أثير، أخيرا، جدل كبير حول ما بات يعرف ب»الكار لي مجاش من فاس»، إذ أن أنصار الرجاء البيضاوي ظلوا يسخرون من نظرائهم الوداديين، بداعي أن الفريق الأحمر كان على وشك السقوط إلى القسم الوطني الثاني سنة 1973، لولا أن الفريق الأحمر فاز بالقلم بسبب عدم حضور المغرب الفاسي إلى الدارالبيضاء لخوض المباراة الأخيرة في الموسم أمام الوداد. بعد نحو 42 عام، تعود أحداث واقعة رفض المغرب الفاسي لكرة القدم خوض مباراته أمام الوداد الرياضي، في موسم 1972/1973 إلى الواجهة، وكيف تسبب ذلك في فقدان «الماص» لقب الدوري الوطني، وبقاء «الواك» في القسم الأول. الرجاويون للوداديين: «علاش الكار مجاش من فاس؟» المغرب الفاسي كان محتلا، حينها، المركز الأول، برصيد 65 نقطة، وفريق النادي القنيطري كان محتلا للمركز الثاني، في الترتيب العام، برصيد 64 نقطة، في حين كان فريق الوداد الرياضي محتلا للمركز العاشر برصيد 57 نقطة، والجيش الملكي، والاتحاد الزموري للخمسيات، وبني ملال، كلها كانت في المراكز الموالية، 11، و12 و13، بالرصيد ذاته من النقط، واتحاد سيدي قاسم، في المركز 14 برصيد 56 نقطة. كان الوداد الرياضي يحتاج إلى الفوز في مباراته الأخيرة أمام المغرب الفاسي، في الدارالبيضاء، من أجل ضمان البقاء في القسم الأول، هذا في الوقت الذي كان فيه «الماص» في حكم المتوج بلقب الدوري الوطني، لكنه لم يحضر إلى الدارالبيضاء لخوض المباراة الأخيرة أمام الوداد، احتجاجا على الظلم التحكيمي الذي تعرض له خلال الدورة ما قبل الأخيرة أمام اتحاد سيدي قاسم في ملعب الحسن الثاني في فاس. قرر مسؤولو المغرب الفاسي عدم التوجه إلى مدينة الدارالبيضاء لخوض المباراة الأخيرة في منافسات الدوري الوطني لكرة القدم، والتي لم تكن سوى أمام فريق الوداد الرياضي، ولم يكونوا يعلموا، حينها، أن ذلك سيكلفهم لقب الدوري الوطني، وبالتالي الهزيمة بخصم أربع نقط من رصيدهم لصالح الوداد الرياضي. حميد الهزاز: «لم نكن نسافر في الحافلة» يقول حميد الهزاز، الحارس الدولي السابق، وأحد أبرز نجوم المغرب الفاسي في تلك المرحلة، في هذا الموضوع، موضحا: «لم نذهب إلى الدارالبيضاء لمواجهة الوداد الرياضي، حينها، احتجاجا على ظلمنا من طرف الحكم «حجام» في مباراة الجولة قبل الأخيرة أمام اتحاد سيدي قاسم، الذي كان يحتاج إلى الفوز من أجل البقاء في القسم الأول.. المباراة انتهت بالتعادل، وأعلن الحكم عن نهايتها قبل سبع دقائق من موعدها الأصلي». يضيف الهزاز: «مباشرة بعد نهاية المباراة أمام اتحاد سيدي قاسم، عقد المكتب المسير للمغرب الفاسي، برئاسة محمد بنزاكور، اجتماعا، تقرر خلاله عدم السفر إلى مدينة الدارالبيضاء لمواجهة الوداد الرياضي، احتجاجا على الجامعة الملكية المغربية… ليس في الأمر تواطؤ أو شيء من هذا القبيل، هذا مجرد كلام فارغ لا أساس له من الصحة، لم نكن نعلم أن غيابنا عن المباراة الأخيرة سيتسبب في ضياع لقب الدوري». يضيف حميد الهزاز، في السياق ذاته: «البعض يقول إن أكثرية المسؤولين في الوداد الرياضي، سابقا، كانوا من أصل فاسي، وبالتالي كانت لهم علاقة قوية مع نظرائهم في الماص، ولكن ذلك لم يكن له صلة بعدم سفرنا إلى الدارالبيضاء لمواجهة الوداد.. أنا لا أفهم كيف أن البعض مازال إلى اليوم يتحدث عن هذا الموضوع، مع أنه مر عليه نحو 40 سنة.. أمام فريق اتحاد سيدي قاسم كنا قاب قوسين أو أدنى من الفوز لولا الظلم التحكيمي الذي تعرضنا له، وإضافة إلى مقاطعتنا مباراة الوداد، كنا قد قررنا أيضا عدم خوض منافسة كأس العرش، لولا بعض التدخلات من جهات ما، حذرت الفريق من مغبة الإقدام على هذه الخطوة، بداعي أن هذه المنافسة ترتبط بعرش البلاد». بنزاكور: قاطعنا المباراة الأخيرة احتجاجا على التحكيم «كثر القيل والقال في هذا الموضوع، بداعي أنه كانت تربط بين مسؤولي الفريقين، المغرب الفاسي والوداد الرياضي، علاقات متينة، خاصة أن الوداد كان يعاني مشاكل في المراتب الأخير.. لكن الحكاية تعود إلى الدورة قبل الأخيرة من موسم 72/73، في مباراتنا أمام اتحاد سيدي قاسم، في ملعب الحسن الثاني في فاس، حينها ارتكب الحكم عمدا أخطاء فادحة لصالح الفريق الزائر، وأعلن قرارات غير منصفة، وأعلن انتهاء المباراة قبل نهايتها القانونية ب11 دقيقة، الشيء الذي جعل الجمهور الفاسي ينتفض، وكادت الأمور تخرج عن سياقها لولا تدخل رجال الأمن». «بعد نهاية المباراة أمام اتحاد سيدي قاسم، عقد المكتب المسير اجتماع عاجل، حضره العديد من الفعاليات، من بينهم بعض المحبين، وتقرر، في الاجتماع ذاته، عدم إجراء المباراة الأخيرة أمام الوداد الرياضي، ما لم نتوصل من جامعة الكرة، في ظرف أقل من أسبوع، بتفسيرات حول الظلم الذي تعرضنا له أمام اتحاد سيدي قاسم، وبالفعل، لم نتوصل برد من الجامعة، فنفذنا قرارنا، القاضي بعدم السفر إلى الدارالبيضاء لمواجهة الوداد الذي كان يعاني في المراكز الأخيرة». «كانت العلاقات متينة بين الوداد والمغرب الفاسي، والبعض يعتقد حاليا أن تلك العلاقات كانت وراء عدم سفرنا إلى الدارالبيضاء لخوض المباراة، حتى نجنب الوداد السقوط إلى القسم الثاني، وهذا خاطئ تماما، ولا أساس له من الصحة». بلاغ المغرب الفاسي القاضي برفض مواجهة الوداد بعد أن قرر المكتب المسير، بالإجماع، عدم خوض مباراة أمام الوداد الرياضي، أصدر بلاغا، في هذا الشأن، يحتج فيه على التحكيم، جاء فيه: «إذا كانت الرياضة قد تحولت إلى هذا المستوى الداني وإلى ظلم يفوق التصور، وإلى جري لاعب وراء آخر لرفسه ولكمه، وإلى شتم الجمهور، وإلى ما لا يمكن تصوره من انعدام الأخلاق، وسوء السلوك، لحد يجعلنا نجد حرجا كبيرا في التعبير عن الأشياء التي تعرضنا لها. لأنها أشياء يندى لها الجبين، فإنه من الأفضل لنا أن ننسحب من هذا النوع الرياضي، الذي تترفع عنه الرياضة، ونترفع نحن عنه.. إننا نعلم أن الرياضة خلقت للتنافس الشريف وخلق جو التفاهم، والتعاطف والسلام، وبالتالي إبعاد العنصرية، وإذا تحولت الرياضة عن أهدافها، إلى ما يخلق العنصرية ويخلق الشر، وسوء الأخلاق، فإنه من الأفضل لنا أن ننحسب… والجدير بالذكر أن المكتب المسير لم يعلن الانسحاب من نفسه، بل تلبية لرغبة الجمهور الرياضي… ولذلك، إذا أعلنا الانسحاب، وتمسكنا به، فإن ذلك خدمة منا للرياضية في بلادنا، ولابد لمن يريد إصلاح الرياضة، أن يحدث ثورة على هذه الأوضاع الرياضية الفاسدة. ولأن لكل ثورة ضحايا، فإننا نضحي بفريقنا، وبالتالي، لا نرغب في تغيير نتيجة أو أخذ لقب، بل نرغب في أن تستقيم الرياضة… إن الرياضة في بلادنا تعاني الأمرين، من التدخلات، ومن انعدام الضمائر، ومن التحيز، ومن الخوف، ومن الضغط بكل شكل ولون، فإذا لم يتصد أحد للقضاء على هذه الأمراض، أقبرت الرياضة في بلدنا، الذي يجدر أن تصل فيه إلى المستوى العالي.. إن ما يثير العجب، هو أنه نجد أنفسنا نظلم في ميداننا، وتغتصب حقوقنا، ويعتدى علينا، دون أن تكون هناك تدخلات لحمايتنا…». الوداديون يردون: أجبنا عن سؤالكم إذن «كملوا معانا ميطة». بعد أن ظهرت حقائق عدم خوض المغرب الفاسي مباراته أمام الوداد الرياضي، وبالتالي ظهور «براءة» الفريق الأحمر من التلاعب مع «الماص» من أجل البقاء في القسم الأول، سخر أنصار الفريق الأحمر من جيرانهم الرجاويين من انسحاب القلعة الخضراء من ديربي الفريقين سنة 1978. المئات من أنصار فريق الوداد الرياضي لكرة القدم، ليس فقط من المغرب، بل حتى من مختلف بقاع العالم، طرحوا أخيرا السؤال «علاش مكملتوش معانا ميطة؟». تعود أحداث انسحاب الرجاء البيضاوي من ديربي سنة 1978، حسبما يرويه بعض الوداديين، إلى رفض الفريق الأخضر إتمام الديربي، بعدما تلقى ثلاثة أهداف في الشوط الأول. وبدأت حكاية الديربي، غير المكتمل، دائما حسب بعض الوداديين، بعد أن حصل الوداد الرياضي على ضربة جزاء في الدقيقة 44، تسببت في طرد الحارس الرجاوي نجيب مخلص، في وقت كان فيه الفريق الأخضر قد استنفذ كل التغييرات، فارتدى اللاعب عبد المجيد الظلمي قميص الحارس من أجل التصدي لضربة الجزاء، هذا في الوقت الذي كان فيه اللاعب مصطفى شكري (الراحل المعروف ببيتشو)، القادم من الرجاء إلى الوداد، يجلس فوق الكرة في منطقة الجزاء، ينتظر حارسا لكي ينفذ ضربة الجزاء. في هذه اللحظة، وخلال توجه عبد المجيد الظلمي إلى المرمى للتصدي لضربة الجزاء، تصدى له امحمد فاخر، الذي منعه، ودعا باقي اللاعبين إلى مغادرة المعلب، وبالتالي الانسحاب من المباراة خوفا من هزيمة ساحقة أمام الوداد.