنت بالفعل بعض المواطنين من التعرف على مصير ذويهم المصابين، وهو ما بث الأمل مجددا في نفوس البقية ممن ينتظرون أخبارا عن أقربائهم، ما دفعهم إلى إنشاء صفحة خاصة بكل من يرغب في نشر معلومات عن أقربائه المفقودين، وحتى صور الضحايا الذين أسلموا الروح إلى باريها، والمصابين الراقدين في المستشفيات السعودية، الذين لم تتمكن السلطات من تحديد هويتهم، وتحمل اسم "Marocains au Hajj 2015: avis de recherche". ومع سرعة انتشار المعلومة، التي باتت تضمنها صفحات التواصل الاجتماعي، التي وضع المواطنون ثقتهم فيها وأصبحت بالنسبة إليهم منبرا مهما حل مكان القنوات الرسمية والتقليدية، التي التزمت الصمت في هذا الشأن.