أفادت وزارة الصحة التابعة لحماس الأربعاء أن حصيلة الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة ارتفعت إلى 35233 قتيلا منذ السابع من أكتوبر. وقالت الوزارة في بيان إنه تم احصاء60 قتيلا على الأقل و80 إصابة خلال 24 ساعة حتى صباح الأربعاء، لافتة إلى أن « عدد الجرحى الاجمالي بلغ 79141 جراء العدوان الاسرائيلي المستمر لليوم ال221 على قطاع غزة ». وعلى وقع القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة، تسعى دول عربية لتحديد سبل دعم القطاع الفلسطيني بعد انتهاء الحرب بين حركة حماس وإسرائيل، طارحة شرطا أساسيا لانخراطها يتمثل بوضع مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية. لا تزال العقبات أمام تحقيق ذلك كبيرة، أهمها كسب دعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو المعارض الشرس لحل الدولتين. إلا أن اللجنة الخماسية العربية التي تضم السعودية والإمارات وقطر والأردن ومصر، أوضحت أن دعمها المالي والسياسي الذي يعد أساسيا لمستقبل القطاع المدمر، لن يأتي إلا مقابل ثمن. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد الشهر الماضي في الرياض: « لقد نسقنا هذا الأمر بشكل وثيق مع الفلسطينيين. يجب أن يكون هناك مسار حقيقي نحو دولة فلسطينية ». وأضاف « بدون مسار سياسي فعلي … سيكون من الصعب للغاية على الدول العربية مناقشة الطريقة التي سنحكم بها ». وهذه ليست المرة الأولى التي تتضافر فيها الجهود العربية لرسم خريطة طريق نحو حل الدولتين، وهو هدف يرى القادة العرب أنه سيؤدي إلى نزع فتيل التوترات في الشرق الأوسط. لكن مع انعكاس تأثيرات الحرب الدائرة منذ أكثر من سبعة أشهر، على اقتصادات الإقليم واحتمال توسع رقعة الصراع إلى دول مجاورة، فقد أصبح إنهاء النزاع، أمرا ملحا وفرصة في آن معا. والشهر الماضي، التقى وزراء خارجية أوروبيون وعرب على هامش الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، لمناقشة كيفية المضي قدما في حل الدولتين. وسيتصدر مستقبل قطاع غزة، جدول أعمال قمة جامعة الدول العربية التي تنعقد الخميس في البحرين. قال دبلوماسي عربي في الخليج مطلع على اجتماعات وزراء خارجية المجموعة العربية إن النقاش ينصب أولا « على سبل الضغط من أجل وقف اطلاق النار وتسهيل دخول مزيد من المساعدات » لكن « سياسيا يتمحور حول الضغط على الولاياتالمتحدة من أجل أمرين: إقامة دولة فلسطينية والاعتراف بها في الأممالمتحدة ». وأكد لوكالة فرانس برس شرط عدم الكشف عن اسمه لأنه ليس مخو لا التصريح لوسائل إعلام، أن « ما يعيق هذه الجهود المكثفة حاليا هو استمرار الحرب وموقف نتانياهو المتعنت من (إقامة) دولة فلسطينية ». ورأت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد « تشاتام هاوس » البريطاني صنم وكيل أن القادة العرب « يحاولون العمل مع إدارة بايدن لتقديم الدعم المتبادل » لخطة اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة. ومن ركائز خطتهم، إصلاح السلطة الفلسطينية لتمهيد الطريق أمام إعادة توحيد الإدارة في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة حيث تتولى حماس الحكم منذ عام 2007. وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني خلال منتدى قطر الاقتصادي الثلاثاء: « نؤمن بحكومة فلسطينية واحدة يجب أن تكون مكلفة بالضفة الغربيةوغزة ». وأضاف « إننا نعمل مع شركائنا العرب في ما نسم يه اللجنة السداسية، (التي تضم) الدول العربية إضافة إلى الولاياتالمتحدة، لمحاولة التفكير في أفضل طريقة للانتقال إلى (مرحلة ما بعد الحرب) بشكل لا يؤثر على الشعب الفلسطيني ولا على القضية الفلسطينية، ولا يقو ض السلطة الفلسطينية ». غير أن العقبة الأكبر، بحسب المحلل الإماراتي البارز عبد الخالق عبد الله، هي الحكومة الإسرائيلية، مشيرا إلى أن الجهود الدبلوماسية العربية شملت أيضا المعارضة الإسرائيلية. ففي مطلع الشهر الحالي، التقى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، في أبوظبي. وناقش الطرفان أهمية الدفع نحو « إعادة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين »، بحسب بيان الخارجية الإماراتية. ويرى المحلل عبدالله أن « هناك وعودا بأن إذا تشكلت حكومة معارضة (بعد انتخابات مبكرة في إسرائيل)، فقد تكون أكثر ميلا لهذا الاقتراح، أكثر تعاونا وأقل تصلبا ». ويستبعد القادة العرب عموما انخراطهم في إدارة مدنية لغزة أو إرسال قوات على الأرض في ظل الظروف الحالية. وليل الجمعة السبت، أكد وزير الخارجية الإماراتي في منشور على منصة إكس، أن بلاده ترفض « الانجرار خلف أي مخطط يرمي لتوفير الغطاء للوجود الإسرائيلي في قطاع غزة ». والشهر الماضي، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الدول العربية لن ترسل قواتها إلى غزة لتجنب أن يرتبط انخراطها « بالبؤس الذي خلقته هذه الحرب ». وأكد في الرياض « أننا كدول عربية لدينا خطة. نحن نعرف ما نريد. نريد السلام على أساس حل الدولتين ». كذلك، تتردد دول الخليج الغنية بالنفط خصوصا السعودية والإمارات، في تغطية تكاليف إعمار القطاع بدون الحصول على ضمانات. ويشير الخبير في شؤون السعودية بجامعة برينستون الأميركية برنارد هيكل إلى أن العرب « بالتأكيد لا يريدون أن يكونوا مجرد حسابا مصرفيا. هم ليسوا مستعدين لتنظيف الفوضى التي أحدثتها إسرائيل وإنفاق أموالهم على ذلك ».