خصّص الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية،فقرات قوية للدعوة «إلى إخراج النظام الخاص بالمعارضة البرلمانية، لتمكينها من النهوض بمهامها،في مراقبة العمل الحكومي والقيام بالنقد البناء وتقديم الاقتراحات والبدائل الواقعية، بما يخدم المصالح العليا للوطن وفي الواقع، فإن هذه الدعوة التي تزامنت مع توصية الخطاب المذكور بضرورة اعتماد روح التوافق الوطني، والمنهجية التشاركية الواسعة نفسها، التي ميزت إعداد الدستور، خلال بلورة وإقرار القوانين التنظيمية، ليست سوى تأكيد وتجديد لدعوة سابقة تم توجيهها في افتتاح السنة التشريعية السابقة، عندما تطرق الخطاب الملكي حينها لاحترام «الوضع القانوني للمعارضة البرلمانية ولحقوقها الدستورية». الجدير بالذكر هنا هو حضور «المعارضة» داخل النص الدستوري، الذي خصص الفصل «العاشر» بكامله للمعارضة البرلمانية، التي أصبح الدستور يضمن لها مكانة تخولها حقوقا، قصد تمكينها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية، فيما اعتبر الفصل «الستون» أن المعارضة مكون أساسي في مجلسي البرلمان. ففضلا عن ترؤسها للجنة العدل والتشريع و لجنة أخرى، على الأقل، قدم الدستور المغربي للمعارضة وللأقليات البرلمانية إمكانيات للولوج إلى الآليات الرقابية المتميزة، حيث بإمكان ثلث أعضاء أحد المجلسين طلب تشكيل لجان نيابية للتقصي، وخمس أعضائه تقديم ملتمس الرقابة وطلب إحالة قانون إلى المجلس الدستورية للبت في مدى دستوريته. وإذا كان الفصل العاشر قد نص على أن تحدد كيفيات ممارسة فرق المعارضة لحقوقها، حسب الحالة، بموجب قوانين تنظيمية أو قوانين أو بمقتضى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلسي البرلمان، فإن هذه الصيغة «الإختيارية» قد جعلت الحكومة تركن إلى قراءة اعتبرت بموجبها أن التنصيص على حقوق المعارضة داخل النظام الداخلي لمجلس النواب، يعفي من إعداد مشروع قانون تنظيمي في هذا الشأن، وهو ما يبرر غياب أي مشروع من هذا النوع من أجندة المخطط التشريعي للحكومة. وإذا كان السيد وزير العلاقة مع البرلمان، قد سبق أن أشار بمناسبة جوابه حول سؤال شفوي للفريق الاشتراكي في موضوع حقوق المعارضة، إلى أنه من غير اللائق أن تقدم الحكومة مشروعا ينظم المعارضة، وأن الأولى سياسيا أن يبادر النواب لتقديم مقترح قانون في هذا الشأن، فإنه من المثير اليوم، التساؤل عن كيفية إقدام النواب على وضع مقترح للقانون التنظيمي حول النظام الخاص للمعارضة، في الوقت الذي تبنت فيه الحكومة موقفا مناهضا لحق النواب في تقديم مقترحات قوانين تنظيمية! الوجه الآخر، والأكثر تعقيدا، لإشكالية القانون التنظيمي للمعارضة، يوجد في الإجتهاد الذي طوره المجلس الدستوري حول مسألة النظام الخاص للمعارضة، بمناسبة مراقبته للنظام الداخلي لمجلس النواب سواء في قراره بتاريخ 16 فبراير 2012، أو بتاريخ 22 غشت 2013. مضمون هذا الإجتهاد، يرتبط بتأكيد هذا المجلس على أن «منح المعارضة حقا خاصا بها دون أن يمنح أيضا للأغلبية» أمر مخالف للدستور وفيه مسٌّ واضح بمبدإ النسبية وبقاعدة المساواة في التمثيل الديمقراطي بين جميع نواب الأمة. فلا يمكن التمييز بين النواب في ممارسة حقوقهم الدستورية ومهامهم البرلمانية بسبب انتمائهم إلى فرق نيابية دون أخرى! وهذا ما يعني بالضبط عدم استيعاب القضاء الدستوري لطبيعة الوضع الخاص، الذي يعطي المعارضة وضعا متقدما عما يتيحه لها النظام العام (الثمتيل النسبي)، وهذا ما يجعل المجلس الدستوري وهو يُقر بعدم دستورية غالبية حقوق المُعارضة التي تضمنها النظام الداخلي لمجلس النواب، يقدم حججا سابقة عن دستور 2011، ومنافية لفكرة النظام الخاص الذي باتت تحتله المعارضة البرلمانية، كما وردت في الدستور، وكما جاءت في الخطب الملكية.