تواصل رفيقة الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، كشف ملابسات «التغريدة» الشهيرة، التي أعلنت فيها تأييدها لمرشح منافس لغريمتها على قلب فرنسوا، سيغولين رويال. تنطلق هذه الحلقة بمواجهة ساخنة، ستؤدي مباشرة إلى كتابة «التغريدة» التقينا في حجرة بين الطابق الرئاسي وغرفتنا، وهي الحجرة التي كان ميتران يخزن فيها كتبه ويضع فيها متعلقاته الخاصة برياضة الغولف، وهي الحجرة نفسها التي جعل منها الزوج ساركوزي غرفة للأطفال، فيما حولتها أنا إلى مكتب شخصي، علقت على جدرانه صور أطفالي عندما كانوا صغارا، وبعض الصور من ذكرياتي التي كنت أريد أن تكون بمنأى عن أنظار الزوار الذين أستقبلهم في المكتب الرسمي الموجود في الأسفل. كنت أختلي بنفسي داخل هذا المكتب، من وقت لآخر، للتخلص من ثقل العيش بقصر الإليزيه، لكن هذه المرة، كان الضغط موجودا في المكتب. كان الجو متوترا مثل اللحظات التي تسبق عاصفة على وشك الانفجار، برعدها وأولى ومضات برقها الذي يشق كبد السماء. انفجرت غاضبة في أكبر خصومة تقع بيننا منذ أن تعارفنا. لم أفهم تصرفه، فقد كان يكفي كحد أدنى ألا يضيف الكذب إلى الخيانة. ليته كان قادرا على أن ينظر في عيني ويقول: «حاولي أن تتفهمي، لم يكن بمقدوري أن أتصرف خلافا لما فعلت بسبب أبنائي». كنت قادرة على تفهم أهمية الأم، فأنا أم أيضا. نعم، كنت سأبذل قصارى جهدي لقبول تعليله. استمر في محاولاته لتهدئتي، ولكنه كان يواصل الكذب أيضا. أكد لي أن لا علاقة له بالموضوع، وأن السكرتير العام لقصر الإليزيه هو الذي تكلف بهذه القضية. كانت الأكذوبة ضخمة.. كانت بمثابة رصاصة الرحمة. فقد فند بيير روني لوماس، بعد ذلك، هذا الاعتذار المثير، بل إنه على العكس، كان يريد منع فرنسوا من تقديم دعمه ومساندته، لأنه بموقفه ذاك، كان يخلط كل شيء: الحياة الخاصة والحياة العامة. ولم يكن روني المستشار الأول الذي حاول ثني فرنسوا عن ذلك. فعلها فرنسوا وأيقظ في أعماقي إحساسي بانعدام شرعيتي الذي تسبب لي في الكثير من الأضرار منذ أن أصبحت علاقتنا رسمية. أثناء الشجار، نبهت فرنسوا إلى تغريدة الدعم التي سأحررها، حاول أن يمنعني، وحاول أن يخطف هاتفي من يدي، إلا أنه تخلى عن ذلك حتى لا تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. جلست على السرير الصغير المحاصر بالجدران، وبدأت في تحرير تغريدة من 139 حرفا. بشكل إرادي، لم أستخدم كلمة «دعم» ولكن «تشجيع». كنت أعتقد أن فالورني سيعلن انسحابه بعد الدعم الرئاسي لسيغولين، فأنا أعرفه، فقد جرى بيننا حديث قصير ومختصر عبر الهاتف في الليلة السابقة، قال لي فيه إنه كان يخشى مبادرة من هولاند في صالح منافسته، ولكني طمأنته إلى أن لا شيء من ذلك سيحصل، فالرئيس وعدني. كان يمكن لأوليفيي فالورني المحبط أن يقدم بالفعل على الانسحاب، ولهذا حررت تغريدتي. أعمى الغضب عقلي عن رؤية الصواب، ولم يكن أصبعي يرتجف عندما كنت أحرر هذه الرسالة الهاتفية، ولا عندما أرسلتها إلى المشتركين في حسابي على التويتر. كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة إلا أربع دقائق عندما أرسلت تغريدتي أقول فيها: «تشجيعي لأوليفيي فالورني الذي يستحق الفوز في معركته التي يخوضها إلى جانب سكان لاروشيل منذ عدة سنوات في التزام ونكران ذات». لم أتصور لحظة واحدة الانفجار الناري الذي خلفته التغريدة المرسلة إلى فالورني. فقد انتشرت هذه الجملة الصغيرة سريعا على الأنترنت، واستخدمت، وأعيد إرسالها والتعليق عليها ملايين المرات، ولكني لم أكن واعية بذلك. فقد أعمتني أكذوبة الرئيس، وجعلتني أرمي نفسي في وجه العاصفة. نبهت كذلك بخصوص تغريدتي شخصين هما «باتريس بيانكون»، رئيس ديواني بالإليزيه، وأوليفيي فالوني الذي أرسلت إليه رسالة هاتفية. جاء بيانكون فورا لرؤيتي، فقد عمل على قياس حجم الكارثة التي خلفتها التغريدة. بدأ هاتفه يرن يشكل متكرر، بعد ذلك جاء دوري. كانت كل الصحافة تتصل بي، أجبت فقط وكالة الأنباء الفرنسية التي سألتني إن كان حسابي على التويتر قد تعرض للقرصنة، أم إنني أنا التي كتبت تلك الرسالة. أقررت بأنني أنا من كتب الرسالة، وانسحبت بعد ذلك، ودخلت في عزلة، وقطعت كل صلة لي بالعالم كما أفعل عند حدوث أي «زلزال». بالرغم من كل شيء، أبقيت على موعد للإفطار مع ناشرة، في إطار الصفحة التي أشرف عليها بمجلة «باري ماتش» والتي أخصصها للكتب. كان موضوع التغريدة، بالطبع، أول شيء تحدثنا بشأنه. وكان واضحا لها أنني لا أعي خطورة العمل الذي قمت به. فقد حكت لي عما سمعته في سيارة الأجرة وهي في طريقها إلي، والجدل الذي تضخم بشأن «التغريدة» وسوء الفهم الناتج عن ذلك، وهي بالضبط الأشياء التي لم أكن أرغب في حدوثها. قدمت لي هذه الناشرة عرضا، رفضته في الحين. جاء فرنسوا لرويتي بضع ساعات بعد ذلك. قام على الفور بعملية قياس لحجم الخسائر، فلديه هذه القدرة العظيمة على النظر أولا إلى الأمام وعدم التركيز أبدا على ما حدث. «ماذا سنفعل للخروج من هذه الوضعية؟»، ذلك هو الشيء الوحيد الذي يشغله ويهمهه. كان في حالة غضب شديد. أبلغني بأنه سيبقى في الإليزيه في تلك الليلة من أجل تناول العشاء مع أبنائه، لذلك علي الذهاب وحيدة رفقة ابني إلى شقة زنقة كوشي. لم أناقشه ولم أجادله. جاء اليوم الموالي، ووجدني في شقتنا، كان مازال غاضبا. تحدث معي بالكاد. وكان حابسا نفسه داخل واحدة من حالات صمته التي كانت تؤذيني. أكره تلك السهرات الليلية التي نكون فيها مثل غريبين ومنعزلين. كان هو ومستشاروه يخشون الأثر الحاسم للتغريدة على نتائج الدورة الثانية للانتخابات التشريعية. فقد كانت تعليقات كل الصحف والتوقعات السياسية «للخبراء الكبار» تسير كلها في الاتجاه نفسه. ومن خلال 139 إشارة، تأكد أن التغريدة كبدت الحزب الاشتراكي خسارة 50 مقعدا على الأقل. وبالرغم من سخطه علي، قام فرنسوا بتنفيذ وعد سبق أن ألتزم به لابني الصغير. قال لي: «علينا أن نذهب للعشاء نحن الثلاثة في المطعم الذي يريد ليونارد أن نكتشفه». كان من الممكن أن يلغي فرنسوا وعده، وكنت سأفهم ذلك، وكذلك ليونارد، لكن فرنسوا يعرف ابني منذ سبع سنوات. عرفه طفلا وكان بينهما تفاهم كبير، وكان يريد أن يسعده. وهكذا قام بالوفاء بالتزامه. لحسن الحط كان ليونارد يدخل الفرحة على جلستنا. لقد فاجأت فرنسوا، عدة مرات، وهو ينظر إلي نظرة زائغة، تنم عن مقدار الضرر الذي تسببت له فيه. قلت له إنني على استعداد لأقدم له الاعتذار علنا، غير أنه رفض. لا يريد أبدا أن أتحدث وأن أعبر عن نفسي. كان يخشى أن يؤدي ذلك إلى إشعال النار ثانية، ولكن الرماد مازال لم يخمد بعد، والنار لم يخبُ لهيبها، والدخان مازال يتصاعد منها. كان علي اتباع غريزتي والاعتذار له. مع ذلك، أرسلت رسائل نصية للاعتذار إلى أبنائه. رد علي توماس، ولكن بقسوة. أكد لي بين السطور أن عمق المشكل أنه لا يوافق على انفصال والديه، كما هو الحال النسبة إلى أشقائه وشقيقاته، مثل أغلب الأبناء الذين يريدون أن يعيد آباؤهم بناء حياتهم مرة ثانية. وهكذا وجدنا أنفسنا داخل وضع معقد وخاص.