انتهى حوار الحكومة والمركزيات النقابية، في لجنة المعاشات المدنية، أمس الأربعاء، دون نتائج جديدة. الحوار الذي بدأ الاثنين مع النقابات الثلاث وهي الاتحاد المغربي للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ثم الثلاثاء مع الثنائي الاتحاد العام للشغالين وتيار عبد الحميد الفاتيحي في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وبالأمس مع الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، انتهى كما بدأ، نتيجة حسابات تكتيكية. وبينما كانت الحكومة تعوّل على أن تصل مع النقابات إلى تصور مشترك حول كيفية إصلاح التقاعد، ظهر أن النقابات مختلفة، فبينما ترفض النقابات الثلاث مناقشة صلب الموضوع قبل الحصول على مكاسب اجتماعية جديدة، اقترح الثنائي المكون من الاتحاد العام وتيار الفاتيحي في (فدش) اعتماد رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي كأرضية للنقاش، في أفق بلورة مقترح مشترك. وانتهت جلسة الاثنين الماضي مع النقابات الثلاث، ثم جلسة أول أمس (الثلاثاء) مع الثنائي، «دون أي تقدم يُذكر»، يقول مصدر من رئاسة الحكومة، في حين اعتبرت النقابات أن تلك الجلسة «كانت منهجية فقط». وطالبت، بعد ثلاث ساعات من الجدل بينها وبين ممثلي الحكومة، بمُهلة يومين، على أساس أنها ستُقدم رأيها للحكومة مكتوبا. وفعلا، أكد المصدر أن رئاسة الحكومة توصلت، أمس، برسالة من النقابات الثلاث، تؤكد فيها أنها غير متفقة مع الحكومة على مناقشة ملف التقاعد قبل الملفات الأخرى، وطالبت من رئيس الحكومة تصحيح ما سمّته اختلالات في مسار الحوار، مؤكدة أنها ستواصل الحضور لباقي جلسات الحوار سواء في لجنة الانتخابات، التي ستبدأ اجتماعاتها اليوم الخميس، أو لجنة القطاعين العام والخاص يوم الثلاثاء المقبل. ففي الوقت الذي تعتزم فيه الحكومة على المضي قدما في إصلاح نظام التقاعد نظرا إلى استعجاليته، قرّرت النقابات الثلاث الدعوة إلى عقد اجتماعات مجالسها الوطنية يوم 7 مارس المقبل، بحسب ما كشف عنه ل»اليوم24»، العربي حبشي، عضو المكتب الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وذلك في «يوم واحد، وبجدول أعمال واحد، وبمواقف موحدة»، إلا أنه رفض الكشف عن تلك المواقف التي تشير إلى التهديد بالتصعيد في حالة إذا ما قرّرت الحكومة الشروع في الإصلاح دون «الحصول على شيء كمقابل». وأوضح مصدر من رئاسة الحكومة، أنه عندما تضع النقابات موافقتها على إصلاح التقاعد مقابل الحصول على مكاسب جديدة، فإن الحكومة ترفض ذلك، وتقول: «لا للحوار المشروط». لكن المصدر بدا منزعجا لأن الحوار كان «بطلب من النقابات»، وأن «رئاسة الحكومة وافقت عليه لأجل منحها فرصة أخرى»، لعلها (النقابات) «تُقدّم تصورا واضحا ودقيقا» للإصلاح. العربي حبشي، عضو المكتب الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل، لخّص ما جرى في اجتماع لجنة المعاشات المدنية بقوله إنه كان «منهجيا فقط، ولم يتطرق إلى موضوع الاجتماع»، الذي هو التقاعد، وأضاف أن المركزيات الثلاث سبق أن اقترحت على رئيس الحكومة تشكيل أربع لجان، من بينها لجنة تحسين الدخل والأجور، لكن رئاسة الحكومة أسقطتها، ما جعل جلسة الاثنين «غير موضوعية». وأضاف حبشي أن اللقاء مع رئاسة الحكومة أكد على استمرار الخلاف في المقاربة، حيث ترى النقابات الثلاث أن «إصلاح التقاعد غير ممكن في ظل تغييب البعد الاجتماعي»، ما «يحتم إجراء إصلاح وفق مقاربة شمولية ومندمجة»، في الوقت الذي «نعتبر فيه مقاربة الحكومة مقياسية وتجزيئية»، ويقصد الحبشي بذلك أن «التحسين التدريجي على المستوى الماكرواقتصادي»، أي في الأداء الاقتصادي للحكومة، يقتضي، وفق تعبيره أن «تستفيد الطبقة العاملة منه»، مؤكدا أن هدف النقابات «هو التوازن الاجتماعي لا غير». أما الحكومة، فقد تأكد لها من خلال خلاصة جلسات الحوار مرة أخرى أن «النقابات لا تملك تصورا» لإصلاح التقاعد، وأن كل ما تقوله هو «أن يكون السن اختياريا»، وتريد «ربح مزيد من الوقت» في الوقت «الذي يعرف فيه الجميع أن الملف مستعجلٌ ويتطلب «إصلاحا شموليا».