سمحت الإجراءات الأمريكية الهادفة إلى الطمأنة حول استقرار النظام المصرفي، بعد إفلاس ثلاثة بنوك أمريكية، لبورصة وول ستريت بالانتعاش الاثنين، فيما عانت الأسواق الأوربية. بعد افتتاح شهد هبوطا ثم جلستين شهدتا تراجعا حادا، عادت وول ستريت إلى مستويات إيجابية. فقرابة الساعة 15,30 بتوقيت غرينتش، زاد مؤشر داو جونز 0,75% ومؤشر ناسداك 1,32% ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 0,80%. أما البورصات الأوربية، فبقيت عند مستويات منخفضة جدا، لكنها انتعشت بشكل طفيف بعدما تراجعت بأكثر من 3% في مطلع بعد الظهر. وعند الإغلاق، بلغ التراجع في باريس وفرانكفورت 2,90% و3,04% على التوالي. أما في لندن، فبلغ 2,58% فيما بلغ في ميلانو 4,03%. بعد تراجع بلغ 4%، انخفض سعر النفط في النهاية بنسبة 1% فقط، فيما زاد سعر الذهب بنسبة 2,4%. ويبدو أن الثقة مهتزة في البنوك المحلية الأمريكية بعد ثلاث حالات إفلاس في الأيام الأخيرة لبنك سيليكون فالي وبنك سيغنتشر وبنك سليفرغايت. وطلب الرئيس جو بايدن في كلمة الاثنين من الأمريكيين أن "يثقوا" في النظام المصرفي "الآمن"، مؤكدا أنه سيفعل "كل ما هو ضروري" للحفاظ عليه. وكشفت السلطات الأمريكية الأحد عن سلسلة إجراءات لطمأنة الأفراد والشركات بشأن متانة النظام المصرفي الأمريكي، وستضمن خصوصا سحب جميع ودائع البنك المفلس ومقره ولاية كاليفورنيا. يوضح المحلل في منصة "آي جي" ألكسندر باراديز "إنها ليست خطة إنقاذ فدرالية لكنها توفر ضمانات" من أجل "إيجاد مشترين بسرعة". وأكد باراديز وجود "مرحلة توتر" في الأسواق وإن كان الوضع في رأيه بعيدا عما حصل عام 2007. وقال ليونيل ميلكا من شركة "سوان كابيتل" لوكالة فرانس برس "لقد نسينا مدى اعتماد النظام المصرفي على الثقة". وتابع الخبير قائلا "تبدو البنوك الكبرى فقط في وضع متين". وتهاوى سعر سهم بنك فيرست ريبابليك الأمريكي بنسبة 70% فيما تراجع سعر سهم بنك ويسترن ألاينس بنسبة 62%. واعتبر الخبير جيل جيبو من شركة "أكسا إيم" أن هذه الاضطرابات "تسلط الضوء على تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على البنوك". كما كانت الحال الجمعة، واصلت المصارف الأوربية تراجعها الإثنين ولا سيما المصارف التي تعتبر أقل متانة من غيرها، فخسر مصرف كريدي سويس 9,46% فيما خسر كومرتسبنك 12,52% وبي إن بي باريبا 5,81% وسوسييتي جنرال 5,19% والمصرف الإيطالي أونيكريديتو 8,28%. أما بنك اتش إس بي سي الذي تراجعت أسهمه بنسية 4,05%، فقد أعلن صباح الاثنين شراء الفرع البريطاني لبنك سيليكون فالي في مقابل جنيه استرليني واحد، ما يسمح للزبائن "بالوصول إلى ودائعهم وخدماتهم المصرفية بشكل طبيعي". هذه الأزمة في القطاع المصرفي "تغير المعطيات بشأن توقعات الاحتياطي الفدرالي"، كما يؤكد إيبيك أوزكاردسكايا من بنك سويسكوت. ساهمت الارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة خلال العام الماضي لكبح التضخم في إضعاف البنوك وتباطؤ النشاط الاقتصادي. قد تقنع الأحداث الأخيرة مسؤولي الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بإبطاء الإيقاع في اجتماعهم المقبل في 21 و22 مارس. في أوربا، "من الصعب معرفة سبب عدم قيام البنك المركزي الأوربي بزيادة 50 نقطة أساس"، لكن المؤيدين لفرض سياسة نقدية ملائمة أصبح لديهم الآن "حجج أكثر" للمرحلة المقبلة، بحسب كبير الاقتصاديين في "آي إن جي" في ألمانيا كارستن برزيسكي. انخفضت أسعار الفائدة للسندات السيادية في السوق الاثنين. وبلغت نسبة الفائدة على القرض الأمريكي لمدة 10 سنوات 3,46% في مقابل 3,70% الجمعة عند الإغلاق، بينما بلغت فائدة السندات الألمانية في نفس تاريخ الاستحقاق 2,23% في مقابل 2,50% عند الإغلاق الجمعة. وتراجع الدولار في مقابل العملات الأخرى: ارتفع اليورو 0,84% إلى 1,0732 دولار والجنيه 1,24% إلى 1,2179 دولار. وانتعشت عملة بيتكوين بنسبة 14% إلى 24,480 دولار للوحدة، ما أدى إلى محو الكثير من الخسائر التي أعقبت الإعلان عن صعوبات بنك سيليكون فالي.