تبادلت ايران والسعودية الثلاثاء الاتهامات بزعزعة استقرار اليمن حيث كثف التحالف العربي بقيادة الرياض غاراته الجوية في حين بدات ترتسم ملامح ازمة انسانية كبيرة. واعلن صندوق الاممالمتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) مقتل 62 طفلا في المعارك الدائرة منذ اسبوع في اليمن. ووصف المفوض السامي للامم المتحدة لحقوق الانسان رعد بن زيد بن الحسين الوضع في اليمن بانه "مثير لاقصى درجات القلق مع عشرات المدنيين القتلى في الايام الاخيرة". واضاف في بيان من جنيف "يبدو ان البلد على حافة الانهيار الكامل". وتعرضت العاصمة اليمنية صنعاء قبل فجر الثلاثاء لاعنف غارات جوية منذ بدء عمليات القصف التي يشنها تحالف عربي بقيادة السعودية على مواقع المتمردين الحوثيين المؤيدين لايران وعسكريين من انصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وقال احد السكان ويدعى عاصم الصبري لوكالة فرانس برس "شهدنا الغارات الاعنف" في صنعاء منذ بدء عملية التحالف العربي الخميس. واضاف "سمع دوي انفجارات قوية طوال الليل. كان امرا مريعا, لم يغمض لنا جفن". كما تصاعدت الحرب الكلامية بين الرياض وطهران في الوقت الذي تتجه فيه الانظار الى لوزان ونتيجة ماراتون المفاوضات حول برنامج ايران النووي. وقال الامير سعود الفيصل في كلمة له نشرها الحساب الرسمي لمجلس الشورى في تويتر, "ان ميليشيا الحوثي والرئيس السابق (علي عبد الله صالح) وبدعم ايران ابت الا ان تعبث باليمن وتعيد خلط الأوراق". واضاف "ان المملكة ليست من دعاة الحرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها". في المقابل, حذرت ايران من ان العملية العسكرية في اليمن يمكن ان تمتد اثارها الى الشرق الاوسط باسره. وقال مساعد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان على هامش مؤتمر المانحين لسوريا المنعقد في الكويت ان ايران تعتبر التدخل في اليمن "عدوانا خارجيا" سيؤجج التطرف في المنطقة. واضاف ان "نيران الحرب" ستدفع "كل المنطقة الى اللعب بالنار", مضيفا ان "العمليات العسكرية يجب ان تتوقف فورا". واعلنت ايران انها ارسلت مساعدة انسانية لليمن . وقال ناصر جرخ ساز مدير الهلال الاحمر الايراني انه تم ارسال "شحنة تضم 19 طنا من الادوية والتجهيزات الصحية والمواد الحيوية وطنين من الغذاء". وطهران تتهمها العديد من الدول العربية بالسعي الى زيادة نفوذها في الشرق الاوسط من خلال دعم المتمردين الحوثيين الشيعة الذين سيطروا على مناطق واسعة من الاراضي اليمنية في الاشهر الاخيرة. وكان الحوثيون انطلقوا من معقلهم صعدة في شمال اليمن وتدفقوا الى العاصمة صنعاء –التي سيطروا عليها بالكامل في فبراير– كما سيطروا على مناطق في الوسط والغرب والجنوب وهددوا الاسبوع الماضي مدينة عدن الكبرى ما ادى الخميس الى شن ضربات التحالف العربي بقيادة الرياض. وتركزت غارات ليلة الامس العنيفة جدا على صنعاء وخصوصا مواقع الحرس الجمهوري الذي بقي مواليا لصالح المتحالف اليوم مع الحوثيين. وقال احد السكان "كل معسكرات الحرس الجمهوري في محيط صنعاء وكذلك مطار العاصمة تعرضت للقصف طوال الليل". والى جانب صنعاء, اصابت الغارات مواقع للحرس الجمهوري ومواقع دفاعات جوية في مناطق عدة باليمن بحسب سكان. وفي تصريحه الصحافي الدوري مساء الاثنين اقر المتحدث باسم قوات التحالف العربي المشترك "عاصفة الحزم" العميد الركن أحمد عسيري ضمنا بمسؤولية التحالف عن الغارة التي اوقعت اربعين قتيلا على الاقل ومئتي جريح الاثنين في مخيم النازحين في المزرق شمال غرب اليمن. وقال ان "التحالف استهدف من قبل ميليشيات من منطقة سكنية واضطر طيران التحالف للرد" في اتجاه مصدر النيران وذلك ردا على سؤال حول ضربة ضد مخيم المزرق. وازاء تفاقم الوضع اعلن متحدث باسم الاممالمتحدة الثلاثاء ان المنظمة سحبت من اليمن جميع موظفيها الاجانب وان ممثلها في هذا البلد جمال بنعمر استقر في الاردن. واوضح المصدر ان اخر 13 اجنبيا يعملون للامم المتحدة غادروا اليمن. وكان نحو 200 موظف اممي بينهم بنعمر غادروا الاراضي اليمنية نهاية الاسبوع الماضي. واضاف المتحدث ان المنظمة ستعول على "مئات عدة" من موظفيها المحليين لابقاء حضورها في البلد وسيعود الموظفون الاجانب "حال ما تسمح الظروف". وقال فرحان حق المتحدث باسم المنظمة الثلاثاء ان بنعمر يسعى لاعادة اطلاق مباحثات السلام رغم حملة الغارات الجوية. كما قلل المتحدث من اهمية معلومات اشارت الى خسارة المبعوث الدولي لليمن دعم دول الخليج العربية. وقال "من الصعب اثناء فترة حرب دفع المفاوضات لكن الامر يزداد اهمية في هذه الظروف". واكد ان الدبلوماسي المغربي جمال بنعمر لا يزال يحظى ب"دعم تام" من الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون. وفي جنيف اعربت المفوضة السامية للامم المتحدة لحقوق الانسان عن "صدمتها" ازاء الهجوم على مخيم النازحين ونددت بهجمات اخرى طالت اهدافا مدنية. ونددت سيسيل بولاي المتحدثة باسم المفوضية خصوصا بهجوم نفذته الفرقة 33 المدرعة الموالية لصالح والحوثيين, في الضالع واستهدف ثلاثة مستشفيات. وتعرض مقر هذه الفرقة الثلاثاء لغارة من التحالف العربي ما خلف 32 قتيلا بين جنودها, بحسب مصدر طبي. وفي عدن قتل عشرة اشخاص بينهم مدنيون واصيب 34 اخرون بجروح, وفق مصدر طبي. ويضاف هؤلاء القتلى الى 47 اخرين مدنيين وعسكريين قتلوا الاثنين والثلاثاء في هجمات متفرقة في الجنوب بينهم 20 عاملا في مصنع اسمنت اصيب بقذيفة لم يعرف مصدرها. واعلنت منظمة اطباء بلا حدود انها "عالجت اكثر من 550 جريحا منذ 19 مارس اثر مواجهات في عدن ولحج ومناطق اخرى في الجنوب". وبحسب منظمة العفو الدولية يوجد على الاقل ستة مدنيين (امراتان واربعة اطفال) بين 14 شخصا حرقوا احياء في غارة جوية للتحالف قبل فجر الثلاثاء في محافظة اب (وسط اليمن) حيث استهدفت الغارات موقعا حوثيا. واعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الثلاثاء انها لم تحصل على ضمانات امنية ضرورية كي تحط طائرة محملة بالمواد الطبية في اليمن, فيما قتل موظف في الهلال الاحمر اليمني الاثنين. واطلقت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بيان نداء كي تتمكن الطواقم الانسانية من العمل بكل امان, بعد ان "قتل المتطوع في الهلال الاحمر اليمني علي عمر حسام الاثنين في محافظة الضالع الجنوبية فيما كان يقوم باجلاء جرحى". وازاء تطورات الوضع في اليمن نصحت الوكالة الاوروبية لامن الطيران شركات الطيران بتفادي التحليق في اجواء اليمن.