تدخل الرئيس التونسي باجي قايد السبسي على خط الوساطة لاحتواء الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وموريتانيا، على خلفية تبادل طرد مسؤولين في سفارتي الجزائرونواكشوط وتخفيض التمثيل في الاجتماعات واللقاءات متعددة الأطراف التي يحتضنها البلدان. وبعث الرئيس التونسي برسائل نقلها مبعوثين عنه للرئيسين عبد العزيز بوتفليقة ومحمد ولد عبد العزيز لتجنب التصعيد والحرص على تحسين العلاقات الثنائية، بعد التوتر الذي شابها خلال الفترة الأخيرة. ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" التركية عن مصدر دبلوماسي جزائري تأكيده "إن تونس قادت مؤخرا وساطة بين الجزائر وموريتانيا؛ لمنع تفاقم أزمة بين البلدين اندلعت عقب طرد نواكشوط لدبلوماسي جزائري، ورد الجانب الآخر بالمثل". وقال المصدر، إن "الرئيس التونسي حرص على قيادة وساطة بين الجزائرونواكشوط لمنع تدهو ر العلاقة بين البلدين، إثر طرد السلطات الموريتانية لدبلوماسي جزائري بلقاسم الشرواطي في 22 أفريل الماضي، وردت الجزائر بالمثل بإعلان المستشار الأول في السفارة الموريتانية بالجزائر، محمد ولد عبد الله، شخصا غير مرغوب فيه". وأوضح الدبلوماسي الجزائري "أن مبعوثا من الرئاسة التونسية زار الجزائر نهاية أفريل لهذا الغرض فيما نقل رفيق بن محمد الهادي الشلي، كاتب الدولة لدى وزير الداخلية التونسي المكلف بالأمن خلال مشاركته اجتماع وزراء الداخلية لدول المغرب العربي الأخير بنواكشوط، نفس الرسالة للجانب الموريتاني بشأن ضرورة تهدئة الأمور بين البلدين". وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد استقبل الأسبوع الماضي، لزهر قروي الشابي، المبعوث الخاص للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الذي زار الجزائر حاملا رسالة من رئيس الدولة التونسية إلى الرئيس بوتفليقة، دون الكشف عن فحوى الرسالة. وأكد المصدر الدبلوماسي الجزائري أن "الوساطة التونسية قدمت للجانبين الجزائري والموريتاني طلبا لمنع صدور تصريحات عدائية من الجانبين ومنع أي تصعيد إعلامي ضد الطرف الآخر في الوقت الحالي، وهو ما تمت الموافقة عليه من الجانبين"، دون أن يوضح تفاصيل أخرى. وتوترت العلاقات بين البلدين في أعقاب طرد نواكشوط لدبلوماسي جزائري، ما أثار انزعاج السلطات الجزائرية، التي ردت بالمثل، وكادت تلغي مشاركتها في اجتماع وزراء داخلية بلدان المغرب العربي، الذي عُقد قبل أيام في نواكشوط.وعلى إثرها تعالت أصوات موريتانية من السلطة والمعارضة تدعو الرئيس الموريتاني لضرورة "رأب الصدع مع الجزائر، لا سيما أن هناك قضايا مصيرية ذات اهتمام مشترك بينهما، فالتعاون الأمني صار أكثر من ضرورة بينهما، في ظل تمدد التنظيمات المسلحة في منطقة الساحل، وفي وقت تشهد فيه ليبيا انهيارا مؤسساتيا واضطرابا أمنيا خطيرا". كما شددت فعاليات جمعوية موريتانية على أن "تضطلع الدولتان بتجاوز هذا التوتر الذي ربما يزداد تعقيدا حال استمرار الوضع على ما هو عليه"، معتبرين أن "علاقات الجزائر وموريتانيا مرتبطة أساسا بتشويش طرف خارجي له يد طولى في إثارة الأزمات بالمنطقة".