تم أخيرا عرض الفيلم السينمائي الطويل «ميغيس» للمخرج جمال بلمجدوب بالحسيمة، وهو عمل يوثق جانبا مهما من تاريخ المقاومة بالريف ضد الاستعمار الإسباني. «ميغيس» هو الاسم الذي اختاره المخرج المغربي جمال بلمجدوب لفيلمه السينمائي الطويل، الذي يوثق جانبا مهما من تاريخ المقاومة بمنطقة الريف المغربي، ضد الغزو الاستعماري الإسباني.» ميغيس» بأمأزيغية الريف هو الشخص الذكي القادر على إيجاد الحلول في الوقت المناسب، واقتران الصفة بمعركة حربية في الفيلم إحالة بديهية على التخطيط العسكري ومدى تمكن أهل الريف من التصدي للاستعمار بوسائلهم البدائية وتخطيطهم المحكم. الفيلم عرض لأول مرة بمدينة الحسيمة نهاية الأسبوع المنصرم بساحة الريف، هذه الساحة الشاهدة على الوجود الاسباني في عشرينيات القرن الماضي. وهو العرض الأخير «قبل إدراجه للعرض في القاعات السينمائية المغربية»، على حد قول جمال بلمجدوب مخرج الفيلم في تصريح ل»أخبار اليوم»، قبل أن يضيف «سنضع الفيلم رهن إشارة جمهور القاعات السينمائية في غشت المقبل»، واختيار بلمجدوب عرض الفيلم بالتنسيق مع بلدية الحسيمة و»الجمعية المغربية للمصابين بالهيموفيليا فرع الحسيمة»، يأتي «لتمكين الجمهور الحسيمي في الذكرى 92 لمعركة أنوال الخالدة من متابعة صفحات مهمة من تاريخ المقاومة الريفية، خاصة أن جزءا كبير من الجمهور الحسيمي وجمهور الريف على العموم لن يتمكن من متابعة الفيلم في القاعات السينمائية، ليس لشيء، وإنما بكل بساطة لأن مدينتي الناظوروالحسيمة لا تتوفران في الوقت الراهن على قاعات للعرض للسينمائي. أحداث الفيلم تدور في عشرينيات القرن الماضي عندما اشتد وقع الاستعمار، فتجندت الدواوير والمداشر لمواجهته، يستعرض قصة «امغار» (القائد) وهو زعيم قرية بالوسط الريفي تدعى «سيدي شعيب»، (نسبة إلى أحد الأولياء الصالحين). أمغار هذا استشاط من همجية المستعمر الذي يقصف قريته باستمرار، حاول استجماع همم شباب قريته وشكل مجموعة من المقاتلين، وأمام وجود الفارق بينه وبين القوة العسكرية الاستعمارية المستوطنة في قمة الجبل المقابل لقريته، بدأ يفكر في خطة لدحر الكتيبة الإسبانية. بعدما جمع السلاح بالتنسيق مع زعيم المقاومة الريفية محمد بن عبد الكريم الخطابي، قرر استدراج المستعمر إلى القرية للانقضاض عليه، وهو على هذه الحال يعلم جيدا أن قريته كما في جميع حالات الحرب هناك خونة يسترقون السمع ويبلغوا المستعمر بما يجري على الطرف الآخر، دور أوكله الاستعمار في هذه القرية ل»بوزيان» و»أقرقاش» اللذان استعانا ب»اعمار» الذي ادعى الجنون في القرية، وباتفاق مسبق بين «أعمار» و»أمغار» استدرج الاستعمار إلى القرية بعدما نقلا العميلان خبر مكان تواجد مخزن الأسلحة، وما أن وصل الجنود الإسبان، حتى شرع «أمغار» ورجاله في اقتناصهم واحدا تلو الآخر. «ميغيس» من التجارب القليلة التي استطاعت السينما المغربية تخطيها إلى حدود الساعة، وفي هذا السياق وبالرغم من تأكيده على حصول الفيلم الذي كتبه أحمد زايد وأحمد رامي على دعم بقيمة 400 مليون سنتيم من المركز السينمائي، إلا أن بلمجدوب يرى الحل لرفع الإنتاج السينمائي من هذا النوع في خلق صندوق مالي يدعم الأفلام التوثيقية وحدها، وهو المقترح الذي زكاه أشرف بقاضي، رئيس مركز النكور من أجل الثقافة والحرية والديمقراطية الذي اعتبر في تصريح «أخبار اليوم» أنه بالرغم من المحاولات المبذولة لتوثيق الأحداث التاريخية من تاريخ المقاومة المغربية إلا أن جسامة تلك الأحداث تستلزم الكثير من الأعمال، وهذا لن يتأتى دون رفع المركز السينمائي المغربي لمخصصاته المالية لدعم مثل هذه الأعمال.