شرعت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في عملها كسلطة منذ غشت 2010، تطبيقا للقانون المحدث لها الصادر في فبراير 2009. وبعد مرور أربع سنوات على تجربتها، يظهر أن تحديات حماية المعطيات الشخصية تتزايد مع انتشار الأنترنت واستعمال الكاميرات. في هذا الحوار يكشف سعيد أهراي، رئيس الهيئة، ما تقوم به اللجنة من دور في مجال التحسيس والمراقبة لحماية المعطيات الشخصية. { أنجزتم حديثا بحثا عن حماية المعطيات الشخصية للمغاربة. ما هي أهداف البحث وتفاصيله؟؟ بادرت أخيرا اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية إلى إصدار بيان حول حصيلة مهام المراقبة التي أنجزتها برسم سنة 2014. يتعلق الأمر، إذن، بتفعيل صلاحيات اللجنة في مجال التقصي والمراقبة الميدانية المنصوص عليها في القانون 08-09 المتعلق باللجنة. تجدر الإشارة إلى أن حملة المراقبة هذه تعد أول عملية من هذا النوع لهذه المؤسسة الفتية التي هي بمثابة السلطة الوطنية المكلفة بحماية المعطيات الشخصية بالمملكة، وهي تهدف إلى ملامسة واقع حماية المعطيات الشخصية بالمغرب، والاطلاع على مدى احترام المقتضيات القانونية في هذا المجال. بخصوص الحصيلة، فقد همت حملة المراقبة 30 مسؤولا عن المعالجة، منهم مؤسسات وإدارات عمومية ومؤسسات خاصة، تجارية وصناعية وخدماتية، ومدرسة ومكتب محاماة وشخص ذاتي…كما ركزت المراقبة على ثلاثة مواضيع، وهي: أنظمة المراقبة بالكاميرات التي تزايد استعمالها في السنوات الأخيرة، والاستقراء التجاري الذي يعتمد توجيه رسائل إلكترونية عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، وأخيرا الأنظمة البيومترية الخاصة بمراقبة الولوج. للتذكير، فحملة المراقبة جاءت بعد سنوات من أنشطة التحسيس التي باشرتها اللجنة الوطنية لتوعية المؤسسات بمسؤولياتها القانونية المترتبة على معالجة المعطيات الشخصية، ولتوعية الأفراد بحقوقهم المرتبطة بمعطياتهم الشخصية. { ما هي الأشكال الجديدة للمس بالمعطيات الشخصية والحياة الخاصة، مثل الكاميرات في الأماكن العامة، وغيرها؟ لا شك أن تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال يقدم خدمات كبرى للمجتمع الإنساني في هذا العصر، من تيسير التواصل وتبادل المعلومات إلى نشر المعرفة وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، غير أنه في المقابل تحمل هذه التكنولوجيا في طياتها مخاطر متعددة، من بينها مخاطر المساس بالحياة الخاصة للأفراد وبالحقوق المرتبطة بمعطياتهم الشخصية. الأمثلة في هذا المجال متعددة، منها استعمال كاميرات المراقبة في أماكن العمل أو الأماكن المفتوحة للعموم، الذي قننته اللجنة بقرار يحدد شروط استغلال هذه التقنية، أو سوء استخدام المعطيات البنكية والمالية للأفراد، أو لجوء شركات، مثل بعض المواقع التجارية على الأنترنت، إلى الاستغلال غير المشروع لأرقام الهاتف وعناوين البريد الإلكتروني الشخصية لتوجيه رسائل إشهارية. كما أن انتشار الأنترنت أفضى إلى تداول واسع للمعطيات الشخصية، بما في ذلك الصور والأشرطة، بالشكل الذي يصعب التحكم فيه، ما يؤدي أحيانا إلى المساس بالحياة الخاصة للأفراد. { ما هي الإجراءات التي تنوون القيام بها بعد اكتشافكم خروقات تمس الحياة الخاصة للمغاربة؟ على إثر كل عملية مراقبة يُعرض تقرير على أنظار اللجنة لتتخذ قرارا في الموضوع. القرار الذي يحدد الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل تصحيح الوضع يُبلغ للمؤسسة المعنية بغاية تنفيذه في أجل محدد. في الغالب، يكون التجاوب إيجابيا مع قرار اللجنة، إلا أنه في حالة ما إذا تبين عدم جدية المؤسسة المعنية في التعاطي مع القرار، فللجنة كامل الصلاحية للجوء بشكل تدريجي إلى تدابير أكثر صرامة قد تصل إلى عرض الملف على القضاء. { منذ تأسيس اللجنة، أبرمت عدة اتفاقيات مع قطاعات حكومية وأبناك. كيف يجري تنفيذ هذه الاتفاقيات وحصيلتها؟ بالفعل، حرصت اللجنة الوطنية منذ تأسيسها على نسج علاقات تعاون مع عدة قطاعات في أفق انخراطها في الملاءمة مع المقتضيات القانونية الخاصة بحماية المعطيات الشخصية. في هذا الإطار، تم توقيع اتفاقية تعاون مع بنك المغرب، كما تم التوقيع حديثا على اتفاقية مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، وذلك بغرض وضع إطار للتعاون بين الطرفين من أجل تكريس ثقافة حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية في الوسط التعليمي. ولا يخفى ما لهذه المبادرة من تأثير إيجابي على الأجيال الصاعدة. لا يفوتني هنا التنويه بعلاقات التعاون التي نسجتها اللجنة مع الفيدرالية المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات وفاعلين آخرين. كما أن اللجنة بصدد ربط علاقات تعاون مع عدة مؤسسات مهمة، كوزارة العدل والحريات ووزارة السياحة ووزارة الصحة… { كيف يتواصل المواطنون مع اللجنة؟ وكم عدد الشكايات التي توصلتم بها؟ وكيف تعاملتم معها؟ تتيح اللجنة الوطنية عدة قنوات للتواصل معها، منها على الخصوص موقعها على الأنترنت وحسابها على الشبكة الاجتماعية تويتر. بالنسبة إلى الشكايات يمكن إيداعها بمكاتب المؤسسة بالرباط، أو إرسالها بالفاكس أو توجيهها بالبريد الإلكتروني أو من خلال الموقع الإلكتروني على الأنترنت، علما أن الوسيلة الأخيرة هي الأكثر استعمالا من قبل المشتكين. بالنسبة إلى مؤشر الشكايات فهو يتطور بسرعة كما تدل على ذلك الإحصائيات. فمن شكاية واحدة في العام 2011، انتقلت اللجنة إلى 7 شكايات في 2012، ثم 40 شكاية في 2013، و162 شكاية في 2014، ما يدل على أن الوعي بأهمية حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية يتزايد بشكل كبير في المغرب. أما بخصوص نوعية الشكايات، فهي تتعلق بالمعطيات البنكية والرسائل ذات الطابع التجاري على الهاتف المحمول أو البريد الإلكتروني وكاميرات المراقبة والمعطيات البيومترية والمعطيات الشخصية على الأنترنت، الخ. إن مساعي اللجنة أسهمت في الاستجابة لعدد مهم من الشكايات، وما تبقى فهو قيد المعالجة. { هل أصدرت اللجنة أية عقوبات ضد المخالفين لقانون حماية المعطيات الشخصية؟ اللجنة مؤسسة حديثة العهد، ومهمتها هي حماية الحياة الخاصة للأفراد ومعطياتهم الشخصية في ظل تطور الأنترنت وتكنولوجيا المعلومات. وبما أن الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية من المواضيع الجديدة في منظومتنا الثقافية، فقد ركزت اللجنة جهودها أولا على التحسيس والتوعية، لذلك نظمت اللجنة عدة أنشطة وبذلت مساعي كثيرة لتحسيس المؤسسات العامة والخاصة بمسؤولياتها أثناء معالجة معطيات شخصية. كما نظمت اللجنة حملات إعلامية موجهة إلى العموم للتوعية بالحقوق المتعلقة بالمعطيات الشخصية. صحيح أن للجنة الوطنية صفة سلطة التي تمنحها صلاحيات واسعة، غير أنها تؤمن بأهمية التدرج في تطبيق القانون. إلى اليوم لم تصدر اللجنة عقوبات، كما لم تحل ملفات على القضاء، لأنه في أغلب الأحيان يكون التجاوب إيجابيا مع قراراتها، غير أن زجر المخالفات يبقى أمرا واردا في الفترة المقبلة. { ما هي الصعوبات التي تعترض عمل اللجنة؟ رغم جهود اللجنة في مجال التحسيس، ورغم ما حققته من منجزات، فإن أكبر عائق تصادفه في ممارسة مهامها هو الجهل بأحكام القانون 08-09 الخاص بحماية المعطيات الشخصية للفاعلين في القطاعين العام والخاص، وكذا ضعف وعي الأفراد بحقوقهم التي يخولهم إياها القانون. إن النجاح في حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية رهين بتضافر جهود الجميع، بما في ذلك اللجنة الوطنية والقطاعان العام والخاص والمواطنون. { على المستوى الدولي، انخرطت اللجنة في عدة هيئات دولية لحماية المعطيات الشخصية، لماذا؟ إن امتداد الأنترنت وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات عموما أدى إلى تدفق المعطيات بشكل واسع يتجاوز حدود أي بلد من بلدان العالم، ما يجعل من الأمر ظاهرة دولية بامتياز بما تقدمه من آفاق إيجابية، وبما تمثله من مخاطر متنوعة. من بين هذه المخاطر المساس بالحياة الخاصة للأفراد، وسوء استغلال معطياتهم الشخصية. يتعذر إذن تأمين حقوق الأفراد دون تعاون دولي في مجال حماية المعطيات الشخصية. لذا، فنجاح اللجنة الوطنية في مهمتها لا يتحقق إلا بنسج علاقات تعاون ترمي إلى إرساء قواعد حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية على الصعيد الدولي. على هذا الأساس، انضمت اللجنة إلى المؤتمر الدولي لسلطات حماية المعطيات الشخصية، وإلى الجمعية الفرانكفونية لسلط حماية المعطيات الشخصية، وإلى عدد من المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال، كما صادق المغرب على اتفاقية مجلس أوروبا عدد 108 وبروتوكولها الإضافي.