افرج قضاة المجلس الاعلى للحسابات عن ملخصات تقارير جديدة تتعلق بمراقبة وتقييم اداء بعض الأجهزة العمومية، وهي الملخصات التي أماطت اللثام عن مجموعة من الاختلالات التي تعرفها مؤسسات الدولة، ضمنها المكتب المغربي للسياحة التي وضع قضاة جطو أيديهم في "طنجرته" الحارقة. ورصد قضاة المجلس الاعلى للحسابات مجموعة من الاختلالات التي طبعت تسيير المكتب المغربي للسياحة الذي يتولى مهمة الترويج للمنتوج السياحي المغربي داخل وخارج ارض الوطن. واعاب المجلس على المكتب المغربي للسياحة قصور استراتيجيته التي ارتكزت أساسا على اعتبارات القرب من الأسواق المصدرة عوض معيار النفقات السياحية، مشيرا إلى أن الأسواق التي يعتبرها المكتب أولوية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) لا تمثل سوى 21% من مجمل النفقات للدول العشر الأولى في ترتيب المنظمة الدولية للسياحة، أي ما يعادل 430 مليار دولار ممثلة بذلك 47% من السوق العالمي. وقد أسفرت المعايير السالفة الذكر عن تموقع المغرب في ثلاثة أنواع من الأسواق سنة 2004 وهي الأسواق الإستراتيجية وتشمل فرنسا واسبانيا والبرتغال وألمانيا والمملكة المتحدة، والأسواق المستقبلية والمتمثلة في ايطاليا وسويسرا والدول الاسكندنافية والبينيلوكس والشرق الأوسط، وأخيرا الأسواق ذات الطابع التكتيكي (الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا). وقد حظيت الأسواق الإستراتيجية، حسب التقرير، بنسبة ثمانين في المائة من توقعات ميزانية الإنعاش مقابل 16 و4 في المائة لكل من الأسواق المستقبلية والأسواق التكتيكية. واشار إلى أن تموقع المغرب في هذه الأسواق عرف عدة مراجعات دون توثيق لذلك ودون الارتكاز على تحاليل للأسواق من شأنها تفسير التغيرات التي قد تكون طرأت على مستوى هذه الأسواق، وهو ما يدل على "عدم الوضوح فيما يتعلق بخيارات تموقع المغرب على غياب عمليات متسلسلة من شأنها المساعدة على تحديد أهداف يمكن تحقيقها وتخصيص الإمكانيات المادية والبشرية لذلك، وكذا تحديد المهمات الدقيقة المنوطة بكل متدخل على مستوى المكتب وكذا فروعه بالخارج"، حسب ان ورد في تقرير المجلس. وبالموازاة مع إعادة تصنيف الأسواق المستهدفة، تخلى المكتب عن منطق تخصيص الموارد للأسواق بالنظر لتموقعها الاستراتيجي. وفي هذا الصدد، يقول التقرير، انتقل المكتب من وضع أولويات إستراتيجية لاختيار الأسواق وتخصيصها بنسب من ميزانية الإنعاش إلى إعادة الاعتبار لهذه الأسواق بالنظر إلى الأنشطة التي يعتزم القيام بها دون الأخذ بعين الاعتبار الانعكاسات على مستوى مخصصات الميزانية وكذا التوازن بين قنوات التواصل المتصلة بالمستهلكين ومهنيي السفر ووسائل الإعلام بالكيفية التي تتناسب مع خصوصيات كل سوق. وخلص قضاة مجلس جطو الى ان البيئة الجديدة لتوزيع السفر لم تؤد إلى تغير حقيقي على مستوى تسويق المغرب كوجهة سياحية. ومن ضمن الاختلالات التي تم رصدها، غياب التجديد في وسائل التكنولوجيا المستعملة في عملية الترويج السياحي، اذ موقع المكتب على الانترنت المحدث سنة 2008 الاستعمال الوحيد للتكنولوجيا الجديدة للمعلومات رغم كونه لا يستغل نظاما لتدبير العلاقة مع الزبون بسبب عدم التقاطه لأسماء وعناوين واهتمامات الزوار. وتبعا لذلك، يوصي المجلس الأعلى للحسابات ب" إعطاء الأولوية اللازمة للأنشطة المتعلقة بدراسة الأسواق من طرف المكتب حتى تكون في مستوى رهانات رؤية 2020 وإضفاء الطابع الرسمي على مسلك صنع القرار قصد إرساء مبادئ المسائلة والتقارير"، الى جانب "تجاوز التأخير الذي يطبع إصدار مجموع الوثائق الإستراتيجية المتعلقة بتفعيل رؤية 2020، خاصة منها مخططات العمل التسويقي، والاستمرار في الحفاظ على مكتسبات السياحة المغربية بالأسواق التقليدية مع اغتنام الفرص التي تتيحها الأسواق الناشئة من أجل تحديد تموقع للمغرب فيها، وكذلك تطوير قطاعات أخرى من السوق السياحية كالمغاربة المقيمين بالخارج والسياحة الداخلية وسياحة الاجتماعات والأعمال والسياحة الثقافية". هذا فضلا عن "تطوير العلامة التجارية للوجهات وتعزيز مقوماتها واستكشاف السبل لتثمين العلامة التجارية للمغرب كوجهة سياحية؛ وضمان تموقع ثابت على مستوى مختلف الأسواق على المدى المتوسط، بالاستناد إلى دراسات تسويقية، والسهر على ضمان احترام الاختيارات المبرمجة المرتبطة بالوسائل المتاحة وآليات التتبع والتقييم".