مدفوعا بالرغبة في الإثارة اختار محمد التيجيني الصحافي المقيم بين بلجيكا والمغرب، مهاجمة لاعب المنتخب الوطني المغربي زكرياء أبوخلال، فقط لأنه شاب متدين ما جر عليه عاصفة من ردود الفعل سواء من لدن الجماهير أو من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أو المجلس الوطني للصحافة، بل حتى من فريق تولوز الفرنسي الذي يلعب له أبوخلال والذي أدان بدوره التهجم على لاعبه وقرر رد الاعتبار به. يأتي التهجم في غمرة الفرحة التي غمرت الجماهير المغربية بتحقيق المنتخب الوطني نتيجة غير مسبوقة في مونديال قطر بوصوله لنصف النهائي، وبعد الاستقبال الملكي للمنتخب ولأمهاتهم وتكريمهم.. فمن يكون التيجيني، صاحب موقع "أشكاين" الذي أغضب المغاربة؟ ينحدر من مدينة بركان، سافر إلى بلجيكا في منتصف التسعينات لإكمال دراسته في الحقوق، وبعدها اشتغل في مجالات سياسية إلى جانب بعض الوزراء البلجيكيين، قبل أن يكتشف الصحافة، حيث أنشأ قناة "مغرب تيفي". عن طريق هذه القناة بدأ ينسج علاقات مع أفراد الجالية المغربية، ومع السياسيين المغاربة الذين يزورون بلجيكا، حيث بدأ يستضيفهم في برامج حوارية. أثمرت "علاقاته" قبل بضع سنوات، حصوله على عقد من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، لكي يقوم بإعداد وتقديم برنامج حواري حمل إسم "ضيف الأولى". كان تيجيني يتنقل من بروكسيل إلى الرباط على نفقة إدارة التلفزيون ويقيم في فندق راقي بالرباط. وتمكن من استضافة عدد من السياسيين في برنامجه الحواري. أسلوبه المستفز الذي ينم أحيانا عن عدم دراية بالقضايا السياسية في المغرب وتهجمه على بعض السياسيين ومحاولة التنقيص منهم،وتعليقاته تتجاوز وظيفته كصحافيجرت عليه غضبا في أوساط السياسة والصحافة. وصل الأمر إلى حد أن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أصدرت قرارا ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بسبب برنامج "ضيف الأولى" الذي يقدمه التيجيني. وقد لاحظت "الهاكا" تجاوزات تتعارض مع شروط النزاهة والموضوعية التي أقدم عليها مقدم برنامج "ضيف الأولى" محمد التيجيني. وجاء في قرارات "الهاكا" المنشورة في الجريدة الرسمية، أنه في إحدى حلقات "ضيف الأولى" التي استضاف فيها محمد التيجيني الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" إلياس العماري، ذهب مقدم البرنامج إلى إطلاق مجموعة من التعليقات التي هاجم من خلالها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران. وخلال استضافته لشرفات أفيلال، الوزيرة المكلفة بالماء سابقا استغل زلة لسانها حين قالت إن معاشات البرلمانيين مجرد "جوج فرانك" فانخرط في حملة تهجم ضدها على موقع التواصل الاجتماعي ما تسبب لها في أزمة نفسية. هذه الممارسات دفعت المكتب النقابي للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لإصدار بيان ينتقد بشدة برنامج التيجيني، وتعامل الشركة معه، وجاء في بيان أصدره سنة 2017، أن برنامج التيجيني، "يكرس ويشجع الرداءة واللامهنية وخدمة أجندات لا علاقة لها بالتوجه الموكول للشركة كمؤسسة إعلامية تقدم خدمة عمومية". واضاف أن هذا البرنامج "أصبح يضطلع بأدوار غير مهنية جعلت منه طرفا متواطئا بشكل مفضوح مع أطراف سياسية ضد أخرى"، بل اعتبرت النقابة أن البرنامج أصبح "أداة لتصفية حسابات سياسوية وبطريقة شعبوية". وفي غشت 2018، أعلن التيجيني انسحابه من تقديم برنامج "ضيف الأولى"، لأن القناة الأولى لم تتحمل الانتقادات الموجهة لها بسببه. وعاتب التيجيني "الهاكا" على الطريقة التي تعاملت بها مع البرنامج، حين اعتبرت أن مُقدم البرنامج لا يكتفي بدوره الصحفي في طرح الأسئلة بل إنه يبدي أيضا رأيه، ليعقب بأن "دور الصحفي بالنسبة له لا يجب أن يتوقف عند طرح الأسئلة بل إلى إبداء المواقف التي يؤمن بها". تهجم على أبو خلال حين غادر التيجيني الأأولى، أسس موقع أشكاين وفيه اقترف مقالات تحت عنوان "أبو خلال سلفي يخترق المنتخب المغربي"، مدعيا أن أبو خلال "قام بتصرفات وإيحاءات ذات مرجعية دينية سلفية، إلى درجة دفعت بإعلام أجنبي إلى الحديث عن اختراق داعشي للمُنتخب الوطني". ردود الفعل الغاضبة عبر عنها عدد كبير من رواد وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلن الجامعة الملكية المغربية عن عزمها اتخاذ الإجراءات القانونية في حق الموقع الإلكتروني المذكور، بينما قال المجلس الوطني للصحافة، إنه سيعرض الملف، طبقا لميثاقه والقانون الذي يؤطر عمله، على لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية. ونفت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الاتهامات الموجهة للاعب المنتخب الوطني المغربي وقالت في بيان لها، "على إثر نشر أحد المواقع الإلكترونية لمقال يمس شخص وسلوك اللاعب الدولي المغربي زكرياء أبوخلال ، أثناء مشاركته صحبة النخبة الوطنية في نهائيات كاس العالم قطر 2022، تنفي الجامعة نفيا قاطعا الاتهامات الباطلة التي طالته في هذا المقال ، حيث أبان اللاعب عن سلوك مثالي إلى جانب زملائه من أجل تحقيق نتائج مشرفة للنخبة الوطنية في هذا المحفل العالمي".
وعبرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في بلاغها، عن إدانتها الشديدة لتعاطي هذا الموقع الإلكتروني مع شخص وسلوك اللاعب زكرياء أبو خلال ومن خلاله لصورة المنتخب الوطني بكل فعالياته. وأكدت الجامعة، أنها ستلجأ إلى المساطر القانونية لحماية أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم، ودحض كل الادعاءات الباطلة تمس سلوكهم أو حياتهم الشخصية أثناء ممارسة مهامهم الوطني. مجلس الصحافة يتفاعل وندد المجلس الوطني للصحافة، بنشر موقع "آشكاين" مقالا حول لاعب المنتخب المغربي زكرياء أبو خلال، ادعى فيه أن اللاعب "سلفي" اخترق المنتخب، وقال المجلس في بلاغ له الأحد الماضي، إن هذه الادعاءات "وصم غير مقبول". وأشار المجلس، إلى أن ما نشر في الموقع الإلكتروني "أشكاين"، لا يمكن اعتباره عملا صحافيا بأي شكل من الأشكال، لأن لا علاقة له بتغطية حدث رياضي، حظي بمتابعة واسعة، من طرف الجمهور المغربي والعالمي. وأكد المجلس الوطني للصحافة، أن التركيز من طرف الصحافة على أي شخص بسبب انتمائه العرقي أو الديني، يعتبر وصما غير مقبول، ترفضه كل مواثيق أخلاقيات الصحافة، ومنها ميثاق أخلاقيات المهنة، المعتمد وطنيا، كما أعده المجلس، والمنشور في الجريدة الرسمية، كما ينص على ذلك القانون.