في الوقت الذي كان الاتحاد المغربي للشغل منتشيا بنجاح الإضراب العام، يحصي نتائجه في القطاعات، كانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ببيت أحد قادته التاريخيين، امحمد غيور، عضو أمانته العامة ورئيس التعاضدية الاجتماعية للتربية الوطنية، بعدما صدر القرار باعتقاله، وإيداعه السجن. بدا هذا النبأ غير السار مزعجا لقيادة الاتحاد المغربي للشغل، التي تحركت للإفراج عن غيور(84 عاما)، وبالفعل استطاع غيور، الذي اعتقال زوال يوم الأربعاء الماضي، أي في يوم الإضراب، من بيته بالدارالبيضاء أن يحصل على قرار بالسراح بكفالة مع عدم مغادرة تراب الدارالبيضاء، وذلك بالنظر لظروفه الصحية، حيث أصيب بعياء شديد أثناء التحقيق قبل أن يُغمي عليه. لكن يبدو أن قرار الاعتقال كان صارما، ولا مجال فيه للتردد، وهكذا عادت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مرة ثانية إلى بيت غيور، صباح أول أمس السبت، الذي اعتقل منه، وقضى ليلتي السبت والأحد في سجن عكاشة، ثم أحيل في حالة اعتقال على قاضي التحقيق بمحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء. شمل الاعتقال الذي تم يوم الأربعاء كلا من امحمد غيور، بصفته رئيس التعاضدية الأمة للتربية الوطنية بين الفترة 1987 و2013، إضافة إلى عبد الحميد بن إبراهيم الذي كان عضو المجلس الإداري للتعاضدية ومسؤول الموارد البشرية بها، وعبد الله المزداوي موظف بمصلحة الموارد البشرية. في حين لا زال التحقيق جاريا مع اثنين آخرين هما مصطفى زبيدة نائب أمين المال، وعبد النبي البواب أمين المال، بعدما سلّما أنفسهما طواعية، ولا يبدو أن القضاء سيصل معهما إلى شيء بسبب مرضهما العضال وتقدمهما في السن. ويتابع غيور ومن معه بتهم ثقيلة بناء على الاختلالات التي أكدها تقرير المفتشية العامة للمالية، ومنها إقرار أجور خارج القانون، على اعتبار أن العمل التعاضدي عمل تطوعي، وأكد أن غيور مثلا أعطى لنفسه أجرا شهريا بقيمة 33 ألف درهم، إضافة إلى تعويضات تفوق أجره الشهري. كما أن عبد الحميد بن براهيم الذي كان إلى جانب غيور عضوا بالمجلس الإداري حصل على مكتب قار بمقر التعاضدية، وكان يحصل على أجر وتعويضات مقابل ذلك. وانتقد التقرير التوظيفات، التي هيمنت عليها المحسوبية والزبونية، كما انتقد تفويت الصفقات خارج القانون ولشركات عائلية كذلك. مصطفى العلوي، عضو المجلس الإداري للتعاضدية العامة للتربية الوطنية، قال ل"أخبار اليوم" إن "اعتقال غيور تأخر كثيرا"، وأضاف أن الشرطة الوطنية للفرقة القضائية بدأت التحقيق معه منذ يناير 2013، بناء على تقرير للمفتشية العامة للمالية، الذي أثبت جملة من الخروقات المالية والتدبيرية خلال الفترة ما بين 2001 و2009، لكن "لم تجرؤ الحكومات من قبل على تحريك الملف، حتى جاءت حكومة بنكيران". وأوضح أن "المحجوب بن الصديق كان يحمي قادة مركزيته النقابية"، بحيث "لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منهم". هل يعني ذلك أن اعتقال غيور له صلة بالعلاقة المتوترة بين النقابات وخاصة منها الاتحاد المغربي للشغل، والحكومة؟، عبد الرزاق الإدريسي، عضو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل المقال ومسؤول التوجه الديمقراطي داخل الاتحاد، اعتبر أن "تقرير المفتشية العامة للمالية موجود"، بل "تم نشره تفاصيله في الصحافة"، وهي "تفاصيل تؤكد وجود فساد كبير بالتعاضدية على عهد الرئيس السابق"، وبالتالي فهو يرى أن "قرار الاعتقال جاء متأخرا"، مما جعله يتزامن مع الإضراب العام. ويُلاحظ أن اعتقال امحمد غيور، منذ فتح التحقيق معه قبل سنتين، صادف يوم تنظيم الإضراب العام الذي تزعمه الاتحاد المغربي للشغل، الذي ظل قريبا من الدولة منذ الستينيات، ويترأس أغلب التعاضديات القطاعية، كما لم ينظم أي إضراب عام منذ 18 يونيو 1981.