في هذه الحلقة، تكشف فاليري ترويلر قصة «التغريدة» التي مثلت القشة التي قصمت علاقتها بفرنسوا، تلك التغريدة التي ساندت فيها منافس سيغولين رويال في الانتخابات. بعد عودته، يومين بعد ذلك، جرى بيننا نقاش صعب وقاس جدا. تحدث عن غياب الانسجام بيننا، ووجه إلي انتقادات، وتأسف لأنه أصبح من المستحيل العيش معي. بالطبع، أنا متوترة وعصبية، والخلافات بيننا أصبحت تتكرر، وفي بعض الأحيان بدون سبب، ونتج عن ذلك أنني أصبحت أعيش معاناة دائمة، بسبب لامبالاته وتأثيرها علي. هل أنا التي تغيرت أم هو؟ فقد أصبح يتجنبني، ولم يعد يطيق أن أكون بجانبه على الملأ. وقد لاحظ المصورون أنه لم يعد يخصني بنظرة أو التفاتة، ولم يعد ينتظرني، وأنه قليلا ما يتكلم معي على انفراد. ولا شك أن عدسات آلات التصوير مجهر كاشف للمشاعر. أعاد فرنسوا تذكيري بقضية «تغريدة التويتر»، قائلا: «لقد أساءت إلي كثيرا، وربما كان علينا أن ننفصل في تلك اللحظة». يقول هذا الكلام رغم أنه كان على علم بطبيعة القضية وبظروفها، وأنا لا أعفي نفسي من المسؤولية عن هذه الغلطة، فقد تحملت كافة تبعاتها، ومازالت تطاردني إلى اليوم. وعليه، فأنا أعرف أنني كنت على خطأ، ولكن في ذلك اليوم، لو لم يكذب علي مرة أخرى، لما كان شيء من ذلك قد حدث أبدا، ولما كنت قد اقترفت تلك الكلمات التي يستحيل إصلاحها. بدأت القصة قبل الانتخابات الرئاسية عندما كان الفوز يرخي بظلاله في الأفق، وكانت سيغولين رويال تحلم بمنصب سام له هيبة واعتبار ونفوذ. كانت مرشحة سيئة الحظ في الانتخابات الرئاسية خمس سنوات من قبل، ولم تكن تخفي تطلعها إلى منصب رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية: البرلمان. تحدثت في الأمر عدة مرات مع فرنسوا، ولم يكن يؤيد الفكرة، فقد كان يعرف ما سيكلفه ذلك على المستوى الإعلامي، ومن حيث المضاعفات السياسية. لا أحد يمكنه أن ينفي وجود علاقات خاصة تربط بينهما. وأنا، واحدة من هؤلاء، فهما أم وأب لأربعة أبناء، وليس هناك شيء أغلى من ذلك، ولكن من شأن تولي سيغولين رويال رئاسة الجمعية الوطنية في نهاية المطاف أن يعطي دفعة جديدة للرواية المثيرة للثلاثي العاشق التي عانينا بسببها جميعا بما يكفي. كما أن عددا كبيرا من الخبراء القانونيين نبهوا فرنسوا أيضا إلى المخاطر غير المسبوقة التي تنطوي عليها علاقة خاصة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، في الوقت الذي يفرض الدستور الفصل بين السلط. فمنذ 1875، لم يبق من حق رئيس الجمهورية الذهاب إلى قصر «لاساي» مقر البرلمان. كان وجود فرنسوا هولاند في منصب رئيس الجمهورية، وأم أبنائه في رئاسة الجمعية الوطنية، سيخلق، يقينا، جدلا لا نهاية له. كان فرنسوا يدرك ذلك، ومع ذلك، ترك سيغولين رويال في حلمها، حتى إنه شجعها، مادام أن ذلك هو الأساس الذي تفاوض عليه معها للحصول على مساندتها بعد الدورة الأولى للانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي الفرنسي ضد مارتين أوبري، لكنه كان يؤكد، بشكل غير رسمي، أنه لا يريدها في منصب الشخصية الثالثة في هرم الدولة. هذه الازدواجية في مواقف فرنسوا لا تثير دهشتي، فكم مرة سمعته عندما كان في منصب الكاتب الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي، يشجع مرشحا ويقوم بكل ما في وسعه بعد ذلك حتى لا يحصل على ترشيح الحزب للانتخابات، وكم مرة عاينت وقوفه ضد مرشح في الخفاء وتحميل المسؤولية لآخرين، فهو رجل، السياسة مجسدة في كل ألياف جسده، والتكتيك طبيعته الثانية. في ختام الدورة الأولى من انتخابات يونيو 2012 التشريعية، لم يكن الموقف الانتخابي لسيغولين رويال جيدا، فقد تم إنزالها في دائرة لاروشيل الانتخابية، لأنها تركت معقلها الانتخابي لدلفين باتو. وسكان هذه المدينة متعلقون بمرشح الحزب الاشتراكي المنشق، أوليفيي فالورني، المناضل المحلي منذ فترة طويلة، الذي يلاحقها في الدورة الأولى. حضرت السهرة الانتخابية التي نُظمت في الصالون الأخضر المتصل بالمكتب الرئاسي. وضع فيه حوالي عشرون حاسوبا على طاولة، وكان هناك كثير من الناس. كنت أعرف فقط قلة من الذين كانوا يدققون النتائج التي كانت تقدم أولا بأول. كان يسود هناك جو الحمى الانتخابية الذي أعرفه جيدا، وكنت أحب استنشاقه.. كان فرنسوا يقوم بتحليل النتائج، ويقرأ ما تعبر عنه، وكان يثير قضية: «سيغولين رويال»، وهو يهز رأسه. - «لم يعد لديها أي حظ. فقد جاءت في الصدارة بنسبة 32 في المائة، ولكن فالورني وراءها تقريبا بفارق 3 في المائة من الأصوات، ويتوفر على شعبية واسعة، وبإمكانه جمع كل الأصوات في الدورة الثانية»، يقول فرنسوا. تساءلت: «ألن تقوم بأي شيء لمساعدتها؟» رد علي مطمئنا: «لا.. لن أفعل أي شيء». لقد التزم بذلك. أجبته: «تعرف أن فالورني شخص جيد، وأنه كان دائما مخلصا لك». رد علي: «نعم، إنه شخص جيد». بالرغم من ذلك، ولأنه رجل تجري السياسة في دمه، اتصل هاتفيا بالمرشح المنشق من أجل أن يطلب منه الانسحاب لفائدة سيغولين، فرفض فالورني. ولكن الأشياء كانت واضحة بالنسبة إلى الجميع. ذهبت لأنام قبل منتصف الليل بقليل. أحسست بالاطمئنان بسبب ما وقع، لأنني كنت أخشى ضجة إعلامية جديدة. فقد تسلت وسخرت الصحافة كثيرا من صراعنا، ومن «هولاند وزوجتيه»، ولقد أصبت بشظاياه في أعماق نفسي. قبل بضعة أيام من حفل تنصيب فرنسوا هولاند رئيسا للجمهورية يوم 15 ماي 2012، كان قد اتصل بي هاتفيا صحفيان، وعلى الرغم من معرفتي الجيدة بهما، طرحا علي سؤالا حول ما إذا كنت سأحضر حفل التنصيب. سألني أحدهما: «لماذا ستحضرين مادامت سيغولين ستكون غائبة؟». سألني الآخر: «بأي صفة ستحضرين؟». كنت في حالة عدم استقرار وتشويش، حيث لم يكن بإمكاني سوى تقديم أجوبة تدل على غياب الثقة. أجبتهما: «لا أعرف، من المفروض أنني أصبحت السيدة الأولى. أليس كذلك؟». حتى هؤلاء لا يعتبرونني شرعية. ومع ذلك، مع فرنسوا، كنا معا رسميا منذ خمس سنوات، هي في الواقع سبع سنوات، ورغم ذلك، مازلت لا أتوفر على مكاني بجانبه. شعرت، إذن، بالراحة وبالسكينة من ابتعاد كابوس شبح تعايش متعذر تدبيره. لم نذهب إلى شقة زنقة كوشي، بل نمت واثقة بجانبه على سرير شقة الإليزيه. بالنسبة إلى فرنسوا، ستكون الليلة قصيرة في انتظار مجموع النتائج، لذلك لم أشعر به وهو ينزلق من جانبي. صباح اليوم الموالي، خرج باكرا. كان لدينا فقط الوقت الكافي للاستماع قليلا إلى الإذاعة معا. أخذت وقتي لتحضير نفسي قبل النزول إلى مكتبي في وقت لاحق. وكما تعودت، ألقيت نظرة على مواضيع وقصاصات وبرقيات وكالة الأنباء الفرنسية على الهاتف، واكتشفت فجأة برقية «عاجلة» تتضمن: «فرنسوا هولاند يقدم مساندته لسيغولين رويال». كان للبرقية فعل الضربة المؤلمة. كان النص معتدلا: «تعتبر سيغولين رويال في هذه الدائرة الانتخابية (شارونت ماريتيم) المرشحة الوحيدة للأغلبية الرئاسية، ويمكنها الحصول على دعمي ومساندتي». (فرنسوا هولاند رئيس الجمهورية.1يونيو 2012). إذن، كان يكذب علي، وتراجع في المناسبة نفسها عن أحد التزاماته في الحملة الانتخابية الرئاسية، فلماذا لم يكن نزيها ليلة أمس عندما تحدث معي؟ ولماذا لم يحاول أن يوضح لي كيف أنه لا يستطيع أن يفعل خلاف ذلك، وأن سيغولين تمارس عليه الضغوط، وأن أبناءه تدخلوا لديه لفائدتها؟ أعتقد أنه كان علي أن أثير عاصفة وأن أرغي وأزبد، ولكنني تنازلت له. لم يتوفر على الشجاعة للحديث معي بشأن هذا الموضوع، فقد استسلم وتراجع عن التزامه لي. تنكر لأحد وعوده العلنية التي لوح بها باعتبارها التزاما علنيا لأسباب خاصة. مرة أخرى، قام بالكذب علي. اتصلت فورا بفرنسوا غاضبة وساخطة. حذرته من أنني سأقدم الدعم لفالورني. وأوضحت له أنني صدمت بالفعل من المصير الذي وضعه فيه، بتهميشه في موضوع ترشيحه.