قصص نجاحات المغاربة خارج الحدود كثيرة ومتنوعة ، اليوم 24 وقفت على واحدة من هذه القصص الحية بروسيا، وبالضبط بجامعة الأجهزة الفضائية سانت بترسبورغ، وبطلتها هذه المرة بصيغة المؤنث، فهي فتاة يافعة من مواليد 1992 بدرب السلطان بالدارالبيضاء وتدعى صوفية مرباط ، وهي تدرس الآن في سنتها الأخيرة بالجامعة وتخصصت في صناعة و برمجة الأجهزة الفضائية . صوفية..ابنة درب السلطان التي كانت تكره الرياضيات في الابتدائي ولدت صوفية بمدينة الدارالبيضاء سنة 1992 وبالضبط بدرب السلطان ، تابعت دراستها الابتدائية بإحدى المؤسسات التعليمية الخصوصية، ولم يكن لاسمها أي معنى داخل الفصل ، كانت نتائجها طوال الست سنوات الأولى من التدريس جد عادية ولم تكن تحصل سوى على نقط مهمة فأغلبها يتراوح بين المتوسط ولا بأس به. وتتذكر صوفية أستاذة الرياضيات بالمؤسسة التي جعلتها تكره لغة "فيتاغورس" والأرقام والهندسة، فقد كانت حصة مادة الرياضيات عندها من بين المواد التي كانت تكرهها، وانتقلت إلى التعليم العمومي في دراستها الإعدادية والتحقت بمؤسسة الإمام الشاطبي، و هناك تفتقت ملكاتها العلمية وبدأت تحقق نقطا جد مشجعة جعلها تقرر التوجه للعلوم رياضية بثانوية ابن بطوطة بالبيضاء ، وحصلت على شهادة الباكالوريا في هذا التخصص وحظيت بالتشجيع لكونها كانت من الاوائل على صعيد الأكاديمية. صوفيا تنحذر من عائلة " مثقفة جدا" تنحدر صوفيا من عائلة مغربية محافظة وجد عادية، وأهم ما يميزها نبوغ الأب والأم على حد السواء ، فالأب حصل على ثلاثة إجازات وفي تخصصات مختلفة وفي رصيده إجازة في الفيزياء وإجازة في الاقتصاد وإجازة في الدراسات الإسلامية ودكتوراة في الفلسفة ، بينما الأم هي الأخرى التي تعمل في مجال البصريات حصلت على إجازة في العلوم الاقتصادية وإجازة في الدراسات الإسلامية . وتضيف صوفية" لدينا غرفة في المنزل اختار لها الأب اسم "المكتبة " تدخل إليها وتحيط بك الكتب في كل الاتجاهات وتشمل جميع العلوم الشرعية والقانونية والمعرفية والرياضية والعلمية والفلسفية والفكرية، وهي أعظم غرفة لدي في المنزل بحث كنت اقضي فيها الساعات الطوال وخاصة بين الموسوعات العلمية التي تهتم بمجال الفضائيات". حينما يحقق الأبناء ما عجز عنه الآباء ذلك كان شعار صوفية في مسارها الدراسي، فقد تحدثت إلى اليوم 24 عن والدها الذي يشتغل أستاذا للفيزياء بإحدى الجامعات بالدارالبيضاء، وعن حلمه الذي رافقه منذ ريعان شبابه في أن يصبح ربان طائرة، ولأجل تحقيق الحلم سافر إلى الديار الفرنسية وقام باجتياز امتحانات ولوج إحدى المعاهد المتخصصة في تكوين ربابنة الطائرات ونجح بامتياز ولكنه فوجئ بمانع قانوني، إذ من بين الشروط التي وضعها المعهد "السن " فكان عمره فوق المطلوب ليعود بعدها أدراجه المغرب ، ولم ييأس فحاول توجيه ابنته قدر المستطاع " بقيت تلك الأمنية بين عيني ، وكان كل أملي ومرادي دخول كلية والتخصص في الفضائيات وهو ما تنسى لي من خلال اطلاعي على الجامعات الروسية التي تقدم عروضا مغرية للطلبة المؤهلين لدراسة التخصص ، حينها قررت الالتحاق بروسيا بالرغم من عامل المسافة والبعد عن الاهل والعائلة والأصدقاء والوطن ولكن تحقيق حلم والدي كان أكبر من ذلك كله " تقول صوفية. "الطريق الى روسيا "لم يكن مفروشا بالورود غادرت صوفيا الدارالبيضاء سنة 2010 ، وتتذكر في حديثها لليوم 24″ا قول والدتي لي مستقبلك أهم من كل شيء ووالدي هو الآخر شجعني على خوض التجربة مقدما النصيحة لي: سافري لتتطلعي على باقي الثقافات "حينها غادرت الفتاة التي لم تكن يتجاوز عمرها 18 سنة ونيف المطار في تجاه بيترسبوغ الروسية ن وكان أول من استقبلها طلبة من الجارة الجزائر بحكم أن المغاربة لم يكونوا يدرسون بتلك الجامعة ، واستطاعت التأقلم مع طريقة العيش في الحي الجامعي في ظرف وجير ، وبعد مضي عشرة أيام بدأ الحنين لحضن الأم التي كانت تعاملها كصديقة ورفيقة، وبدأت صوفيا تحس بنوع من الحنين للجو العائلي حينها انهمرت العيون بالدموع، ولكن سرعان استرجعت أنفاسها، و خصصت السنة الاولى لدراسة اللغة الروسية ، وبعدها التحقت بجامعتها وكانت المغربية الوحيدة بها في تخصص صناعة و برمجة الأجهزة الفضائية . شركة واحدة في البيضاء تهتم بمثل تخصص "صوفية" عن آفاق تخصصها هذا ، قالت صوفيا لليوم 24 بأن الجواب سيكون في شقين احدهما مفرح وهو أن الشركة الوحيدة في المغرب وتتواجد بالدارالبيضاء مهتمة بتوظيف مثل هذه الكوادر التي تحمل دبلوم صناعة و برمجة الأجهزة الفضائية ، غير أن الجزء الثاني من الخبر هو أن الشركة توظف مهندسين من كندا وأمريكا بينما المغاربة فقط يتم توظيفهم في مناصب عادية، وبالرغم من ذلك فإن حماس صوفيا للتعمق في هذا التخصص ، سيدفعها إلى اتخاذ قرار الاستمرار في الدراسات المعمقة (الماستر) واختيار تخصص يناسب ميولاتها ، ولم لا التفرغ للدكتوراة. نماذج .. مقصورة الربان بما فيها "العلبة السوداء" "نظام الدراسة بالجامعة لا يرحم "، هكذا علقت صوفية على النظام التعليمي بالجامعة التي تتابع فيها دراستها "التحقنا بالفصل وكان عددنا 20 طالبا أغلبهم من روسيا وثلاثة من الصين وكنت أنا المغربية الوحيدة ضمن هؤلاء ..مرت سنة واضطر خمسة طلبة روسيين مغادرة التوجه ليكون عددنا حينها 15 طالبا فقط ، واليوم نحن في السنة الرابعة ولم يبق على تخرجنا سوى نصف سنة". شاركت صوفية ومثلت المغرب في عدد من الملتقيات العليمة بروسيا، وحظيت بتدريبات بكبريات الشركات المتخصصة في صناعة الطائرات، وعن تخصصها تقول " أقوم ببرمجة كل ما يتعلق بالتجهيزات المتعلقة بمقصورة ربان الطائرات بكافة أنواعها كالطائرات المدنية والحربية والهليكوبتر ومن بين الأمور التي نصممها مثلا العلبة السوداء التي يعرفها الجميع بكونها تحمل جميع المعلومات المتعلقة بأمن وسلامة الطائرة بالإضافة على أجهزة الارتداد وغيرها ".