خصصت أسبوعية الأيام ملفا صدر في عددها الأخير، حول كواليس حياة جدات وأمهات وعقيلات الملوك الثلاثة، من خلال التطرق إلى ما عايشته مجموعة من النساء اللائي عشن مقربات منهن. مسعودة ساسون، كانت إحدى هؤلاء النسوة، وممرضة اختارها الملك الراحل محمد الخامس للسهر على المتابعة الصحية لوالدته "للا الياقوت" في آخر أيامها، وهي في الوقت نفسه ابنة إبراهيم ساسون، خياط السلطان. وكانت مسعودة ترافق جدة الحسن الثاني بقصر فاس ثم مكناس، وتحيط باستمرار الراحل محمد الخامس بمستجدات الوضع الصحي لأمه، فيما كان هو يسأل عما إذا كانت تحظى بالعناية اللائقة، حسب ما نقلته الأسبوعية. وكان دخول ساسون إلى القصر عن طريق زوجة والدها، التي قدمتها إلى السلطان الذي كان يبحث عن ممرضة ومرافقة لوالدته، لأن صحتها لم تكن على ما يرام، مما كان يتطلب مراقبة شبه دائمة لحميتها الغذائية وتناولها للأدوية، لتمكث معها مسعودة إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة والملك الراحل في المنفى. كما كانت ساسون عايشت إلى جانب "للا الياقوت" مجموعة من الأحداث التاريخية، منها زيارة محمد بنعرفة لوالدة الملك محمد الخامس في قصرها. وكانت شقيقة مسعودة، عائشة، بدورها من المقربات من نساء القصر، حيث كانت مرافقة لزوجة الملك محمد الخامس "للا عبلة"، والتي حكت "الأيام " عنها، أن عقيلة الملك الراحل كانت تجبرها على أن ترتدي الحجاب حين تركب معها في السيارة، وهو القرارالذي لم تكن عائشة متفقة معه لأنها تدين باليهودية، لذلك كانت تفضل ارتداء ملابس مختلفة عن أزياء النساء المسلمات. وكان الملك الراحل انتبه ذات يوم إلى لباسها، مبديا استغرابه منه، كما تروي الأسبوعية، فدعاها إلى ارتداء الملابس التي تروقها. وكانت "أم سيدي للا عبلة"، تستقبل آل بوطبول في إقامتها وتدعوهم إلى مشاركتها الأكل في احترام لطقوس الطعام اليهودية، في ما كان المسؤول عن الأطعمة في القصر يهدي العائلة في كل عيد عرش كميات كبيرة من الحلوى بأوامر دقيقة من السلطان. أما المرأة الأخرى التي تطرقت "الأيام" إلى حياتها هي "هنرييت"، القابلة التي ولد الحسن الثاني على يديها لتتحول في ما بعد إلى مربيته. وكانت "هنرييت" معلمة الحسن الثاني الأولى، وترافقه في كل أسفاره خلال ست سنوات من حياته، التي قضتها إلى جانبه، قبل أن تضطر إلى الرحيل قصد اللالتحاق بزوجها في فرنسا، والذي كان في مهمة يفرضها منصبه السامي في الجيش الفرنسي، لكن أثرها ظل عالقا في ذاكرة الملك الراحل، الذي ذكرها في أكثر من حوار. ومن ذلك، قوله في حديثه عن العقاب الذي كان يسلكه والده في تأديبه: "كان والدي يسمح لمربيتي أن تضربني، شريطة أن تتفادى صفعي". وكانت هنرييت تربطها علاقة وثيقة بالقصر، تورد "الأيام"، بل ظل الحسن الثاني بعد توليه العرش على تواصل معها. وعلى صعيد آخر، أفردت الأسبوعية حيزا كبيرا لجوانب من حياة "للا عبلة"، جدة محمد السادس، والتي كانت تمتلك حسا سياسيا عميقا، حيث كانت علاقة الحسن الثاني مع والدته تتسم بإعجابه بشخصيتها القوية، لذلك كثيرا ما ردد اسمها، سواء في حواراته أو كتبه، ومنها "ذاكرة ملك" الذي وصف فيه كيف صرخت والدته للا عبلة في وجه الجنيرال أوفقير، حينما أقدم على تقبيل يدها وهو يحاول تبرئة نفسه من محاولة الانقلاب. كما كان الحسن الثاني أحيانا يعول على والدته لمساعدته في الحسم في بعض الأمور، منها مثلا أنه جعل دانييل ميتران خلال زيارتها للمغرب تلتقي بأم الأمراء ووالدته، وانضم إليهما من بعد ليجعل المرأة تصحح رؤيتها للأمور، بلباقة كبيرة، فيما يخص قضية الصحراء.