يبدو أن العلاقات المغربية القطرية مُقبلة على أيام جيدة تُنهي شهورا طويلة من الغموض والضبابية التي طبعتها، خاصة بعد الغياب الطويل للسفير القطري السابق عن الرباط، والذي دام قرابة الشهرين مستهل العام الحالي، في وقت لم يكن فيه هذا الدبلوماسي قد أكمل سنة واحدة الأكاديمي المغربي المتخصص في العلاقات الدولية، تاج الدين الحسيني، قال إن تقارب الرباطوالدوحة بدأ في الشهور الأخيرة من حكم الأمير حمد بن خليفة آل ثاني، وتجسّد في الزيارة التي كان قد قام بها رفقة الشيخة موزة ومكوثه الطويل بمدينة مراكش، «لكن مع التغيير الذي حصل، يبدو أن التقارب سيكون أكبر». أبرز الملفات التي كشفت ضبابية العلاقات المغربية القطرية في الشهور الأخيرة، كان الدعم المالي الذي اتفقت دول الخليج العربي على تقديمه للمغرب والمقدّر بخمسة ملايير دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة. فبعدما قدّمت كل من العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، حصتها من هذا الدعم، إما جزئيا أو كليا، تخلّفت قطر عن تقديم حصتها من الدعم الموعود إلى اليوم. فيما كانت التحركات القطرية الأخيرة في ملف فلسطين ومدينة القدس تحديدا، سببا في توجّسات مغربية انعكست على علاقات الرباط مع كل من الدوحة ومصر والسلطة الوطنية الفلسطينية، حيث أقدمت قطر في إطار منظمة التعاون الإسلامي، على خلق صندوق جديد لدعم المدينة المقدسة، في وقت يعتبر فيه ملك المغرب، رئيس لجنة القدس. آخر مؤشرات تحسّن هذه العلاقات وتقارب البلدين، استقبال الملك محمد السادس، أول أمس، بالقصر الملكي لتطوان، سفيرا جديدا ينتمي إلى جيل الشباب الذي ينتمي إليه كل من الملك محمد السادس والأمير الجديد لقطر، تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني. السفير الجديد التقى الملك حاملا رسالة خطّية من أمير قطر الذي خلف والده في الحكم قبل أيام قليلة، وهي الرسالة التي تردّ على برقية التهنئة الاستثنائية التي بعثها الملك محمد السادس للأمير القطري الجديد فور مبايعته. البرقية الملكية كانت قد عبّرت عن استعداد فوري لتعميق التشاور الودي مع الأمير الجديد لقطر، وعزم ملك المغرب تسخير كافة الإمكانيات التي يمكنها الارتقاء بعلاقات البلدين. ووصف الملك محمد السادس، الأمير تميم، بصاحب «الخصال الإنسانية الرفيعة، والحنكة السياسية، والكفاءة العالية». ووجّهت البرقية الملكية دعوة صريحة إلى الأمير القطري الجديد بزيارة المغرب، واعدة إياه بالصدر المفتوح والاستقبال الأخوي من جانب المغرب «ملكا وحكومة وشعبا». فتقارب كبير لوحظ بين الرباطوالدوحة في أعقاب التغيير المثير الذي عرفته هذه الإمارة الخليجية مؤخرا في أعلى هرم سلطتها، حيث تنازل الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني، عن الحكم لفائدة ولي عهده. التقارب تجسّد في التعاطي مع التحولات التي عرفتها مصر في الأسبوع الماضي، حيث كانت قطر والمغرب ضمن أولى الدول التي سارع رؤساؤها إلى مباركة التغيير الذي أقدم عليه الجيش المصري، بإزاحته الرئيس المنتمي إلى حركة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، وهنأ كل من الأمير تميم بن حمد، والملك محمد السادس، الرئيس المؤقت لمصر، المستشار عدلي منصور. وهو تقارب نادر في تعاطي البلدين مع القضايا الساخنة، خاصة في المنطقة العربية. السفير الجديد لدولة قطر، عبد الله بن فلاح بن عبدالله الدوسري، يُعتبر أحد أبرز أعمدة الدبلوماسية القطرية، حيث حلّ بالرباط قادما من مدينة جنيف السويسرية، حيث كان سفيرا لبلاده لدى مكتب الأممالمتحدة وباقي المنظمات الأممية المعتمدة في سويسرا، كما كان قنصلا عاما لبلاده في دولة الاحتياطيات العالمية من الأرصدة المالية، كما شغل في الوقت نفسه منصب سفير غير مقيم لدى النمسا. كما يُعتبر عبدالله بن فلاح بن عبد الله الدوسري، أحد أبرز أعيان قبيلة الدواسر العربية القطرية، وسبق له أن تولى مهام دبلوماسية في كل من نيويورك وعاصمتي باكستان وبلجيكا.