ما تزال معركة المطابع التي ذاع صيتها هذه الأيام بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية تعد بالجديد. فبعد اتهام حميد شباط لغريمه السياسي ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بامتلاكه مطبعة «طوب بريس» بحي المحيط بالرباط، وحصوله على الدعم الرسمي لفائدتها، وهو ما رد عليه بنكيران بإعلانه أن المطبعة تخص حركة التوحيد والإصلاح التي سجلتها باسمه إبان مرحلة حظر أنشطتها، تفجرت مؤخرا فضيحة عقارية لمطبعة ثانية، بطلها هذه المرة نجل القيادي ورئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس المستشارين محمد الأنصاري، الذي يتهمه «إخوان بنكيران» بالراشيدية بالاستحواذ على قطعة أرضية مخصصة لحديقة عمومية تبلغ مساحتها 2000 متر مربع، والكائنة بالقرب من كلية العلوم والتقنيات. وفي هذا السياق، قال عبد الله هناوي، رئيس بلدية الراشيدية، عن حزب العدالة و التنمية، في اتصال هاتفي أجرته معه « اليوم24»، إنه «سجل، بما يسمح له اختصاصه في مراقبة التعمير، مخالفة ضد محيي الدين الأنصاري، وأشعره بقرار البلدية لإيقاف أشغال البناء في منطقة ممنوع فيها البناء، مشددا على أن المصلحة التقنية أنجزت محضرا في الموضوع وأحالته على القضاء لإصدار حكم بالهدم وإعادة القطعة الأرضية إلى سابق حالتها». وكشف هناوي أنه وجه رسالة إلى وزير الداخلية، محمد حصاد، يطلب منه فتح "تحقيق عاجل" في قضية القطعة الأرضية التابعة لأراضي الجموع، التي وردت في تصميم التهيئة الخاص بالمدينة، والصادر حديثا في سنة 2014، على أساس أنها فضاء عمومي مخصص للساحة ومجال أخضر، ليفاجأ الجميع بإقدام نجل القيادي الاستقلالي بتسييجها والشروع في بناء مطبعة عصرية فوقها بدون الحصول على رخصة البناء». واتهم رئيس بلدية الراشيدية، في حديثه للجريدة، عامل إقليم الراشيدية الذي أحيل مؤخرا على التقاعد، ومسؤول مصلحة قسم الشؤون الداخلية، بتوريط وزير الداخلية محمد حصاد في تجديد عقد كراء القطعة الأرضية لنجل الأنصاري بشكل مخالف للقانون إبان شهر يناير 2015، وبدون استشارة المجلس البلدي، لأن الأمر يتعلق ببناء فوق بقعة مخصصة لتصميم التهيئة لساحة عمومية أمام باب كلية العلوم والتقنيات، حيث أوضح هناوي أن البقعة سلمت لنجل الأنصاري على وجه الكراء سنة 2007، لكنه لم ينجز أشغال البناء، مما استوجب، بحسب مقتضيات دفتر التحملات، فسخ عقدة الكراء في حالة عدم تنفيذ المشروع في أجل 3 سنوات»، والحال أن قضية القطعة الأرضية مرت عليها أزيد من 12 سنة، وتحولت تحت غطاء الاستثمار إلى مجال للمضاربة العقارية، بحسب اعتراض عضو «البيجيدي» ورئيس المجلس البلدي للراشيدية، الذي هدد بنقل ملف القطعة الأرضية إلى البرلمان بغرفتيه، وسلك كل السبل لأجل استعادة القطعة الأرضية وتحويلها إلى حديقة. واتصلت «اليوم24» بمحيي الدين الأنصاري للتعليق على الاتهامات الموجهة إليه من قبل رئيس البلدية، لكنه رفض التعليق، واكتفى بالقول «إن المعارضين لمشروعه الخاص بإنجاز مطبعة عصرية عمدوا إلى تسييس ملف القطعة الأرضية بغرض الانتقام منه لاعتبارات سياسية، (في إشارة منه إلى المعركة الحامية بين الاستقلال و»البيجيدي»، مضيفا أنه اختار اللجوء إلى القضاء لإنصافه، حيث قرر مقاضاة المجلس البلدي للراشيدية أمام المحكمة الإدارية المختصة بمكناس للطعن في قرارها الإداري القاضي بإيقاف أشغال البناء ومنعي من إنجاز مشروعي، يقول نجل رئيس فريق حزب شباط بمجلس المستشارين. ويبدو من عقد كراء القطعة الأرضية، الذي حصلت الجريدة على نسخة منه، أن نجل الأنصاري سبق له أن اكترى في 27 أبريل 2007، تحت وصاية وزارة الداخلية، من الجماعة السلالية مالكة الأرضي الجماعية «إزيك الخنك» بالراشدية، قطعة أرضية، لكن المدة المحددة للعقد انتهت في مارس 2011 بدون أن يتمكن محيي الدين الأنصاري من إنجاز مشروعه على الأرض، ما دفع إلى تقديم طلب لتجديد عقد كراء العقار في شهر فبراير 2014، وحصل على موافقة نائب الجماعة السلالية والسلطة المحلية بمدينة الراشيدية في 18 يونيو 2014، بعد أن التزم نجل الأنصاري بإنجاز مشروعه الخاص بمطبعة عصرية بقيمة 2.000.000 درهم، وهو ما يعترض عليه رئيس البلدية للمدينة، الذي يشهر في وجهه عقد الكراء الجديد لسنة 2014، الذي صادقت عليه وزارة الإسكان، ويتضمن ساحة عمومية خضراء بمنطقة محرمة البناء تمتد على مساحة 2000 متر مربع، التي وضع عليها نجل الأنصاري يده لإحداث مطبعة عصرية.