أكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، اليوم الأربعاء بمراكش، أن المنتدى البرلماني الاقتصادي الأورو – متوسطي والخليجي يمثل فرصة وفضاء لصياغة نواة رؤية مشتركة من أجل الأمن والسلم والتنمية المشتركة في بلدان الخليج العربي والمنطقة الأورومتوسطية. وأبرز الطالبي العلمي، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه، محمد صباري، النائب الأول، أن هذا المنتدى، الذي ينظمه مجلس المستشارين وبرلمان البحر الأبيض المتوسط، على مدى يومين، يمثل أيضا ورشا هاما للتفكير بالنظر إلى ثروات المنطقتين، اللتين تزخران بإمكانيات هائلة لبناء التكامل الاقتصادي والتكنولوجي. وأوضح أن هاتين المنطقتين تتوفران على أسواق كبرى، مفتوحة على مئات الملايين من المستهلكين في مناطق أخرى من العالم، إلا أن جميع إمكانيات التكامل هذه تحتاج إلى القرار السياسي وجرأة في القرار الاقتصادي من جانب القطاع الخاص، علاوة على التخلص من التمثلات المسبقة عن بعضنا البعض، وإلى احترام سياقات وخصوصية كل بلد وخلفيته الحضارية والثقافية، مشددا على أهمية تحويل التكنولوجيا والمهارات من الشمال إلى الجنوب وشرق المتوسط، وإلى التضامن في إقامة التجهيزات الأساسية في البلد الواحد كما عبر الحدود بين البلدان. وفي هذا الإطار، سجل رئيس مجلس النواب ضرورة العمل والترافع في الإطارات متعددة الأطراف من أجل تخليص المنطقة أساسا من أسباب وانعكاسات الحروب والنزاعات والأزمات، بالنظر إلى أنه لا تنمية دون استقرار جماعي، ودون سلم، ودون دول قوية، كما أن التنمية تحتاج إلى الاستقرار والتماسك الاجتماع ي ي ن، وإلى الإدماج والتصدي لجميع أنواع الهشاشة. وبعد أن لفت إلى أن شعوب هذه المنطقة، التي تعبت من الحروب وعدم تسوية النزاعات، باتت تتطلع إلى آفاق من الازدهار المشترك، أكد الطالبي العلمي على أنه دون احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وسلامة ترابها الوطني، لن يتوفر المناخ الضروري للاستثمار والمبادلات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والثقافية والرمزية. من جهة أخرى، أبرز الطالبي العلمي أن جزءا من المنطقة المتوسطية يقع في القارة الإفريقية، التي تتوفر على إمكانيات هائلة للتطور والتقدم، والتي ينبغي استحضارها في كل السياسات الدولية، مؤكدا أن أنها قارة المستقبل، وتستحق العدالة الاقتصادية والمناخية وإعادة الاعتبار التاريخي والحضاري والإنساني، علاوة على إقامة شراكات واستثمارات، حتى يعرفها العالم أكثر ويقد ر إمكاناتها وقدراتها على الإسهام في صناعة المستقبل وإثراء العالم. وقال إنه "ليس أخلاقيا أن ينعم العالم بالثروات الناجمة عن التقدم الصناعي والتكنولوجي والمبادلات الدولية، وتبقى إفريقيا على الهامش، وهي القارة التي تزود العالم بالعديد من المواد الأولية التي لا محيد عنها في عدد من الصناعات والتحولات التكنولوجية". وتابع أنه إذا كان ميلاد منظمة التجارة العالمية، بمراكش، على أرض المملكة المغربية عام 1994 في مؤتمر الكات – اتفاقية التجارة والتعريفة الجمركية – قد تمخض عن مسلسل طويل من المفاوضات بهدف تحقيق الازدهار العالمي، فإن الأوضاع في إفريقيا تسائل مجموع مكونات النظام الاقتصادي العالمي السائد اليوم بأن لإفريقيا دين على العالم ينبغي إن يرد، مؤكدا على أن منطقة الخليج العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط مدعوان إلى أن يتكاملا مع القارة الإفريقية. وتتواصل أشغال المنتدى، في إطار ست جلسات موضوعاتية، تتناول الإجراءات الأكثر إلحاحا واللازمة لمواجهة الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة، مع مناقشة تداعياتها الاقتصادية متعددة الأوجه على المدى الطويل، وذلك من خلال التركيز على قضايا "الأمن الغذائي" و"الأمن الطاقي" و"تغير المناخ والقضايا البيئية" و"الثورة الصناعية الرابعة" و"التكامل المالي والتجاري" و"التفاوتات الإقليمية" و"السياحة المستدامة" و "النقل البحري". ويسعى برلمان البحر الأبيض المتوسط من خلال المشاركة النشطة للبرلمانيين في هذا المنتدى إلى تحقيق تحول نموذجي في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية والمتعلقة بالمناخ، بغية ضمان تكامل اقتصادي أكثر فعالية، قادر على الصمود أمام العوامل الخارجية، وخلق شبكة تبادل تجاري جنوب -جنوب أكثر اتساعا وإنشاء منطقة متكاملة لإنتاج وتسويق الطاقة الخضراء، تتمتع بالاكتفاء الذاتي. يذكر أن برلمان البحر الأبيض المتوسط (PAM) منظمة دولية أسست سنة 2005 من قبل البرلمانات الوطنية التابعة لدول المنطقة الأورومتوسطية. ويتمثل الهدف الرئيسي لهذه الهيئة البرلمانية في نسج تعاون سياسي واقتصادي واجتماعي بين الدول الأعضاء من أجل إيجاد حلول مشتركة للتحديات التي تواجهها المنلطقة الاورومتوسطية ودول الخليج، وخلق مساحة للسلام والرخاء لشعوب المنطقتين. (و.م.ع)