223 فتاة، زادت عليهن هذه الجماعة الإرهابية 8 أخريات، ضمن المنطق ذاته الذي عبّر عنه زعيمها المدعو «أبوبكر شيكو»، حين خاطب أهالي الضحايا، دون أن يرف له جفن، بل كان «يحك» جنبه الأيمن كالمعتوه، بقوله: «لقد اختطفت فتياتكم، وسوف أبيعهن في السوق، وفق شرع الله»! المسألة إذن، وببساطة،لا علاقة لها ب«شرع الله» و«لا هم يحزنون»! هؤلاء مجرمون متخصصون في «صناعة الموت» و«صناعة الاختطاف» التي تدر مئات الملايين من الدولارات في إفريقيا، وهي قصة معروفة، ليس بالنسبة إلى «بوكو حرام»، بل بالنسبة إلى كل الجماعات الإرهابية التي ابتُليت بها هذه القارة السمراء، خصوصا في منطقة الساحل والصحراء الكبرى الممتدة وما يليها من قفار. ونحن نسمع الآن أن «بوكو حرام»، تعتزم نقل الفتيات «السبايا» إلى تشاد والكاميرون المجاورتين لنيجيريا، حيث سيتم بيعهن مقابل 12 دولارا لكل واحدة منهن! كم هو رخيص الإنسان في زمن السديم هذا! لا أدري لماذا كلما سمعت اسم «بوكو حرام»، الذي يعني في لغة «الهاوسا» المحلية «التعليم الغربي حرام» (كلمة «Boko» مشتقة في الأصل من الكلمة الإنجليزية «book»( كِتاب)، وتعني أبجديةً وضعها المستعمر لتسهيل تعليم «الأهالي»، ومن هنا نفهم لماذا ارتبطت الكلمة ب«التعليم الغربي»، وبعد ذلك لماذا تم استهداف تلميذات ثانوية مرتبطة بهذا (التعليم الغربي)، أُحيل كلمة «بوكو» على الكلمة الفرنسية «beaucoup»، خصوصا عندما ترتبط، في لغة شباب اليوم، بكلمات أخرى من قبيل حديثهم عن «بوكو لْعاقة»! أتصور أن الأمر يعود إلى أن هذه الجماعات المتشددة «تُحرّم» كثيرا، كأن الأصل في الإسلام هو التحريم، بل على العكس، وهذا لن يخالفني عليه فقيه واحد على وجه هذه الأرض، إذ «الأصل في العبادات المنع حتى يأذن الشّرع ويرد بمشروعية هذه العبادة، فلا يعبد الله تعالى إلا بما شرع، وأما غير العبادات، فالأصل فيها الحل حتى يرد دليلُ المنع»! وما يقع مع هؤلاء المتطرفين يجد سنده لدى «كبرائهم» الذين علّموهم «السحر» من السلفيين، في السعودية وغيرها. تصوروا أن الشيخ يوسف القرضاوي الذي يُعد متشددا في كثير من الأوساط، عندما أصدر كتابا وسمّاه «الحلال والحرام في الإسلام»، هاجمه الوهابيون في المملكة السعودية وأطلقوا على الكتاب «الحلال والحلال في الإسلام»، بمعنى أن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يحلّ كل شيء! والغريب أنه مقابل هذا التحريم المكثف، «بوكو حرام» بمعنى «حرام بزّاف»، لدى السلفيين والمتنطعين وهذه الجماعات الإرهابية المسماة، ظلما وعدوانا، «جهادية»، نجد حبا جمّا للمال، «بوكو لْعاقة»، وإذا لم يأت من آبار البترول في الخليج، فهناك «صناعة الاختطاف» والفيء والغنائم! وحتى الذين يبدو أنهم لا علاقة لهم ب«الجهاد» المفترى عليه، تجدهم يلبسون أزياء بسيطة، ومن زمن آخر، كأنهم يطلون من مسلسل «ديني» قديم ورديء، ومع ذلك يحملون آخر صيحات الهواتف المحمولة ويمتطون سيارات فاخرة… «بوكو لْعاقة» و«صافي»! حب المال بالمعنى العام (كلُّ ما يملكه الفرد أَو تملكه الجماعة من متاعٍ، أَو عُروض تجارة، أَو عقارات أَو نقود، أَو حيوانات… أو سيارات) لا يضاهيه لدى هؤلاء إلا حب النساء، فتجدهم لا يكتفون بزوجة واحدة أو مثنى أو ثلاث، بل يختارون الأقصى، وهو «رُباع». متطرفون في كل شيء! حب المال وحب النساء يجتمعان في «بوكو حرام» بالمعنيين معا، ولذلك نفهم لماذا اختارت هذه الجماعة النيجيرية، المفترية على شرع الله، ضحايها «كواعب أترابا»! [email protected]