أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في الدوحة، أمس، نتائج أضخم استطلاع رأيه يقوم به مركز في العالم العربي (26618 مستجوبا من 14 بلدا عربيا، بما فيها المغرب)… استطلاع هذه السنة انصب حول استقصاء اتجاهات الرأي حول الربيع العربي ومآلاته، وحول النظام الديمقراطي وإيمان الناس به، وحول علاقة الدين بالسياسة، وما إذا كان الربط أم الفصل بينهما هو الأصلح لهذه الأمة… هنا نقف على بعض هذه المؤشرات من استطلاع الرأي هذا مع كل الاحتياطات المنهجية التي يمكن أن تثار حوله أو حول الجهة الداعية إليه، فنحن في العالم العربي والمغرب ليست لدينا تقاليد استطلاعات الرأي، ولا نتوفر على مؤشرات علمية لقياس ميول الناس السياسية والاجتماعية والثقافية، وأغلبية النخب السياسية والإعلامية تدعي العلم بميولات المواطنين واتجاهات آرائهم وكأنها تقرأ في فنجان ساحرة. عن سؤال حول مستقبل الربيع العربي بعد ثلاث سنوات من انطلاقه، قال %60 إن الربيع العربي يمر بتعثر، لكنه سيصل إلى أهدافه ولو بعد حين، فيما يرى 17 % أن الربيع العربي قوس أقفل، وأن الأنظمة الاستبدادية رجعت إلى نمط حكمها القديم. وعن أسباب تعثر هذا الربيع، ذكر المستجوبون عوامل عدة، أهمها بالترتيب: التدخل الخارجي، تدهور الوضع الأمني، ظهور الحركات المتطرفة، تحريض قوى الأنظمة السابقة، تحريض وسائل الإعلام… المؤشر الدال هذه السنة هو بروز نسبة مهمة من الرأي العام العربي أصبحت متخوفة من ازدياد نفوذ الحركات الإسلامية، حيث عبر %43 عن مخاوفهم من هذه الحركات، في مقابل %40 قالوا إن لا مخاوف لديهم منها، أما %37 فقالت إنها متخوفة من الحركات العلمانية، في حين قال %41 إن لا مخاوف لديهم من العلمانيين. المؤشر الثاني الدال على حجم المتغيرات التي تعرفها هذه القطعة الجغرافية (العالم العربي)، هو حدوث انقلاب جوهري على ما يراه المواطنون أولويات، ففي حين كانت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية هي الأولوية، صار الأمن والأمان هو الأولوية الآن… كما في السنة الماضية، عبرت نسبة كبيرة من المستجوبين (%73) عن تأييدها للنظام الديمقراطي، مقابل %17 عارضوه. %81 قالوا إن النظام الديمقراطي التعددي هو نظام ملائم ليطبق في بلدانهم، هذا معناه أن نظام خلافة البغدادي أو من على شاكلته لا يحظى بتأييد كبير أو صغير وسط العرب والمغاربيين على عكس ما تصور وسائل الإعلام الغربية المسكونة بكليشيهات مستهلكة عن تدين الشرق ونفوره من النظام الديمقراطي. أكثر الرأي العام قال إن سياسة أمريكا وروسيا وإيران تجاه المنطقة العربية سلبية، في حين قال %66 إن إسرائيل والولايات المتحدة خطر كبير على العالم العربي، وقال %9 إن إيران هي الخطر الأكبر بالنسبة إلى العرب (اللافت أن السعوديين والعراقيين واللبنانيين والكويتيين قالوا إن إيران هي الدولة الأكثر تهديدا لأمن بلدانهم). %87 من العرب يرفضون الاعتراف بإسرائيل لأسباب سياسية (الاحتلال، العنصرية، القتل، الاضطهاد)، قبل أن تكون دينية. وسيلة العرب الأولى لتلقي الأخبار والترفيه والثقافة هي التلفزيون بنسبة %76، في حين يأتي «النت» في المرتبة الثانية (%7)، ثم الإذاعات والصحف (%6)، وجاءت القنوات المحلية في الصدارة، وتليها بفارق كبير قناة الجزيرة ثم العربية ثم القنوات الأخرى… هل أنت متدين؟ أجاب العربي: أنا متدين جدا (%24). أنا متدين إلى حد ما (%63). أنا غير متدين (%8)، أي أن الوسطية والاعتدال إزاء الدين والدنيا هي القاعدة العريضة لهذه البلاد، مثلها مثل باقي البلدان. غدا نعلق على هذه الأرقام.. إلى اللقاء…