لا يزال مشروع القانون التنظيمي للقضاة، الذي وافق عليه الملك محمد السادس خلال المجلس الوزاري الذي عقد بفاس، محتجزا لدى الأمانة العامة للحكومة، في انتظار قرار محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية بخصوص الكلفة المالية الإضافية التي ستنتج عنه بسبب ترقيات القضاة. وذكرت مصادر حكومية عليمة أن التحفيزات المالية التي منحها مشروع القانون التنظيمي، الذي أعده مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، هي التي «تسببت» في هذا التأخير، خاصة وأنه انخرط في مشاورات وصفتها المصادر ب»الشاقة»، مع محمد بوسعيد، والخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة. المصادر ذاتها كشفت أن وزارة المالية كانت تفكر خلال مشاوراتها الأولى في مجاراة طلب الرميد بإحداث درجة استثنائية جديدة للقضاة، من شأنها أن تزيد في حجم الأجور التي سيحصلون عليها وفق المشروع الجديد، إلا أن بوسعيد «تراجع في آخر لحظة» عن فكرة إحداث الدرجة ليتم الاقتصار على الاشتغال على الجانب المتعلق بالزيادة في عدد الرتب داخل نفس الدرجة. ونص مشروع القانون التنظيمي للقضاة، الذي ينتظر إحالته الأسابيع القليلة المقبلة على البرلمان، في مادته 25 على تخويل وزير العدل والحريات ووزير المالية، بالاتفاق بينهما، تحت أنظار رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، مهمة إعداد مشروع مرسوم يحدد الرتب الخاصة بكل درجة، والأرقام الاستدلالية المطابقة لها، وكذا أنساق الترقي من رتبة إلى أخرى. في سياق متصل، لا يزال مشروع القانون التنظيمي المنظم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية مجمدا بلجنة العدل والتشريع منذ أن شرع في مناقشته في 17 دجنبر 2014، وذلك في انتظار تقديم الفرق النيابية لتعديلاتها على المشروع الذي أثار جدلا كبيرا بسبب سحب اختصاصات النيابة العامة من يدي وزارة العدل والحريات، وكشفت مصادر حكومية أن وزير العدل والحريات اقترح تأخير القيام بإدخال التعديلات والمصادقة على المشروع إلى حين وصول المشروع المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة للمؤسسة البرلمانية، والانتهاء من جلسات مناقشته. وقالت مصادر مطلعة إن «هاجس التلاؤم التشريعي» بين المشروعين هو ما دفع الرميد للمطالبة بالتريث، إذ أبدى تخوفات من أن يتم الاضطرار لتعديل مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية في حالة حصوله على الموافقة البرلمانية إذا ما تضمن مشروع النظام الأساسي للقضاة مقتضيات تتناقض مع المشروع الأول.