المسرح الملكي في الرباط.. نقطة انطلاق جديدة للثقافة والفنون المغربية        فرنسا تعتزم فتح قنصلية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية        الأمم المتحدة: الحرب الأهلية في السودان تؤدي إلى "مستويات مهولة" من العنف الجنسي    فصيل "ألتراس" أولمبيك أسفي "شارك" يُنظم وقفة احتجاجية ويُحمّل رئيس النادي الحيداوي مسؤولية النتائج السلبية    بعد صراع مع المرض.. وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي    وفاة الممثل المصري مصطفى فهمي عن عمر ناهز 82 عاما        طقس الأربعاء: نزول أمطار قوية وثلوج مع استمرار الأجواء الباردة    وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز 82 عامًا بعد صراع مع المرض    وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي    الإعلان عن تنظيم جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب ضمن فعاليات الدورة ال12 لمهرجان طنجة الدولي للشعر    فرنسا والمغرب يعملان من أجل شراكة اقتصادية جديدة مع التصدي لتغير المناخ (وزيرة فرنسية)    الملك يقيم مأدبة عشاء رسمية على شرف الرئيس الفرنسي وحرمه    المغرب-فرنسا.. التوقيع على بروتوكول اتفاق يتعلق بإحداث شراكة استراتيجية في مجال تحلية مياه البحر    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء و بريجيت ماكرون تزوران حديقة التجارب النباتية بالرباط    الملك محمد السادس يقيم مأدبة عشاء رسمية على شرف الرئيس ماكرون    بوصوف: الذاكرة المشتركة تمنح أرضية صلبة للعلاقات المغربية الفرنسية    الأهلي يهزم العين في كأس القارات    وفاة شخص بسبب التساقطات الثلجية بجبال تنكارف بإقليم بني ملال    تفكيك شبكة لقرصنة المكالمات بطنجة    استكشاف الفرص المهنية والتقنية.. منتدى مهندسي الشمال 2024 يفتح آفاق التحول الرقمي    ماكرون ممازحا المغاربة: إذا كان هناك مجال مازلنا نتنافس فيه فهو فقط كرة القدم لأنه يعتبر شغفا مشتركا    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    رغم التنازل.. متابعة "اليوتوبر" إلياس المالكي في حالة اعتقال وإيداعه سجن الجديدة    العصبة الجهوية لأ لعاب القوى بجهة طنجة تطوان الحسيمة تعقدجمعها العام السنوي    وزير يعلنها: المغرب أجرى 70 عملية استمطار صناعي خلال السنة الجارية    بأمر من الملك.. الأميرة للالة حسناء وزوجة ماكرون تدشنان المسرح الملكي بالرباط    تنديد بخطاب ماكرون في البرلمان بعد وصفه هجوم 7 أكتوبر ب"الهمجي"    بسبب الجفاف والتغيرات المناخية.. تراجع إنتاج الزيتون في المغرب بنسبة 11 في المائة    الأخضر يوشّح تداولات بورصة الدار البيضاء    الإعلام الفرنسي يشيد بالشراكة المتجددة بين المغرب وفرنسا    إصابة 8 جنود نمساويين من قوات اليونيفيل في هجوم صاروخي على الناقورة بلبنان    مشاريع مينائية جديدة بعد توقيع اتفاق بين طنجة المتوسط مجموعة فرنسية    اقتناص رودري للكرة الذهبية من فنيسيوس يثير ضوضاء في الوسط الكروي وزيدان يشكك في مصداقية الجائزة    إسرائيل تتحدى العالم باغتيالها لمنظمة "الأونروا"    أمطار رعدية غزيرة بإقليمي الحسيمة والدريوش    أولمبيك آسفي يستنكر الأخطاء المتكررة للتحكيم ويطالب الجهات المسؤولة بوقف النزيف    الركراكي يكشف مصير زياش مع الأسود    المنتخب المغربي يحرز لقب بطولة إفريقيا للملاكمة (كنشاسا 2024) في فئتي الذكور والإناث    وفاة الفنان المصري حسن يوسف        في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: جلسة أدبية مع الشاعر والناقد أحمد زنيبر    مجزرة إسرائيلية جديدة تسقط 55 شهيدا في شمال غزة    طائرة مسيّرة من اليمن تعبر عسقلان    الولايات المتحدة.. السباق نحو الحسم الانتخابي يشتد    اختلالات تقلق مربي الدجاج .. ومجلس المنافسة يستعد للدخول على الخط    الصين تكشف عن اجراءات جديدة لتشجيع الانجاب    ماذا سيحدث لجسمك إذا مارست تمرين القرفصاء 100 مرة يومياً؟    إطلاق حملة لاستدراك تلقيح الأطفال    الكوليرا تودي بحياة أكثر من 100 شخص في تنزانيا خلال 10 أشهر    الصحة العالمية تحذر: أعراض ارتجاج المخ قد تتأخر في الظهور        مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرة الوطن ووطنية الكرة
نشر في اليوم 24 يوم 03 - 12 - 2022

ما أعظم اللحظات التي يعيش فيها شعب على مشاعر الفرحة والسعادة، فكيف إذا تقاسمت تلك اللحظات عدة شعوب.
هذه خلاصة المنجز الظاهر والعظيم للمنتخب الوطني لكرة القدم، وربما لن يكون هناك شيء أثقل في ميزان حسنات كرة القدم من مثل هذه الفرحة التي وهبتها للشعب المغربي ولكل الشعوب العربية والإسلامية، بعد الانتصار المستحق للمنتخب الوطني على نظيره الكندي وتؤهله لدور الثمن على رأس مجموعته.
لقد أدخل المنتخب الوطني فرحة كبيرة على الشعب المغربي في وقت تلبد فيه الأفق أمامه بسواد غلاء الأسعار، وشح الأمطار، وارتفاع البطالة، وغموض القرار السياسي، وبطء تنزيل البرامج الاجتماعية …
في هذه الظرفية التي يهيمن عليها بُكم الحكومة وضعف تواصلها، وتردد المعارضة واضطرابها، تهتز شوارع المدن المغربية وقراه بالهتافات والشعارات ومنبهات السيارات، وتتزين فيه الساحات بمظاهر الفرحة الجماعية وتمتلئ الأجواء بأنغام السعادة وأغانيها وأناشيدها وشعاراتها. إنه عرس الوطن، بل هو عرس أكبر حين نستحضر نفس المظاهر لدى الشعوب الشقيقة والصديقة.
من يستطيع أن يهب للوطن مثل هذه الفرحة العظيمة؟ وحده المنتخب الوطني دأب على تقديم مثل هذه الهدايا.
لكن هذه الفرحة لها وجه آخر لا يقل أهمية وإشراقة، إنه انتعاش روح الوطنية وشعورها، فحلة الاحتفال ورمزه وصورته يمثلها العلم الوطني، بألوانه الجميلة. هذه الألوان التي زينت الجماهير الحاضرة في الملاعب، وزينت الحشود المحتفلة في كل مكان، يلتحفه الفرحون ويرفعونه عاليا، ويقبلونه، … وصوت الاحتفال تحمل توقيعات الاعتزاز بالانتماء للوطن، والتي ترى أن المغرب وليس منتخبه فقط، هو من انتصر وتأهل وتقدم. لقد رفع المنتخب الوطني علم البلاد عاليا في سماء المونديال، وجعل اسمه على ألسن الجميع، لينتبه العالم إلى أن هناك شعبا يستحق أن يحتفل ويفرح، ويحق له أن يكون له أمل كبير يتقاسمه مع شعوب العالم.
يعلم الجميع أن مونديال كرة القدم بالخصوص أكبر من مجرد تنافس رياضي، فهو محطة حافلة أيضا بما هو ثقافي وسياسي. ولا نقصد هنا ما صاحب مونديال قطر 2022 من حملات سياسية وأيديولوجية مناهضة، بل نقصد ما يعتمل داخل الملاعب وخلال النزالات بين الفرق الرياضية. فالجمهور الذي يمثل القلب النابض لتلك النزالات ويمثل الدعامة النفسية الأساسية للاعبين، خطاباته غنية بما هو ثقافي وسياسي، ليس فقط على مستوى الكلمات والشعارات، بل على مستوى الإيقاعات الموسيقية أيضا. كما أن اللاعبين، في جميع المنتخبات المتنافسة، يعبرون أيضا عن هذا البعد في عدد من المحطات، فيقومون بطقوس وإشارات تعبر عن قيمهم وثقافتهم، ويتواصلون مع جمهورهم، ليس فقد بما يقدمونه من لوحات فنية في اللعب، بل أيضا بما يتوجهون به إليه من لغة تواصل غنية بما هو ثقافي وقيمي.
والمنتخب الوطني لكرة القدم نجح نجاحا باهرا في تمثيل الشعب المغربي، ونجاحه تجاوز مجرد حصيلة رقمية تحصلت بفضل مخطط تقني، وجهود بدنية، وعمل فني جماعي في الميدان، إلى أكثر من ذلك. وجميع المباراة التي خاضعا المنتخب المغربي في المونديال كانت لها طبيعة خاصة ربطتها بالشعب المغربي، هويته، ثقافته، مواقفه…
فالمنتخب الوطني، وبشهادة المعلقين والمتابعين، وعاين ذلك كل المتتبعين، ظهر كأسرة موحدة يقودها أب حكيم هو المدرب الوطني وليد الركراكي. وقدم اللاعبون مستويات عالية من اللعب المؤدب، والخالي تقريبا من التصرفات المشينة. وطريقة تواصل المدرب مع اللاعبين، وطريقة تواصل اللاعبين فيما بينهم، وكيفية تعاملهم من أخطأ منهم، تعبر عن مستوى عال من قيم الاحترام والتقدير.
أما خطاب المدرب الوطني فقد أثار انتباه كثير من الخبراء والمعلقين، فهو لا يتحدث عن الجوانب التقنية فقط، بل بالأساس عن جوانب تشكل بحق سر قوة المنتخب الوطني، فيتحدث حق الشعب المغربي في أن يفرح، ويتحدث عن قتالية جميع اللاعبين من أجل تحقيق ذلك الهدف، ويتحدث عن قيم متجذرة في الثقافة المغربية، منها "رضات الوالدين" وتوفيق الله، والتوكل عليه، والنية، ويحرص على التأكيد على الرصيد القيمي المغربي الأصيل لللاعبين.
وأبطال الوطن من جهتهم يعبرون بتلقائية عن هذا البعد القيمي المغربي الأصيل عند كل محطة فوز، فيشيرون إلى السماء ناسبين فوزهم لتوفيق من الله، ويسجدون شكرا لله، وفي انتصار تأهلهم تعانقوا بطريقة مغربية، واحتفوا بمدربهم بطريقة مغربية لم تخل من المتعة، كانت "صلعة المدرب" محورها. وهذا كله يدل على مستوى عميق من علاقات الصداقة والاحترام بين اللاعبين من جهة وبينهم وبين مدربهم. ولم تكن تلك العناقات مجرد مجاملات بل كان غنية بما هو قيمي وثقافي مغربي.
وخلال استعراض فرحتهم بالتأهل، كان العلم الوطني أكبر الحاضرين ليس فقط لدى الجمهور، بل لدى أعضاء المنتخب الوطني، فهم يمثلون هذا العلم ويدافعون عنه. وإلى جانبه ترفع أعلام فلسطين، التي يعتبرها المغرب، ملكا وشعبا، قضية وطنية، فيعبروا بذلك بعمق وتجذر قضية فلسطين في وجدان الشعب المغربي الذي يعاني اليوم هجمة تطبيعية ليس لها مثيل في العالم العربي والإسلامي.
إن نجاح المنتخب الوطني لكرة القدم نجاح متعدد الأبعاد، فهو نجاح رياضي بما حققه من تأهل، وهو نجاح سياسي رفرف فيه العلم الوطني عاليا وارتفعت هتافات شعوب عديدة باسم المغرب معتبرة إياه ممثلها في هذا العرس الكروي العالمي، وهو نجاح ثقافي وقيمي مميز، من خلال تثمين القيم المغربية الأصيلة في مختلف المظاهر والمواقف.
وكل ما سبق يؤكد أننا أمام كرة الوطن لأنها نجحت في تمثيله أحسن تمثيل، ونتحدث عن وطنية الكرة لأن اللاعبين لم يكونوا يهدفون إلى تحقيق فوز تقني رقمي ورقمي فقط بل بإسعاد الوطن وخدمته.
إن تتويج المدرب الوطني بلقب وزير السعادة من طرف عشاق كرة القدم تتويج مستحق، وهذا لا يعني أن يتولى حقيبة وزارة تستحدث للسعادة، فالجمع يعلم أو الوزارات لا تنتج السعادة، بل للتعبير عن حقيقة عظمة الفرحة التي أدخلتها قيادته للمنتخب الوطني وتأهله، ليس على الشعب المغربي وحده بل على قلوب كثير من الشعوب. والله نسأل أن يكلل جهود المنتخب الوطني بمزيد من التألق الرياضي المغربي الأصيل وأن يُبوِّئه أعلى المراتب الرياضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.