في ندوة دولية نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول "إصلاح القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية"، قارب فاعلون حقوقيون وقضاة النقاش، الذي تعرفه المملكة حول مسودة مشروع القانون الجنائي، مبرزين مواطن القوة والضعف في المشروع الجديد. إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، شدد على أن ال"CNDH" ينتظر من النقاش العمومي حول مسودتي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، الوصول إلى "قانون جنائي ومسطرة جنائية واقية وحامية، ورادعة للتعذيب والاعتقال التعسفي والتمييز والعنف ضد النساء"، وإلى " تشريع جنائي حام وضامن للحقوق والحريات، لا يقرر العقوبات السالبة للحرية إلا كحل أخير، قانون يوسع عرض العقوبات البديلة، و يضيق هامش الفرق بين الحدين الأقصى والأدنى للعقوبات". وتابع اليزمي سرد تطلعاته "إننا نتطلع إلى تشريع جنائي قائم على مقاربة عقلانية وغير متوسعة في التجريم. ومن جهتها، عابت أمينة بوعياش، الأمينة العامة للفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان على مسودة مشروع القانون الجنائي "عدم توفرها على مفهوم جديد للسياسة الجنائية"، وذلك بالنظر إلى كونها تنبني على "توسيع مفهوم التجريم في عدة قضايا، على عكس قضايا المسار المجتمعي والدستوري الذي قلص منه". علاوة على ذلك، انتقدت بوعياش ما اعتبرته "الالتباس والغموض "في ما يتعلق ب"تجريم وازدراء الأديان" والذي من شأنه أن "يقيد حرية الإبداع والفكر والتعبير". وأبدى محمد أقديم، رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب، استعداد المحامين لتقديم المساعدة القضائية بالمجان، وذلك في سبيل "ضمان توفير الدفاع للمتهمين من اللحظة الأولى للاعتقال"، كمساهمة من أصحاب البذلة السوداء في الجهود الرامية إلى "القضاء على ظاهرة الاعتداء داخل مخافر الشرطة"، بالنظر إلى كون "المحامي يشكل ضمانة أساسية في هذا المجال". وشدد المتحدث نفسه على ضرورة " التريث وعدم التسرع في إخراج قوانين قد لا تستجيب لمطالب المجتمع المغربي"، داعيا في الوقت نفسه إلى التفكير في "الإلغاء النهائي للاعتقال الاحتياطي في مقابل إيداع الكفالة كما هو معمول به في أنظمة مقارنة". إلى ذلك، دعا أقديم إلى عدم الاقتصار في العقوبات البديلة كبديل للعقوبات السجنية التي لا تتجاوز السنتين، وتوسيعها لتشمل عقوبات تصل إلى 20 سنة، في حال ما إذا كانت تخص جرائم لا تمس الأمن العام للمجتمع. وعلى صعيد آخر، أثنى عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي القضاة على "الدينامية التشاركية الواسعة التي دشنتها وزارة العدل والحريات بخصوص مسودتي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية"، مبديا في هذا الصدد أسفه لعدم تخصيص النقاش المجتمعي نفسه لمشاريع القوانين المتعلقة بالسلطة القضائية. كما حث المتحدث نفسه على السعي إلى انتاج نصوص قانونية جيدة "حتى لا نضع في المستقبل القضاء في مواجهة المجتمع"، على حد تعبيره. ومن جهتها، أكدت عاطفة تيمجردين، ممثلة تحالف ربيع الكرامة أن الانشغال الرئيسي للجمعيات الحقوقية في ما يتعلق بمسودة مشروع القانون الجنائي يتمثل في "الخروج من المأزق الأخلاقي للقانون الجنائي الذي يستحضر ما يسمى بالأخلاق و الأسرة وغيرها".