قدمت فرقة «باب البحر سيني مسرح»، مساء أمس، مسرحية «رجل الخبر الحافي»، لمؤلفها الطنجي الزوبير بن بوشتى ومخرجها عبد المجيد الهواس، على مسرح سينما «رونيسانس» بالرباط، ضمن فعاليات المهرجان السابع للمسرح العربي. وقد تمحور اللقاء الصحافي، الذي انعقد، أول أمس، بمقر وزارة الثقافة، حول أبعاد هذا النص، الذي يتناول شخصية المبدع الراحل محمد شكري. رغم أن الأديب العالمي محمد شكري رحل عن الحياة الدنيا منذ عشر سنوات، إلا أن روحه الإبداعية لازالت تمارس أثرها في النفوس. وآخر تجليات هذا الأثر ما قام به صديقه المبدع، ابن مدينة طنجة، الزوبير بن بوشتى، الذي تناول شخصيته في مؤلف مسرحي موسوم ب«رجل الخبو الحافي». وأبى القاص والمخرج المسرحي عبد المجيد الهواس إلا أن يبعثه حيّا على الركح عبر الممثل منصف قبري. في هذا السياق، تحدث الزوبير بن بوشتى عن هذا الكتاب، خلال ندوة صحافية صباح أول أمس بمقر وزارة الثقافة، واصفا إياه بمشروع الكتابة الإبداعية عن محمد شكري. إذ اعتبر أن حياة محمد شكري لا تقل أهمية وغنى عن حياته الإبداعية. بل ذهب أبعد في هذا التصريح، عندما قال إن حياته أغنى من كتاباته، بالنظر إلى حجم ما كان يحكيه في الجلسات الحميمية. من جهة أخرى، ينبثق هذا العمل، كما يقول بن بوشتى، من معايشة قريبة لحياته الأدبية والإنسانية، مشيرا إلى أن «رجل الخبز الحافي» يتأرجح بين السير الحياتية والأدبية والفكرية. ويكمن الخيط الناظم فيه، حسب توضيحه، في كشف الصراع الدائر بين هذه السير؛ أي «بين الشخص والشخصية». إذ يرى أن شخصية الطفل في روايته الشهيرة «الخبز الحافي» ظلت تطارده حتى في شيخوخته. من هنا تولدت رغبة شكري في تطوير تجربته الروائية، والتخلص من صورة كاتب «الخبز الحافي»، أو «رجل الخبز الحافي»، بحسب تعبير بن بوشتى»، ورسم صورة مغايرة للكاتب «الظاهرة». ليس العمل إعدادا لرواية «الخبز الحافي»، يقول بن بوشتى، بل هو نص مستقل، يتناول حياته وكتاباته. إذ يسعى إلى تقديمه في إطار تفاعله مع محيطه، أحيانا على ضوء ما يتلقاه من سلوكيات وتصرفات ناتجة عن نصه الأساس «الخبز الحافي». وهي ازدواجية يلخصها الممثل الشاب منصف القبري، الذي يؤدي دور محمد شكري في المسرحية، في سؤاله: من هو شكري: الكاتب أم المتشرد؟ من هنا ينبع التحدي في هذا العمل. ذلك أن رواية «الخبز الحافي» تقود إلى السقوط في فخ طغيانها على شكري الإنسان. فالمسرحية تحاول قدر الإمكان، كما يقول مخرجها عبد المجيد الهواس، الابتعاد عن توثيق حياة الروائي، موضحا أن عنوان العمل يطرح التباسا في هذا الباب، بالنظر إلى كونه يوحي بأن بن بوشتى يحاول إعادة ترميم هذه الحياة. كما يشير المخرج، هنا، إلى أن المؤلف يحاول أن يظهر ذلك الصراع الذي كان يعيشه شكري في بواطنه بين الإنسان والكاتب. من هنا، يعتبر الهواس أن الانكباب على إخراج هذه المسرحية يعتبر، في حد ذاته، مغامرة كبرى، بالنظر إلى ما تستدعيه هذه الازداوجية من جماليات وأبعاد فنية وتقنية، وما تتطلبه من اجتهادات إخراجية لخلق «دينامية وحياة وفرجة تمتع المشاهد».