بعد أربعة ايام على حادثة تدافع منى، التي أودت بحياة حوالى 769 شخصا في اسوأ كارثة خلال الحج في السعودية منذ 25 عاما, تصاعد الجدل بين ايران والسعودية التي تتهم طهران "بتسييس" الحج الى مكةالمكرمة. وفيما يغادر مئات الآلاف من الحجاج السعودية بعد انتهاء مناسك الحج, طلب المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي من السعودية الاحد "الاعتذار"،بعد حادث التدافع الذي اودى بحياة مئات الحجاج بينهم 155 ايرانيا، بالاضافة الى حوالى 50 مفقودا ايرانيا, حسب أخر حصيلة اعلنتها ايران. وقال خامنئي في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الرسمية انه "على حكام السعودية ان يعتذروا للامة الاسلامة وللاسر المفجوعة وتحمل المسؤولية عن هذا الحادث، بدلا من اللجوء الى الاسقاط والقاء اللوم على الاخرن". واضاف ان العدد الكبير من القتلى "في هذا الحادث ليس بالامر الهين وعلى العالم الاسلامي ان يقر بهذا الموضوع". الى ذلك, تظاهر مئات الايرانيين امام السفارة السعودية في طهران الاحد وهتفوا "الموت لال سعود الغادرين"، احتجاجا على مقتل الحجاج الايرانيين. وتجمع نحو 400 شخص امام السفارة، والقى بعضهم البندورة والبطيخ على جدران السفارة, الا أن اعداد الشرطة كانت اكثر من اعداد المتظاهرين. وقد لقي 769 حاجا من عدة جنسيات حتفهم واصيب 934 أخرون بجروح في تدافع في موقع رمي الجمرات في منى بالقرب من مكةالمكرمة الخميس, حسبما ورد في أخر حصيلة نشرتها المملكة التي تتعرض لانتقادات حادة واتهامات بسوء تنظيم الحج. واعلنت النيجر الاحد ان 22 من مواطنيها بين قتلى الحادث. وقبل اسبوعين من بدء الحج, لقي اكثر من مئة شخص مصرعهم في سقوط رافعة كبيرة في الحرم المكي في 11 سبتمبر. واكد الرئيس الايراني حسن روحاني في نيويورك ضرورة التحقيق "في اسباب" هذا "الحادث المؤلم". وقال في كلمة في مؤتمر الاممالمتحدة للتنمية انه من الضروري "الاهتمام السريع بالجرحى والتحقيق في أسباب الحادث وغيره من الحوادث المماثلة التي وقعت في موسم الحج هذا العام". ورد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالقول "اعتقد انه من الافضل للايرانيين ان يبتعدوا عن تسييس مأساة اصابت الناس الذين كانوا يؤدون أهم الشعائر الدينية المقدسة". واضاف ان "السعودية لطالما خصصت على مدى سنوات موارد ضخمة من اجل ضمان نجاح موسم الحج (…) وسننشر الوقائع عندما تعرف ولن نخفي شيئا, واذا ارتكبت اخطاء فسيحاسب مرتكبوها". وتابع الجبير الذي كان يتحدث في نيويورك إلى جانب وزير الخارجية الاميركي جون كيري "سنعمل على استخلاص العبر مما حدث والا يتكرر ذلك. واريد ان اكرر انه ليس وضعا ينبغي استغلاله سياسيا", معبرا عن امله في ان "يبدي القادة الايرانيون قدرا اكبر من التقدير والاعتبار إزاء من قضوا في هذه المأساة وان ينتظروا ليروا نتائج التحقيق". وكان النائب الاول للرئيس الايراني اسحاق جهانغيري قال ان "بلدانا مثل ايران عانت كثيرا يجب ان يكون لها ممثلوها اثناء التحقيق لتحديد اسباب الكارثة والحصول على تأكيد بأن هذا الامر لن يتكرر في المستقبل". واضاف "ما من شك حول سوء الادارة وقلة خبرة رجال الامن (..) الحكومة السعودية مسؤولة وعليها أن تجيب على الأسئلة". ورأى مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز أل الشيخ السبت ان التدافع كان امرا لا يمكن للبشر السيطرة عليه. وقال متوجها الى ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف الذي يراس لجنة الحج "أنتم غير مسؤولين عما حصل لأنكم بذلتم الأسباب النافعة التي في أيديكم وقدرتكم". واضاف "أما الأمور التي لا يستطيع البشر عليها فلا تلامون عليها والقدر والقضاء اذا نفذ لا بد منه". وفي تركيا رأى نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ الحاكم, محمد علي شاهين ان بلاده يمكن ان تنظم الحج بشكل افضل من السعودية, في موقف لم يتضامن معه الرئيس رجب طيب اردوغان. وقال شاهين "هل يمكننا ان نتحدث عن +القضاء والقدر+ في ما يحدث؟ (…) هناك اهمال في مجال السلامة وهذه الوفيات نجمت عن هذا الاهمال". واضاف هذا الوزير السابق الذي تولى سابقا رئاسة البرلمان "لو كلفت تركيا الحج لنظمته بدون ان يصاب احد باذى بإذن الله". وشدد على ان "الاماكن الاسلامية المقدسة تعود الى كل المسلمين", داعيا الدول الاسلامية الى الاجتماع "لايجاد حل لمشاكل السلامة" في السعودية. لكن في السعودية يعتبر البعض انها مؤامرة. وكتب راشد ابو السمح في صحيفة عرب نيوز "انها حملة منظمة للتشهير بالسعودية من قبل اعدائها", معتبرا الدعوات الى تدويل الاماكن المقدسة "سخيفة". اما عبد الله العتيبي, فقد كتب في صحيفة الشرق الاوسط ان "تدويل الحج يمثل دعاية ايرانية شاذة عبر سنوات يعارضها كل المسلمين والدول الاسلامية". واضاف "تاريخيا ثمة جهة واحدة هي التي تسعى لافساد الحج واستهداف ارواح الحجاج والاصرار على جعل موسم الحج يخدم مصالحها السياسية وشعاراتها السياسية وهذه الجهة هي الجمهورية الاسلامية في ايران". وادى فريضة الحج هذه السنة حوالى مليوني مسلم جاء 1,4 مليون منهم من خارج المملكة.