كيف نجحت الحرب التي يشنها مقاتلو بوكو حرام» المتحركون على دراجات نارية صينية الصنع وبالتزامن في عدة بلدان أفريقية، في جعل الجيش النيجيري المصنف من أفضل الجيوش الأفريقية عاجزا عن ردع هجماتهم الدموية؟ وكيف استطاعت الجماعة رغم تواضع عتادها تكبيد القوات التشادية خسائر فادحة؟ مع أنها تعد من أكثر الجيوش تدريبا وتجربة في القارة. وبالمجمل، كيف تعجز قوات تحالف يضم خمسة بلدان أفريقية، قوامها بالآلاف وجيدة التدريب والتسليح، وتدعمها فرنسا وأمريكا، من القضاء على الرعب الذي ينشره بضع مئات من المقاتلين غير المدربين وبأسلحة خفيفة؟؟ التحليل الإخباري التالي يقرب القارئ من خلفيات وأبعاد الحرب الشاملة التي تقودها «بوكو حرام» منذ أعوام في مناطق شاسعة من قارتنا الأفريقية، ما فتئت تتسع رقعتها يوما بعد يوم.. ككل الأصياف التي مر بها عمر جماعة بوكو حرام منذ تأسيسها في 2002، يشهد الصيف الحالي تجددا لتفجر الأوضاع في نيجيريا وبلدان حوض تشاد التي تمثل المحيط الحيوي الذي تتحرك فيه «بوكو حرام». إن الاختراق المباغت والكاسح الذي حققته الجماعة الإرهابية خلال العام الذي مضى، فاجأ حتى أكثر الخبراء الأمنيين تمرسا في العالم، بحيث ثمة عجزا كبيرا عن فهم ما يجري على الأرض، في ظل تعقد الوضع على الأرض وتواتر مفاجآت «بوكو حرام». لقد اهتزت نيجيريا خلال الأسبوع الماضي على دوي تفجيرات انتحارية نفذتها في أماكن متفرقة مراهقات تابعات لجماعة «بوكو حرام» التي تعد نسخة أفريقية ل»داعش». وهي تفجيرات لم تميز بين كنيسة ولا مسجد ولا سوق ولا موقع عسكري، ما جعل الحصيلة مروعة. وقد أتت الهجمات النسائية كرد قاس من الجماعة الإرهابية على الإنجازات العسكرية المحدودة التي حققتها جيوش بلدان حوض التشاد ضد مقاتليها، واختراقا كذلك فيما يبدو للحصار الذي ضيق على تحركاتهم. تقدم محدود للتحالف المضاد خلال العام الذي مضى منذ الصيف الماضي، أحكمت «بوكو حرام» سيطرتها على مناطق شاسعة من شمال شرق نيجيريا، تبلغ مساحتها نحو 30 ألف كلم مربع وتوجد بها 20 مدينة. واتخذت منها قاعدة لانطلاق عملياتها والتمدد نحو البلدان المجاورة في مسعاها لإقامة ما تسميها «الإمارة الإسلامية» على كل البلدان الواقعة حول بحيرة تشاد (نيجيريا، الكاميرون، النيجر، تشاد). وضمن هذا الأفق كثفت «بوكو حرام» في الأشهر الأخيرة من هجماتها عبر الحدود فشملت الكاميرونوالنيجر، إضافة إلى تشاد التي سبق أن هاجم مقاتلوها عاصمتها نجامينا قبل شهور. وتقود نيجيريا منذ بداية العام الجاري تحالفا عسكريا يشمل قوات من نيجيرياوتشادوالنيجروالكاميرون وبنين مسلحة بالدبابات والطائرات الهجومية، ويهدف إلى القضاء على القوة المتنامية ل»بوكو حرام». وهو تحالف تدعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية عسكريا في شكل إمدادات لوجستيكية ومعدات حربية تقدر قيمتها بحوالي 34 مليون دولار. كما تدعمه فرنسا التي تهدد «بوكو حرام» مناجم اليورانيوم التي تستغلها في النيجر كما تهدد مصالحها في الكاميرونوتشاد. وكان مستشار الأمن القومي في نيجيريا أعلن بنبرة تفاؤل زائد في أوائل فبراير الماضي بأن الهجمات المشتركة بين القوات الإقليمية ضد جماعة «بوكو حرام» سوف تقضي على كل معسكراتها خلال 6 أسابيع. وهو ما رد عليه أبو بكر شيكاو من جانبه بأن توعد بهزيمة القوات الإقليمية المتحالفة. وبالفعل تكبدت قوات الجماعة الإرهابية خسائر خلال الأشهر الماضية، لكنها لم تدمرها. ومما يؤشر على أن ضربات التحالف الأفريقي أوجعت الجماعة ما نقلته الوكالات من إقدام «بوكو حرام» يوم الجمعة ما قبل الماضي على إعدام 29 من مقاتليها على الطريقة الداعشية، حيث قطعت رؤوسهم. وكشفت الأخبار أن الجماعة تصرفت بتلك الوحشية حتى تفرض الانضباط في صفوفها، إذ كان المعدمون غادروا معسكرهم بإحدى الغابات وفي نيتهم تسليم أنفسهم للقوات الحكومية. ويكشف الحادث مدى الصرامة الشديدة التي تعامل بها الجماعة حتى المنتسبين إليها. لكن الحديث عن القضاء على» بوكو حرام» في أجل قريب يبدو غير واقعي، ففي مواجهة التضييق على تحركات مقاتليها، تلجأ الجماعة إلى تنفيذ ضربات دموية اعتمادا على نساء وطفلات انتحاريات يتسللن وسط الجنود أو إلى أماكن مأهولة، ويفجرن أنفسهن. وهي ضربات باتت تربك خطط القوات الأفريقية المتحالفة التي تضطر في بعض الأحيان إلى الانسحاب، حرصا على أرواح المدنيين. «الانتحاريات».. سلاح رعب جديد هكذا وفي يوم الجمعة الماضي، وبينما كان الناس ينتظرون أذان المغرب داخل مسجد بقرية لا تبعد كثيرا عن معقل الجماعة الإرهابية، هجمت عليهم فجأة فتاة كانت تقف على مسافة قريبة منهم وفجرت نفسها وسطهم. فقتل على الفور 12 شخصا وأصيب آخرون بجراح. ورغم أن الجماعة لم تتبن العملية رسميا إلا أنها تحمل بصمتها. وفي الغد تعرضت قرية في شمال شرق نيجيريا لهجوم مباغت آخر من مقاتلي «بوكو حرام»، وعندما شرع السكان في الفرار في كل الاتجاهات. تسللت بين الفارين انتحاريات فجرن أنفسهن، ما خلف عشرات القتلى والجرحى. وتكشف الحصيلة المسجلة خلال ثلاثة أيام فقط، بأن انتحاريات «بوكو حرام» قتلن معهن في تفجيرات متفرقة 200 شخصا وجرحن المئات، في حصيلة تعتبر أكثر دموية من العمليات العسكرية لمقاتلي الجماعة المتطرفة الرجال، إذ قتل مسلحوها، قبل تفجيرات الانتحاريات بيومين ما لا يقل عن 145 شخصا رميا بالسلاح في هجمات على ثلاث قرى أخرى. لم يسبق لتنظيم إرهابي في التاريخ أن لجأ إلى توظيف طفلات ولا حتى نساء مثلما تفعل «بوكو حرام». وهكذا تعود أول عملية انتحارية قامت بها امرأة تابعة ل»بوكو حرام» إلى 8 يونيو 2014. وأصغر انتحارية في تاريخ «بوكو حرام» الدموي كانت طفلة عمرها 7 سنين عندما فجرت نفسها في فبراير الماضي في مكان عام، فقتلت سبعة أشخاص وخلفت 32 مصابا. وتتوالى عمليات الطفلات الانتحاريات منذ عام في محاولة من الجماعة الإرهابية للتملص من المراقبة المفروضة على رجالها، راسمة خط تحول جديد في الحرب التي باتت الجماعة تخوضها ضد الجميع تقريبا. وكانت تقارير إعلامية غربية كشفت أن زعيم الجماعة يستخدم طفلات صغيرات لا تتجاوز أعمارهن 10 سنين في عمليات انتحارية عنيفة. وهن طفلات ونساء جرى أسرهن خلال الهجمات التي قام بها رجاله. ففي 14 أبريل 2014 خطفوا في عملية واحدة 276 تلميذة من إحدى المدارس النيجيرية، ردا على اعتقال الجيش الحكومي لنساء وأطفال مقاتلي الجماعة، وأعلن شيكاو في خطاب شهير بأن التلميذات سوف يبعن في أسواق النخاسة. ورغم المجهودات التي بذلت بدعم من طيارين أمريكيين، إلا أن أولئك الأسيرات لم يتم العثور عليهن أبدا. وتقدر منظمة العفو الدولية بأن عدد النساء والطفلات اللاتي خطفتهن «بوكو حرام» منذ أوائل 2014 يزيد على 2000. ويكشف تقرير صدر عن المنظمة الدولية في أبريل الماضي أن الجماعة أكرهت المئات من أسيراتها على الزواج من مقاتليها. كما ترغمهن على المشاركة في عملياتها العسكرية. ونقلت تقارير إخبارية عن أسيرات تمكن من الفرار من قبضة الجماعة قولهن إن بوكو حرام تقوم بعمليات غسيل دماغ لبعضهن، قبل الدفع بهن كقنابل بشرية. إعادة رسم خريطة المنطقة إن نيجيريا التي خرجت جماعة «بوكو حرام» من رحمها هي أكبر بلد أفريقي من حيث تعداد السكان، وهي كذلك أكبر بلد منتج للنفط في القارة الأفريقية بواقع 2 مليون برميل يوميا. ما يدر عليها عائدات بحجم 50 مليار دولار سنويا. لكن البلد يعاني منذ عقود من تفشي الفقر والرشوة وضعف البنى التحتية، إذ يعيش 70% من سكانه من على أقل من أورو واحد في اليوم، بحسب تقارير أوربية. كما تعاني أجزاء شاسعة من البلد من غياب الكهرباء والماء الشروب وتلوث البيئة ومن الأمية. بل إن النيجيريين يعانون حتى من شح البنزين في محطات الوقود رغم كون بلدهم عضوا في «الأوبيب «! لقد ساد الارتياح والتفاؤل صفوف الشعب النيجيري بمكوناته العرقية والدينية جميعها أواخر شهر مارس الماضي، عندما انتخب الجنرال المسلم «محمد بوخاري» خلفا للرئيس المسيحي غودلاك جوناثان. وفي أول خطاب له، تعهد الرئيس الجديد بدحر «بوكو حرام»، متبنيا بذلك روح التفاؤل التي عبرت عنها قيادة الجيش النيجيري حين تعهدت أوائل العام الجاري ب»القضاء على «بوكو حرام» داخل أجل 6 أسابيع». وركز الرئيس الحالي محمد بوخاري فور انتخابه على ضرورة معالجة أوضاع بلاده السيئة من أجل القضاء على «بوكو حرام»، إذ يقول في مقال نشرته مجلة جون أفريك الفرنسية: «أولا، يلزمنا إرسال مزيد من الجنود إلى الجبهة. ثم بينما يكون جنودنا [منشغلين بالحرب على «بوكو حرام»] في الميدان، سوف يكون علينا أن نسائل أنفسنا لماذا يلتحق هذا العدد الكبير من الناس ب»بوكو حرام»؟ إن من بين الأسباب يوجد الفقر والجهل، فعندما تكونون في قبضة الجوع، وتكونون شبابا، وتحاولون أن تفهموا لماذا هي حياتكم صعبة، قد يبدو لكم التطرف الديني جذابا». ويضيف بوخاري في مقاله قائلا:»علينا أن نعلم بناتنا بكثافة لأن «بوكو حرام» تتغذى من اليأس. وعندما هاجم هؤلاء الإرهابيون مكانا للعلم [مدرسة] وخطفوا أكثر من 200 تلميذة، فإنهم إنما أرادوا ضربنا في الموضع الذي يؤمن لنا المستقبل. إن من الواجب علينا أن نظهر ل»بوكو حرام» بأنها سوف تفشل من خلال اعتماد قولة مانديلا: إن التعليم هو أقوى سلاح لتغيير العالم «. لكن الضربات الإرهابية الدموية التي اقترفتها «بوكو حرام» الأسبوع الماضي، والتي لم تستثن لا مسجدا ولا كنيسة ولا سوقا شعبيا مضافة إلى سوء الوضع المعيشي للسكان، جعل هؤلاء يعبرون عن خيبتهم من عدم تحقق وعود بوخاري على الأرض، ويعتبرون بالتالي أن لعنة الإرهاب ستبقى ملازمة لبؤس حياة النيجيريين لزمن طويل قادم. إن زعيم الجماعة أبو بكر شيكاو ليس «غريب الأطوار» كما تصفه بعض التحاليل الغربية، بل إنه ماض في تحقيق مخطط مدروس بدقة. فعندما أعلن قبل عام عن وضع مدينة غوزا الواقعة شرق نيجيريا تحت حكم «الخلافة الإسلامية، صرح شيكاو بأنه لا يعترف بشيء اسمه نيجيريا وإنما يعترف بالخلافة الإسلامية. ومعنى كلامه أنه آخذ في إعادة رسم خريطة أفريقيا من خلال إلغاء الحدود المعروفة، مثلما تفعل «داعش» في المشرق العربي. وبذلك بات خطر الانتشار المتسارع ل»بوكو حرام» في بلدان حوض تشاد يهدد بتمددها داخل كل من النيجر وشمال الكاميرونوالتشاد في الأمد المنظور، وبمخاطر بتحريك أمواج كبرى جديدة من الهجرات لضحايا النزاعات، قد تنضاف إلى آلاف المهجرين الذين هربوا من قراهم الواقعة في جزر بحيرة تشاد والذين فروا إلى النيجر، يعيشون حاليا في ظل ظروف صعبة. وكذا مخاطر بإشعال نيران مواجهات عرقية وطائفية داخل كامل بلدان حوض التشاد. على أن اكتساح «بوكو حرام» للنيجر والتشاد تحديدا سوف يجعل مقاتليها على الحدود مع كل من السودان والجزائر وليبيا. وهو سيناريو رعب لا يتحدث عنه أحد بعد.
شيكاو..»خليفة» كاريزمي بسبعة أرواح ! «زعيم بوكو» حرام الحالي هو «الإمام» و»الخليفة» بشير محمد المعروف بأبو بكر شيكاو، نيجيري مسلم عمره 50 عاما ويتحدث العربية إلى جانب لهجات بلده. تضعه الولاياتالمتحدة على قائمة الإرهابيين الدوليين منذ يونيو 2012، وتعرض مكافأة 7 ملايين دولار لمن يقدم معلومات تقود إلى اعتقاله. ويعرض الجيش النيجيري من جانبه مكافأة تعادل مبلغ 317 ألف دولار لمن يقوده إلى شيكاو. وقد حاول الجيش النيجيري مرارا القضاء عليه، لكنه كان في كل مرة يكذب أنباء مقتله، فيعود في شريط فيديو جديد مهددا أعداءه ومحرضا أتباعه وحلفاءه. ففي صيف 2009، وفي أعقاب التمرد العنيف الذي قامت به «بوكو حرام» شرق نيجيريا، أعلن الجيش أن شيكاو سقط قتيلا ضمن جماعة من مقاتليه بلغ عددهم 200 قتيل. لكن مجريات الأحداث أكدت فيما بعد زيف خبر مقتله.»بيد أن أبرز عملية قتل قيل إن شيكاو تعرض لها كانت في 2012، عندما قام الجيش بشن هجوم على حفل زفاف أحد أبنائه، ودخل مع أتباع «بوكو حرام» في مواجهات عنيفة جرح خلالها شيكاو في قدمه، لكنه تمكن من الفرار بينما تعرضت أسرته للاعتقال. وفي صيف 2013، أعلنت الأجهزة الأمنية النيجيرية مرة أخرى عن مقتل شيكاو في أعقاب إصابته بعيار ناري، أثناء مواجهات مع جنود. وفي خريف العام الماضي أعلن الجيش النيجيري من جديد عن مقتله من دون توضيح لا زمان ولا مكان مصرعه. لكن أسابيع بعد ذلك ظهر زعيم «بوكو حرام» على شريط فيديو يكذب نبأ مقتله. وبسبب محاولات القتل الفاشلة المتكررة التي تعرض لها، لقب أبو بكر شيكاو صاحب السبع أرواح، حتى أن ثمة في صفوف الأمن والجيش النيجيريين من يشكك كون الشخص الذي ما زال يظهر على أشرطة الفيديو من وقت لآخر هو شيكاو، ويصرون على تأكيد مقتله.
«بوكو حرام».. من الولاء للقاعدة إلى «داعش» عند تأسيس جماعة «بوكو حرام» التكفيرية في مطلع 2002، كان اسمها الأصلي هو «أهل السنة للدعوة والجهاد». وكان مؤسسها الإمام محمد يوسف رجل دين معروفا بين مسلمي شمال نيجيريا بدعوته إلى إسقاط النظام السياسي القائم في نيجيريا، وإحلال نظام قائم على الشريعة الإسلامية مكانه. لكن الإمام يوسف كان مفتقدا لكاريزما تسمح له بقيادة الجماعة، عكس نائبه أبو بكر شيكاو، بيد أن وعيه بمآل دعوته كان مع ذلك واضحا، إذ دأب على القول لأتباعه عند بدايات المواجهة مع قوات الأمن بأن «هذه الحرب التي انطلقت الآن ستستمر طويلا». وهو معطى أكدت الأيام صحته. ويعني اسم الجماعة (بوكو حرام) في لغة الحاوسا، وهم مسلمو نيجيريا: (التعليم الغربي حرام)، وكان ذلك أحد شعاراتها حيث لقبت بطالبان نيجيريا، لأن أعضاءها الذين عرفوا بمناهضة التعليم العصري، كانوا طلبة انقطعوا عن دراستهم وأقاموا لجماعتهم قاعدة في إحدى مقاطعات شمال شرق البلاد المسلمة. وتستثمر «بوكو حرام» مشاعر التذمر لدى المسلمين الذين يشكلون قرابة نصف سكان البلاد البالغين زهاء 160 مليون نسمة، من تهميش الحكومات المركزية [التي كان يسيرها مسيحيون] لهم، لتدعو النيجيريين المسلمين إلى الجهاد، فتجند المئات من سكان المناطق النائية في صفوفها. وفي صيف 2009، قتل محمد يوسف في هجمات مسلحة شنتها قوات الأمن على معاقل «بوكو حرام» وسقط معه المئات من أتباعه. فأخذ مكانه في قيادة الجماعة نائبه أبو بكر شيكاو من خلال ترؤسه لمجلس الشورى المكون من 18 عضوا. فأبان شيكاو عن قدرات قيادية غيرت هيكل الجماعة وأساليب عملها. فسار على منوال القاعدة التي أعلن ولاءه لها في صيف 2011، بحيث أصبح أتباع «بوكو حرام» يعملون في شكل خلايا مستقلة لكنها تأخذ أوامرها وتوجيهاتها مباشرة من القائد الوحيد. وفي الصيف نفسه دشنت الجماعة أول عملية استهدفت مصالح غربية من خلال هجوم بسيارة مفخخة على مقر الأممالمتحدة في العاصمة النيجيرية أبوجا، قتل وأصيب فيه العشرات. وقد نفذ شيكاو وعيده بالانتقام لقتلى جماعته، حيث نفذ منذ ذلك التاريخ هجمات مروعة على أسواق شعبية وتجمعات ودور عبادة ومنشئات عمومية وقوات أمن الجيش، خلفت قرابة 16225 قتيل حتى الآن، أغلبهم مدنيون فقراء. وفي أوائل شهر مارس الماضي، غيرت «بوكو حرام» ولاءها من القاعدة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية المعروف اختصارا ب»داعش». وقبلت هذه الأخيرة انضمام «بوكو حرام» إلى صفوفها في شريط فيديو، ومن خلال احتفالات أقامتها في مدينة الرقة السورية. وفي مواجهة تهديدات كل من الرئيس الجديد المسلم لنيجيريا وقيادة الجيش الذين يتوعدون بالقضاء قريبا عليها، صارت عمليات «بوكو حرام» أكثر عنفا وبشاعة، وأكثر ضحاياها من المدنيين وتحديدا من القرويين الفقراء. ويسجل المتتبع أن «بوكو حرام» رغم أقدميتها على «داعش» التي ظهرت فقط قبل عام، إلا أنها تقلد كثيرا الأساليب المروعة لمقاتلي «الدولة الإسلامية». فخلال الأسبوع الماضي فقط حملت الأنباء نبأ قطع رؤوس «بوكو حرام» لأعضاء منها ادعت أنهم كانوا ينوون الفرار من صفوفها. وهو تحول نقلته من «داعش». وأما الخبر المروع الثاني فيتعلق بتوسيع «بوكو حرام» لجوءها إلى أسلوب هجومي تفوقت فيه على «داعش»، ويتعلق الأمر بالفتيات الانتحاريات؛ حيث اهتزت مناطق آهلة في نيجيريا قبل أيام بتفجيرات عنيفة قامت بها مراهقات انتحاريات !