اشتعلت الحرب في اليمن بعدما فشلت الأطراف المتصارعة في إيجاد حل سياسي للأزمة الداخلية، وبعدما فشلت جهود الأممالمتحدة في إيجاد مخرج سلمي للأزمة.. الحوثيون اقتحموا العاصمة صنعاء بقوة السلاح مدعومين بقوات الجيش التي يتحكم فيها علي عبد الله صالح بالدرجة الأولى ومساندين بالخلفية الإيرانية التي لا تخفي نواياها التمددية في المنطقة..والرئيس الانتقالي مدعوما بباقي الأحزاب السياسية طلب التدخل العسكري الخارجي لحسم صراع سياسي على السلطة في الداخل.. المملكة العربية السعودية ومن ورائها العديد من دول المنطقة تخوض حربا عسكرية لاعتبارات استراتيجية تتجاوز الشأن اليمني.. ومع صعوبة تفادي خيار الحرب في كثير من الأحيان فإن البشرية راكمت قانونا للحروب هو القانون الدولي الإنساني الذي تكفل بحماية المدنيين والأسرى والمنشآت الثقافية مع التشديد على ضرورة مراعاة التناسب الضروري بين القوة العسكرية المستخدمة والأهداف العسكرية المقصودة. إلى هنا، تبدو الأمور مرتبطة بالحرب كخيار استثنائي، في انتظار الرجوع إلى الأصل في العلاقات الدولية وهو السلم والحوار والمفاوضات الدبلوماسية.. المشكلة أن الحروب التي اندلعت في المنطقة يراد لها أن تكون تحت عنوان المذهب والطائفة والدين.. ما يجري على أرض اليمن وسوريا والعراق ولبنان هو حرب ذو طبيعة سياسية تدور حول السلطة، والذين يخططون في طهران أو في الرياض أو في دمشق أوفي واشنطن أو في تل أبيب أو في الضاحية الجنوبية لبيروت لجعلها حربا طائفية هم في الواقع تجار حرب يبحثون عن وقود لتأجيج نار المعارك التي تخرج عن طابعها السياسي الاضطراري لتصبح حرب إبادة الجميع ضد الجميع.. هناك من يريد أن يجعل من الحرب الدائرة في اليمن أو في غيرها حربا مذهبية بين السنة والشيعة، وقد تم تجريب هذا الاصطفاف المذهبي في حروب سابقة بين العراق وإيران وكانت النتيجة: حرب بلا نصر للطرفين.. علينا أن نقول بصوت مسموع إن الخلاف السني الشيعي هو خلاف سياسي تاريخي بين مسلمين حول أحقية الخلافة بين علي ومعاوية يعود إلى أربعة عشر قرنا.. تطور إلى خلاف في بعض التقاليد والشعائر وفي بعض الأحكام التشريعية وفي بعض المعتقدات أيضا، لكنه اختلاف في دائرة الدين الإسلامي وليس خارجه.. ومن يحمل لواء التحريض ضد الشيعة أو ضد السنة هو في الواقع يساهم في التحريض المذهبي والطائفي الذي يندرج في سياق استنزاف طاقة المسلمين وقوتهم.. لقد أقرت وثيقة مكة الشهيرة الصادرة عن أكبر منظمة إسلامية في العالم أن كل من يتبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السنة (الحنفي المالكي الشافعي والحنبلي) أوالمذهبين الشيعيين الجعفري والزيدي أوالمذهب الإباضي أوالمذهب الضاهري هو مسلم لا يجوز تكفيره ويحرم دمه وماله وعرضه وماله. الآن وبعد قرون من هذا الخلاف التاريخي المتعب والمنهك، من المؤكد أن وحدة المذهب بالنسبة لأي دولة يعتبر عاملا إيجابيا ومساعدا من الناحية السياسية على الحفاظ على لحمة الجماعة، لكن من المؤكد أن الإسلام كدين هو سابق على تشكل الفرق والمذاهب والجماعات، ولذلك حينما يسألني أحدهم: هل أنت شيعي أم سني فإني أفضل أن أجيب بأني مسلم وكفى..