لم تعد معظم الأحزاب تكتفي بوسائل الإعلام «التقليدية»، من إذاعة وتلفزيون وصحافة مكتوبة، لترويج برامجها الانتخابية والدعاية لمرشحيها، بل صار أغلبها يتجه اليوم، وبشكل متزايد، نحو وسائل التواصل الاجتماعي للتقرب من جمهور واسع من رواد تلك المواقع الذين تغلب عليهم فئة الشباب. ويعد جمهور وسائل التواصل الاجتماعي «أكثر وفاء والتزاما» من جمهور وسائل الإعلام، الذي قد يغيب ويحضر بشكل غير منتظم، في حين قد لا يمر يوم على معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يلقوا نظرة على ما يدور في حساباتهم وحسابات أصدقائهم وكذا بعض الصفحات التي يترددون عليها باستمرار. معظم الأحزاب السياسية اليوم تملك صفحات رسمية لها سواء على موقع «فيسبوك» أو «تويتر»، كما أن عددا متزايدا من السياسيين، بمن فيهم الوزراء، يتوفرون على حسابات خاصة وصفحات رسمية على تلك المواقع التي يحرصون على أن يحشدوا من خلالها أكبر عدد من المتابعين والمعجبين، الأمر الذي يضمن لهم شعبية أكبر في العالم الافتراضي وكذلك في العالم الواقعي. نبيل بنعبد الله، امحند العنصر، مصطفى الخلفي، عزيز الرباح، محمد نجيب بوليف، حميد شباط، إلياس العماري، وغيرهم من الوزراء وزعماء الأحزاب السياسية والبرلمانيين، يتوفرون على حسابات وصفحات على موقع «فيسبوك»، يحرصون من خلالها على نشر جميع أخبار نشاطاتهم، والرد على تساؤلات بعض متابعيهم، كوزير النقل والتجهيز واللوجستيك، عزيز الرباح الذي يتفاعل مع متابعي صفحته، كما قام أكثر من مرة بالرد على تساؤلات بعضهم، والوزير المنتدب المكلف بالنقل، محمد نجيب بوليف، الذي ينشر بشكل أسبوعي عبر صفحته تدوينة موجهة لمتابعيه يعبر من خلالها عن رأيه في قضية معينة، أو يخبرهم بجديد يتعلق بالقطاع الذي يشرف عليه. رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي كان إلى وقت قريب بعيدا عن العالم الافتراضي، اضطر بدوره إلى أن يلتحق بذلك الركب، وقام حديثا بإنشاء صفحة رسمية وصل عدد متابعيها إلى غاية اليوم إلى أكثر من 177 ألف شخص، بل الأكثر من ذلك أن بنكيران حرص على أن يعقد لقاء مع مجموعة من الشباب تم انتقاؤهم باعتبارهم من أكثر «المؤثرين» في العالم الافتراضي، وهو اليوم يتواصل بشكل شبه يومي عبر صفحته التي تنشر جديد أخباره مرفقة بالصور، وأحيانا بمقاطع فيديو يصورها خصيصا لرواد العالم الأزرق. وإذا كان ولوج الأحزاب السياسية لوسائل الإعلام السمعية البصرية محكوما ب«كوطا» تحددها وتراقبها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وإذا كان عبورها عبر المنابر المكتوبة بدوره محدودا ومضبوطا إلا في ما يتعلق بالصحف الناطقة باسمها، فإن ولوجها مواقع التواصل الاجتماعي غير محدود وغير مرتبط بأية «كوطا»، إلى جانب أنها وسائط تتيح التواصل مع جمهور أوسع بكثير من جمهور وسائل الإعلام السمعية البصرية والمكتوبة، الأمر الذي يغري العديد من الأحزاب باغتنام ذلك المنبر لتمرير أفكارها وبرامجها ولحشد دعم الناخبين لمرشحيها، معتمدة في ذلك، في أحيان كثيرة، على مكلفين بالتواصل يشرفون بشكل مباشر ومستمر على تلك الصفحات ويتفاعلون مع روادها.