على بعد ثلاثة أشهر من استضافة المغرب لنهائيات كأس إفريقيا 2015، نجحت المملكة في إنجاز مشاريع عديدة، كانت قد تعهدت بتشييدها مع الاتحاد الإفريقي للعبة «كاف»، من أجل الفوز بحق استضافة هذا الحدث القاري في 29 يناير 2011، وعلى رأسها إصلاح الملاعب، في المقابل ما زالت هناك أوراش أخرى، كثيرة، لم يتم الانتهاء منها بعد، لأسباب مختلفة. الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وفي كل زياراته الأخيرة للمغرب، ظل يعبر عن ارتياحه لسير الأشغال في الملاعب التي ستستضيف التظاهرة، في مدن أكادير، والرباط، ومراكش، وطنجة، وحتى في المدينتين الاحتياطيتين، الدارالبيضاء وفاس، وفي مختلف الأوراش، مشددا على أهمية الانتهاء، رسميا، من كل الأشغال، قبل موعد «كان المغرب 2015» بأقل من شهر. في إطار ما تحقق بخصوص تطوير البنية التحتية، من طرق سيارة، ومحطات مسافرين، وإصلاح الملاعب، يبقى نجاح المغرب في تنظيم كأس إفريقيا، رهينا بجودة الإصلاحات، ومدى ملاءمتها للشروط الدولية، وأيضا بحسن التدبير والتسير. ملعب الرباط.. حلة جديدة مقابل 250 مليون درهم اقتربت الأشغال من الانتهاء في ملعب مجمع الأمير مولاي عبد الله، تحت إشراف وزارتي الشباب والرياضة والتجهيز، إذ سيظهر في حلة جديدة، كلفت خزينة الدولة نحو 250 مليون درهم. الملعب المرتقب أن يحتضن مباراة افتتاح مونديال الأندية، بين المغرب التطواني وأوكلاند سيتي، بطل أوقيانوسيا، ومباراتي ربع النهائي ونصف النهائي الأول، إضافة إلى افتتاح ونهائي «كان المغرب 2015»، كان من المفترض أن يعلن عن انتهاء الأشغال به في الثلاثين من الشهر الماضي، غير أن تأخرها في بعض الأوراش، من بينها تثبيت الكراسي والممرات المؤدية إلى المدرجات والمصاعد الكهربائية، صعب على المسؤولين الالتزام بالموعد المحدد سلفا. أضحى الملعب، في حلته الجديدة، يستجيب لشروط الملاعب الدولية، حسب ما ينص عليه الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» في الملاعب التي تستضيف التظاهرات العالمية التابعة له، إذ تم الرفع من طاقته الاستيعابية، وأصبح يتسع ل56 ألف مقعد، بدل 45 ألف، وتم تنظيم منصة وسائل الإعلام، التي أصبحت تضم 300 مقعد بدلا من 100، وتتوفر على تقنيات التكنولوجيا؛ بما فيها من إنترنيت، وحواسيب وكابلات وشاشات تلفاز من أجل تسهيل مهمة الصحافيين، كما أنجز إصلاح شامل لمستودعات الملاعب، وأضيفت إليها دواليب خشبية. وحسبما ما كانت قد أودرته مصادر مطلعة، فإن عشب الملعب الطبيعي استورد من إسبانيا، بجودة عالية، وقادر على الصمود نحو 5 سنوات، هذا في الوقت الذي استوردت فيه الكراسي (تحمل اللونين الأحمر والأخضر) من إيطاليا، وثبتت على شكل لوحة فنية ترمز للراية المغربية. «فيفا» و«كاف» ينوهان بالإنجازات على الأرض.. في آخر زيارة لوفد من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى ملعب مولاي عبد الله، من أجل الوقوف على استعدادات بلادنا لاحتضان النهائيات القارية، توقع، الوفد ذاته، بأن تعرف النهائيات «نجاحا غير مسبوق»، حسب ما أوردته مصادر من اللجنة ذاتها ل»أخبار اليوم» سابقا. وأعربت لجنة الاتحاد الدولي أيضا عن «ارتياحها الكبير» لوضعية تقدم الأشغال في المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله، بعدما كانت، في زيارة سابقة، قد اشتكت من بعض النواقص في ما يخص طريقة الإصلاح. الغيني ألمامي كابيلي كامارا، نائب رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، أكد أن الملاعب الكبيرة التي يتوفر عليها المغرب باتت تشكل «مفخرة للقارة الإفريقية»، وأبرز أن ملاعب الدارالبيضاءوالرباط وفاس وطنجةومراكشوأكادير، تستجيب بشكل كامل لمعايير العصرنة المحددة من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم والكونفدرالية الإفريقية للعبة. من جهته محمد روراوة، رئيس اللجنة التنظيمية لكأس العالم للأندية، أبرز عقب لقاء جمعه بوزير الشباب والرياضة محمد أوزين، على هامش زيارته للمغرب في إطار التحضير لمونديال الأندية لسنة 2014، و»كان» 2015، أن المغرب قطع خطوات كبيرة في إطار استعداداته لتنظيم الموندياليتو والنهائيات القارية. وخلال زيارة سابقة للجنة للمراقبة في شهر ماي الماضي، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم أن الهدف من هذه الزيارات هو استعراض الدروس المتحصلة من النسخة الفائتة لكأس العالم للأندية (المغرب 2013)، وذلك حتى يتسنى تقديم مستوى تنظيمي أفضل للفرق المشاركة ولضيوف المغرب ووسائل الإعلام خلال دورة 2014 لهذه المنافسة الكروية، وأيضا في الكان. 3 ملاعب جاهزة.. لكن هناك ملاحظات لا نقاش في أن ملاعب مراكشوأكاديروطنجة، جاهزة، بحكم أنها افتتحت رسميا، أول مرة، في السنتين الأخيرتين، لكن المشاكل التنظيمية التي وقع خلالها المغرب خلال استضافته لنهائيات كأس العالم في الملعبين الأوليين، تدعو المنظمين إلى اتخاذ كافة التدابير من أجل تجنب الوقوع مجددا في أخطاء محرجة. خلال الموندياليتو، وبالضبط في ملعب مراكش، الذي بلغت تكلفته الاحتمالية أكثر من 100 مليار درهم، عانت جماهير الفرق التي شاركت في التظاهرة، من أزمة ولوجه، من الطريق الرئيسية المؤيدة إليه، إذ شهدت اكتظاظا كبيرا لاحظه الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، ودعا المغرب إلى تداركه بسرعة في المستقبل. الشيء نفسه وقع في ملعب أكادير «أدرار»، إذ أنه خلال المباريات التي أقيمت به، عانت الجماهير مشاكل عديدة من أجل ولوجه، ووقع تدافع وازدحام كبيرين، خلفا استياء لدى المشجعين المغاربة والأجانب الذين اضطروا إلى تسلق جدرانه من أجل ولوج المدرجات. ملعب طنجة بدوره شهد خلال افتتاحه بمباراتي الرجاء البيضاوي أمام أتلتيكو مدريد، ورديف الأخير أمام اتحاد طنجة، في السابع والعشرين من شهر أبريل سنة 2011، فوضى عارمة في الطرق المؤدية إليه، وبواباته، بسبب ازدحام السيارات والشاحانات والراجلين. وباء إيبولا.. الامتحان الصعب ل»كان المغرب».. انتشار وباء «إيبولا»، غرب القارة الإفريقية، وضع المغرب في موقف محرج، بحكم أنه مقبل على تنظيم النهائيات الإفريقية، ذلك أن أصواتا كثيرة تعالت تطالب بتأجيل تنظيم هذا الحدث القاري إلى وقت لاحق، كما طالبت، الأصوات ذاتها، بسحب مونديال الأندية من المملكة ومنحه لكندا. محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، خرج للإعلام، وتعهد بأن تتخذ المملكة كل التدابير الضرورية من أجل الحيلولة دون دخول هذا الوباء إلى أراضيها، وذلك من خلال تجهيز أطقم طبية في المطارات الوطنية لفحص المسافرين الأفارقة، خاصة الآتيت من دول غرب القارة. وقال أوزين، في تصريح صحفي سابق ل»أخبار اليوم»: «منافسات كأس إفريقيا للأمم ستجرى في وقتها، وفي الموعد المحدد لها»، مضيفا: «اللجنة المنظمة لنهائيات كأس أمم إفريقيا تعمل بكل جدي لإنجاح هذه التظاهرة القارية، وطبعا فإن اللجنة الطبية التابعة لها درست هذا الملف الخاص من كل جوانبه». وكانت منظمة الأممالمتحدة للطفولة «يونيسيف» قد حذرت، أخيرا، من انتشار فيروس «إيبولا» في إفريقيا بعدما حصد أرواح العديد من المصابين، وصار التحكم فيه مستحيلا. ويذكر أن فيروس «إيبولا» ينتقل خلال الاحتكاك مع المصابين به، كما يتسبب في وفاة ما بين 25 في المائة و90 في المائة من المصابين به، وتشمل الأعراض نزيفا داخليا وخارجيا والإسهال، إضافة إلى القيء. وبخصوص كأس العالم للأندية، ذكر الاتحاد الدولي لكرة القدم، في بيان أن «صحة اللاعبين والمشجعين هي أولوية قصوى في أي بطولة. وحسب منظمة الصحة العالمية، لا توجد أي حالة مبلغ عنها في المغرب»، وخلص الاتحاد إلى أنه «ليس هناك حاجة لمناقشة إمكانية تغيير البلد المضيف، وإذا تغير الوضع سنكون على اتصال مع الأندية المشاركة». من جهتها الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم، رفضت تأجيل النهائيات، وأعلنت عبر موقعها الإلكتروني أنها أبقت على أجندة مباريات القارة الإفريقية المتعلقة بتصفيات كأس إفريقيا للأمم التي من المزمع إجراء نهائياتها في المغرب، باستثناء المقابلات المرتبطة بمنتخبات دول غينيا وليبيريا وسيراليون، التي سجل بها أكبر عدد من الإصابات بهذا الفيروس. حفل الافتتاح… هل تتكرر مهزلة الموندياليتو؟ من أهم التحديات أمام اللجنة المنظمة لنهائيات كأس إفريقيا، إنجاح حفل الافتتاح، وإجراؤه في مستوى وقيمة المملكة والجمهور المغربي، على اعتبار أنه يجسد صورة وحضارة وثقافة الدولة المضيفة، ومن خلاله يمكن لجماهير الفرق المشاركة والعالم أجمع، التأكد من قدرة المغاربة على الابتكار والابداع وليس فقط الاستهلاك. خلال حفل افتتاح مونديال الأندية في مدينة أكادير السنة الماضي، فشلت اللجنة المنظمة فشلا ذريعا في إعطاء العالم صورة حضارية وثقافية عن بلادنا لاعتمادها فرق شعبية «الشيخات» في مشهد وصفه الجمهور المغربي ب»المهزلة». سخر العالم، وخاصة دول الفرق المشاركة من المغرب وتنظيمه لمونديال الأندية، من الفرق التي اعتمدها المنظمون، بل إن كثيرين دعوا الاتحاد الدولي إلى سحب الموندياليتو من المملكة، وأضحى الحفل، مثار سخرية واستهزاء حتى الجماهير المغربية في مواقع التواصل الاجتماعي، هذا في الوقت الذي تحجج فيه محمد أوزين بضيق وقت العرض، وقال إن «فيفا» أصر على أن يكون الافتتاح في 10 دقائق فقط، وأن يقتصر على حفل استقبال، وليس حفل افتتاح. الكثير من الأسئلة تطرح حاليا، من قبيل ما الذي يعده المغرب لحفل استقبال الكان، وقبل ذلك الموندياليتو، فالجمهور المغربي لا يرحم، ولن يرضى أن يسخر منه العالم مجددا. واستنادا إلى مصادر مطلعة، فإن المنتج المغربي نادر الخياط، الشهير ب»ريدوان»، يسعى إلى أن يتكفل بالأمور التنظيمية لحفل الافتتاح، إذ أنه دخل السباق مع مجموعة من شركات الحفلات العالمية. ويسعى ريدوان إلى إعداد أغنية خاصة بهذا الحدث الإفريقي، بعد توقيع شراكة مع شركة «بوبليك إيفنت»، المختصة في تنظيم عدد من التظاهرات الرياضية الوطنية والعالمية. وتقدمت الشركة، أخيرا بملفها إلى اللجنة المنظمة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2015، مرفقا بالشراكة الموقعة مع المنتج العالمي، في إطار طلبات العروض المعلنة، شهر غشت الماضي. لا بديل للمنتخب الوطني المغربي عن الذهاب بعيدا، وبالضبط الوصول، على الأقل، إلى نصف النهائي في «كان المغرب 2015»، من أجل نجاح هذه التظاهرة الرياضية، ذلك أن استمراره في المنافسة، يعني استمرار حضور عشرات الآلاف من الجماهير إلى مبارياته، وبالتالي در مداخيل مالية مهمة في خزينة الكونفدرالية، وإعطاء صورة احتفالية وجمالية لهذه المنافسة التي تقام لثاني مرة في المغرب بعد الأولى سنة 1988. ومعلوم أن شرط إنجاح أي تظاهرة رياضية كروية يتمثل بالأساس في استمرار منتخب البلد المضيف في المنافسة، لأن ذلك، حسب ما سبق أن صرح به جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، «يمنح الحياة للتظاهرات ويجعلها أكثر إشعاعا». الزاكي بادو، الناخب الوطني، يدرك جيدا أهمية تأهل المنتخب الوطني إلى الدور الثاني، ثم إلى النصف النهائي، لهذا قال، خلال إعلان تعيينه ناخبا وطنيا: «المهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة، تذكروا معي في سنة 2004، لم يكن أحد يراهن على بلوغنا المباراة النهائية، كان الجميع، خاصة أعداء النجاح، يتوقعون خروجنا من الدور الأول، لكننا، حينها، تأهلنا عن جدارة واستحقاق في مجموعة كانت تضم منتخب نيجيريا الذي كان حينها من أقوى المنتخبات في القارة.. حاليا بالإمكانيات التي نتوفر عليها، والتركيبة البشرية التي في حوزتنا، أرى أننا قادرون على الذهاب بعيدا في هذه النسخة، لكن شريطة الدعم من طرف الجميع، لأنه لا يمكنني أن أسعى إلى النجاح وحدي، يجب علينا الاتحاد جميعا من أجل تحقيق الهدف، وإنجاح منافسات أمم إفريقيا التي تنظم لثاني مرة في بلادنا». كل الظروف، حاليا، مواتية لذهاب «الأسود» بعيدا في النهائيات القارية، إذ أن العناصر الوطنية، حسب التصريحات التي تدلي بها بين الفينة والأخرى، عازمة على «إدخال الفرحة» في قلوب الجماهير المغربية التي عانت النكسات المتوالية في السنوات الأخيرة، سواء في النهائيات أو تصفيات كأس العالم.