توقع صندوق النقد الدولي الأربعاء أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تباطؤا في النمو عام 2023، لا سيما في الدول المصدرة للنفط، فيما ستبقى الدول الفقيرة، خصوصا تلك التي تشهد نزاعات كالسودان، ترزح تحت وطأة تضخم مرتفع رغم توقع انخفاضه. وفي تقريره حول آفاق الاقتصاد الإقليمي، خفض الصندوق ومقره واشنطن تقديراته للنمو عام 2023 إلى 3,1%، مقارنة ب3,6% في تقريره السابق في أكتوبر، بعدما حققت المنطقة عام 2022 نموا بنسبة 5,3%. في المقابل، توقع الصندوق أن تنتقل الدول الفقيرة من انكماش بنسبة 0,6% سجلته العام الماضي إلى نمو طفيف بنسبة 1,3%. وقال مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد جهاد أزعور لوكالة فرانس برس إن "تراجع النمو هو نتيجة ي قبل بها في سياق معالجة أصعب مشكلة اقتصادية نعاني منها في عدد كبير من دول العالم" وهي التضخم. وبحسب التقرير، يتوقع أن تبقى نسبة التضخم نفسها التي سجلت العام الماضي عند 14,8% في المنطقة هذا العام، بدفع من التضخم في البلدان ذات الدخل المتوسط والأسواق الناشئة على غرار مصر وتونس. ورغم توقع الصندوق بأن تسج ل الدول ذات الاقتصادات المنخفضة الدخل، بما في ذلك اليمن والسودان وموريتانيا والصومال وجيبوتي، عام 2023 تضخما أقل (46%) من العام الماضي (83%)، إلا أن هذا "لا يكفي بالمقارنة مع حاجات هذه الدول"، وفق أزعور. ويشهد السودان منذ منتصف الشهر الماضي نزاعا داميا أجبر الآلاف على النزوح داخليا أو اللجوء إلى الدول المجاورة وتسبب بنقص في الغذاء والمياه والكهرباء والسيولة النقدية، ما قد يؤدي إلى تغيير المعطيات الاقتصادية. ورأى أزعور أن "من الصعب التكهن خاصة أن هذا الصراع اندلع منذ فترة قصيرة ومن غير الواضح كيف سيتطور". وأشار إلى أن انعدام الاستقرار في السودان منذ سنوات "يجعل من الصعب المحافظة على درجة من الاستقرار الاقتصادي نظرا إلى البنية الاقتصادية الضعيفة أصلا" و"الأعباء الإضافية التي تسببها الأحداث الداخلية (الأخيرة) على الشعب السوداني". تتواصل المعارك العنيفة في السودان بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي"، رغم هدنة يتم تمديدها بانتظام بدون الالتزام بها، فيما يحذر المجتمع الدولي من وضع إنساني "كارثي". وقال أزعور إن "ما يمكن أن نراه في هذه المرحلة أن هناك عبئا إضافيا على الدول المجاورة لاستقبالها لاجئين". وعزا صندوق النقد الدول التباطؤ في النمو الذي يتوقع تسجيله في المنطقة خصوصا إلى خفض إنتاج النفط. وستسجل دول مجلس التعاون الخليجي عام 2023 تباطؤا في النمو إلى 3,1% بعدما بلغ 5,7% عام 2022، وفق توقعات الصندوق. وأوضح أزعور أن "تمديد اتفاق أوبك بلاس القاضي بخفض إنتاج النفط كان له انعكاس على الدول المصدرة للنفط". في الآونة الأخيرة، شهدت المنطقة انفراجا على المستوى الدبلوماسي مع توصل السعودية وإيران إلى اتفاق مفاجئ في 10 مارس لاستئناف علاقاتهما، ما رأى محللون أنه قد ينعكس على ملفات عدة، كانت أبرز قوتين إقليميتين على طرفي نقيض فيها. ورأى أزعور أن "كل تراجع في مستوى التشنج هو أمر جيد للاقتصاد… كل الانفراجات هي عنصر إيجابي إذ إنها تخفف المخاطر من جهة وتفتح آفاقا جديدة للحركة الاقتصادية والاستثمار ومن جهة أخرى".