مع اقتراب موعد الانتخابات الجهوية والجماعية المقبلة، التي سينظمها المغرب في 4 غشت المقبل، عاد الجدل مجددا حول توظيف أموال الانتخابات من طرف بعض أباطرة "الكيف" لإفساد العملية الانتخابية. وموضوع استعمال أموال المخدرات لإفساد العملية الانتخابية ليس جديدا، إذ كثيرا ما كانت الإدارة ترغم بعض أباطرة "الكيف" على عدم الترشح دون أن توجه إليهم تهمة محددة أو تحاسبهم، لكن الجديد هذه المرة هو الدعوات بتقنين زراعة "الكيف" في بعض المناطق والعفو عن المعتقلين والمحكوم عليهم في جرائم لها علاقة بالمخدرات. ودعوات تقنين "الكيف" التي أوصلها حزبي الأصالة والمعاصرة، والاستقلال إلى البرلمان بدعوى ضرورة الاستفادة من المزايا الطبية لهذه النبتة، بلغت ذروتها مع دعوة العربي المحارشي، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة مزارعي الكيف" إلى الثورة على رجال الدرك الذين يبتزونهم، فضلا عن دعوتهم إلى مواصلة زراعة "الكيف" بدعوى عدم تحقيق الدولة للتنمية في المنطقة. والتقط حزب العدالة والتنمية تصريحات العربي المحارشي، وأصدر بيانا رسميا استنكر فيه استغلال بعض الأطراف السياسية لموضوع المخدرات وما يرتبط به من زراعة الكيف في التنافس الانتخابي، محذرا مما ينتج عن ذلك من تبخيس للجهود التي تقوم بها الدولة لتنمية هذه المناطق، كما اعتبر أنه لا يمكن تسويغ تجارة المخدرات تحت أي مبرِر، واستغلال ضعف التكافؤ في التنمية المجالية التي تعانيها المناطق القروية في المغرب، وعلى رأسها مناطق الريف وجبالة". فهل ستفسد أموال المخدرات العملية الانتخابية؟ لرد على هذا السوؤال، يرى محمد بوز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، في تصريح لموقع "اليوم 24″، أن موضوع استعمال أموال المخدرات وغيرها من الأموال المحرمة ليس جديدا، ولا يرتبط بمنطقة دون أخرى، إذ إن أباطرة المخدرات و"الكيف" لا يترشحون للانتخابات في الغالب، بقدر ما يعمدون إلى دعم جهات أخرى توفر لهم الحماية، وهو ما يفسر الدعوات الأخيرة المتتالية لتقنين زراعة الكيف، والعفو عن المحكوم عليهم في قضايا تتعلق بهذا الموضوع. وتكمن المشكلة بحسب بوز، في عدم القدرة على إثبات استعمال أموال المخدرات لإفساد العملية الانتخابية، وهو ما يفسر إرغام الداخلية لبعض الأباطرة والوجوه المعروفة بنشاطها في تجارة المخدرات على عدم الترشح دون محاكمتهم أو توجيه تهمة محددة إليهم. واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن المسؤولية تقع على الأحزاب السياسية التي تزكي أباطرة المخدرات وتجار الكيف، موضحا أن القانون ليس حلا سحريا لحل المشكلة، التي تبقى مركبة ومتداخلة. ومن جانبه، حذر شريف أدرداك، رئيس جمعية "أمازيغ صنهاجة الريف" من سيطرة مافيا المخدرات على المجالس المنتخبة بعدما سيطروا على الأموال باستغلال بؤس وفقر المزارعين الصغار في المنطقة. وقال أدرداك في اتصال مع موقع "اليوم 24" إن التخوف من استعمال أموال المخدرات لإفساد العملية الانتخابية، مشروع وطبيعي"، موضحا، "أن أباطرة المخدرات يبتزون مزارعي الكيف من أجل التصويت عليهم في الاستحقاقات الانتخابية، وهذا أمر يعرفه الجميع، فالفلاح البسيط يصوت دوما لصالح "البزناس" الذي يقدم نفسه ضامنا لقوت بسطاء الفلاحين عبر شراء محصولهم من زراعة "الكيف". ودعا أدرداك وزارة الداخلية إلى منع أباطرة المخدرات من الترشح للانتخابات المقبلة، إذا كانت فعلا تريد انتخابات حرة ونزيهة.