تقول، في هذا الحوار، إنها ضد الجرأة المجانية، لكنها تدافع باستماتة عن الأدوار التي قامت بها والمدرجة في هذا الإطار من قبيل فيلم «موشومة»، بنفس المستوى الذي تدافع به عن حرية الإبداع وضرورة الرد الفني على دعاة التمييز بين «الفن النظيف» و«الفن غير النظيف». { اشتهرت كفنانة بدعوتك إلى التحرر والوقوف ضد المحافظين في عدد من مواقفك…؟ (مقاطعة)، كمواطنة قبل كل شيء، أنا ضد ممارسة الرقابة على حرية التعبير والتفكير عموما، وعلى الفن والإبداع خاصة، كما أنني ضد ما يسمى بالفن النظيف وغير النظيف. { وكممثلة، جسدت تلك الرؤية في أعمالك التي تم تصنيفها بالجريئة، في حين صنفها البعض الآخر في خانة الفن غير النظيف، بما تردين؟ للإجابة عن هذا السؤال أقول، أنا لا أمثل صنفا واحدا من الأعمال التي توصف بالجريئة، فقد اشتغلت على أنواع إبداعية مختلفة، من سلسلات تلفزيونية، وكوميدية، مثل: «ماشي لخاطري»، وأخرى تحت عنوان «مرحبا»، بالإضافة إلى أدائي لدور شخصية تاريخية «زينب النفزاوية»، الفيلم الذي سيخرج إلى القاعات السينمائية خلال الشهر المقبل. { لماذا تتحاشين الخوض في الحديث عن الأدوار الجريئة، مع أنك صرحت سابقا ألا خطوط حمراء لديك، وأنه يمكنك أداء كل الأدوار التي تُطلب منك؟ صحيح، لكني أقول هذا لأؤكد أني لم أشتغل فقط، على هذه الأدوار التي تتحدثين عنها، أنا مزيج من الأعمال الإبداعية، والتي لا يمكن حصر أدواري في خانة واحدة، لذلك أقول: «يلا الواحد منا بغا يطل غير من الشرجم، فشغلو هاداك». { ألا يمكن اعتبار أداء الأدوار التي فيها جرأة هو طريق مختصر نحو الشهرة؟ أنا ضد الجرأة وضد المشاهد المجانية المقحمة في الفيلم. في المقابل قدمت أعمالا مختلفة ومتنوعة، وأنا جد مقتنعة ومؤمنة بكل ما أديته وجسدته من أدوار (سواء كان تمريضا أو تمثيلا أو سياسة أو غيرها)، والتي لم أستهدف من خلالها الشهرة. { في أدائك للمشاهد الساخنة، هل تستعينين ب«الدوبلير»؟ لن أجيب عن هذا السؤال. { لكن الكثيرين يطرحونه متى مرت بهم مشاهد كالتي تكررت في فيلمك «موشومة»؟ تيمة فيلم «موشومة» هي الوشم، والوشم كما تعلمين ارتبط بجغرافية جسد المرأة، لذلك كان لا بد من أن يكون حاضرا بتلك القوة. وبالنسبة إليّ لا أحب فصل مشهد عن باقي المشاهد الأخرى المكونة للبناء الدرامي للفيلم، فهي في نظري وحدة متكاملة لا يمكن عزل أو بتر أي مشهد هكذا بدون استحضار بقية أجزاء الفيلم الأخرى. { طيب، وإذا سألتك هل يمكنك تجسيد تلك المشاهد الساخنة فعليا؟ عندما يُقترح عليّ سيناريو، أول ما أهتم به هو القصة، وحين تعجبني أقبل دون تردد، إذ السيناريو أو القصة هي وحدة متكاملة كما قلت سابقا. حين عرض علي المخرج لحسن زينون سيناريو «موشومة» تأثرت بالقصة كثيرا «جاتني التبوريشة»، لحمولته الشعرية والإنسانية، فقبلته على الفورلأني أحببته، ومشاهده أو لوحاته جميعها لها مغزى ومعنى يخدم الفيلم، لذلك أديتها بصدق. { يقول البعض إنك تعتمدين بشكل أساسي على مفاتن جسدك في أدائك لمختلف أدوارك، ما تعليقك؟ هذا هو التمثيل، وهو ما يدفعنا دفعا إلى تسخير ليس فقط، الجسد، بل كل طاقتنا لإنجاح العمل ولا تعليق لدي. { في أدائك لشخصية «زينب النفزاوية»، عاب عليك البعض تجسيدك لمشاهد أساءت إلى تلك الشخصية التاريخية، فقيل إن تلك المشاهد اتجهت نحو الميوعة لا تليق بتلك الشخصية الحكيمة، بم تردين على هذا؟ لن أرد على كل ما قيل. وكما قلت سابقا فأنا أومن بحرية التعبير وحرية التفكير. لذلك أعتبر كل مُشاهد هو حر في نقده على النحو الذي يريد. وأنا كمغربية وأمازيغية، أفتخر جدا باختيار المخرجة فريدة بورقية لي لأداء دور هذه الشخصية الهائلة في التاريخ المغربي. { هل تعتقدين أنك تقمصت دورها كما ينبغي؟ أتمنى ذلك. { من المآخذ التي أُخذت عليك وهي عدم تمكنك من النطق بشكل سليم لبعض مخارج الحروف، ما تأثير ذلك على أدائك للحوارفي الفيلم؟ (مقاطعة)، كما قلت لك أنا أؤمن بحرية التفكير والتعبير، وأعتقد أني بذلت مجهودا في تقمص شخصية النفزاوية والحكم كما يُقال يبقى للمشاهد والنقاد، هل توفقت أما لا في أداء الدور؟ { أعود بك إلى صورة لك، والتي يمكن اعتبارها صادمة، وأنت ممدة وسط مزبلة عمومية، نريد أن نعرف كيف جاءتك هذه الفكرة؟ لم تكن فكرتي، ولكنها راقتني جدا حين اتصل بي صاحبها المصور عثمان زين. فقد كنت مقتنعة بالتصدي لمن يحاولون تصنيف الفن إلى نظيف وغير نظيف. وباعتبار عثمان زين من المصورين المبدعين، فكر في أن أحسن رد على فكرة سياسية لا تروقنا هو الإبداع، لذلك جاءت فكرة الصورة للرد على «الإسلاميين» الذين يقولون بأن هناك فنا نظيفا وفنا غير نظيف. وتلك الفكرة أسعدتني كثيرا للقيام بها. { ردك إذن كان ردا سياسيا، ولكن بطريقة إبداعية؟ مساهمتي تلك جاءت ردا على فكرة مستفزة لا معنى لها، وهي تصنيف الفن إلى نظيف وغير نظيف، «احنا ماشي في مصبنة». الفن يمكن تصنيفه، ولكن ليس باعتماد كلمة «النظافة». { ألا ترين أن القصد من توصيف الفن بالنظيف هو حديث عن الفن غير الخادش الذي من شأنه أن تشاهده الأسرة بأكملها؟ إذا كان هذا هو القصد، فهذا أمر بعيد عن السينما، بل يخص التلفزيون، الذي ينبغي عليه أن يراعي فيما يقدم خصوصية الفرجة بالنسبة إلى الأسر المغربية، على اعتبار أنه يقتحم بيوتها. { تتحدثين هنا عن دور الرقابة؟ نعم، وأنا مع فكرة الرقابة في التلفزيون، مثلا أن ضد أن تعرض الشاشة الصغيرة أي مشهد من مشاهد العنف. لكن هذا لا يجب أن يطال السينما، لأن المُشاهد هو من يختار الذهاب إليها، وليست هي من تأتي إليه إذ هو المسؤول عن اختياره. فلا أحد يُقاد مغمض العينين ليجبر على مشاهدة ما لا يريد، مع من لا يريد. والشيء نفسه بالنسبة إلى المسارح. { قد ينسحب هذا أيضا على السينما، لكن ليس على المسرح؟ لا أوافقك الرأي، إذ المسرح شأنه شأن السينما، فنحن من يختار الذهاب إليه، لمشاهدة مسرحية أو متابعة عرض موسيقي نعرف نوعه سلفا، والأذواق تختلف. مثلا أنا لا أحب موسيقى «الميطال»، لكني لست ضدها، لذلك لا أسمعها. يجب أن نقبل الاختلاف ونقدم كل شيء ونترك للجمهور الاختيار. { ما هو أول لقاء لك بالسينما؟ دخولي عالم السينما جاء بمحض الصدفة، إذ كنت في السابعة عشرة من عمري، حين التقيت المخرج حكيم النوري، الذي قادني إلى عالم السينما. { وكيف تم ذلك اللقاء؟ كنت أشاهد فيلم «علي زاوا» لنبيل عيوش في إحدى القاعات السينمائية، ولم تكن تربطني أي علاقة بالسينما حينها، فرأتني زوجة المخرج حكيم النوري (التي توفيت الأسبوع الماضي رحمها الله) وتحدثت معي، وقالت للنوري إنها «وجدت بطلة فيلمه الذي يحضر له»، بعدها التقيته وكانت البداية بدوري في «قصة حب» مع يونس ميكري. { ألم تمانع أسرتك من دخولك عالم التمثيل السينمائي وأنت بعد تلميذة قاصر؟ لم يمانع أي أحد من أسرتي، ثم لأنه كان لدي استعداد لاقتحام عالم السينما بالإضافة إلى الثقة التي وضعنها أنا وباقي أفراد الأسرة في حكيم النوري، والذي اشتغلت معه في باقي الأعمال الأخرى. { في أدائك لأول دور، هل أحسست أن لك الموهبة الكافية لخوض مغامرة التمثيل؟ أجل، كان هناك تشجيع من عائلة النوري بأكملها التي ساعدتني في بداياتي، وبهذه المناسبة أشكرها على كل ما قدمته لي من دعم. { اليوم، مَن مِن بين المخرجين الذين اشتغلت معهم أقرب إليك؟ تربطني علاقة طيبة مع كل المخرجين الذين تعاملت معهم بدون استثناء (والحمد لله)، بدءا من حكيم النوري، الذي قادني إلى عالم السينما ولحسن زينون وفريدة بورقية وغيرهم. { هل من دور جديد سينمائي ستطل به فاطم على جمهورها؟ لا أشتغل على شيء في الوقت الراهن، لكن هناك عروضا للموسم المقبل سأعلن عنها لاحقا. { كيف هي علاقتك بالموسيقى؟ أحب الموسيقى، لكني لا أعزف على أي آلة. وكمخرجة مسرحية أرى أن للموسيقى دورا مهما ينبغي استثماره بشكل مكثف. { تحضرين في الوقت الراهن لعمل موسيقي، أين وصل هذا المشروع؟ حاليا أنا أشرف على إخراج عروض فنية متنوعة، تشمل أنواع مختلفة من الموسيقى والقصائد الشعرية وتتمحور حول تيمة الأندلس. { مع من تتعاونين في هذا العمل؟ مع المهدي الكندي، وهو المدير الفني لهذا العمل، وفنانين آخرين مغاربة وأجانب. { متى سيرى النور أول عرض من هذا العمل؟ سيعرض ضمن الدورة المقبلة من مهرجان «موازين» في قاعة النهضة في الواحد والثلاثين من شهر ماي المقبل. ويتكون فريق العرض من كل من عازف القيتارة الإسباني المعروف نينو جوزيلي، وعازف الناي المغربي أمين زروال، وعازف العود محمد عبد النور وهو فرنسي جزائري، ومحمد وهبي، وفي الغناء كل من ألبيرتو كارسيا من إسبانيا، وجمال نعمان من المغرب. { هذا عن الإخراج الموسيقي، وماذا عن تجربتك في الإخراج المسرحي؟ تجربتي في الإخراج المسرحي هي تجربة فتية، إذ أول عمل مسرحي لي كان هو مسرحية «أقول لا»، التي عرضناها ست مرات بالدار البيضاء، السنة الماضية، وثلاث مرات في باريس. وسأقدم خلال شهر أبريل المقبل عرضا جديدا منها في الرباط. ويشخص هذه المسرحية كل من الممثل الفرنسي كليمونس لاباتي، والمغربي ياسين آيت بنحسي. كما أخرجت مؤخرا عرضا كوميديا مسرحيا يحمل عنوان «Biodégradable» مع الفكاهي يوسف قصير، عرض في السابع والثامن من مارس الجاري. { هل هناك نمط مسرحي معين يستهويك الاشتغال عليه؟ أحب الاشتغال على كل الأنواع، لأن الحياة أيضا متنوعة فيها الكوميدي والدرامي.. { وعن مجال الإشهار، ما رأيك الاشتغال فيه؟ لم أدخله بعد. ألم تقدم لك عروض؟ { بلى، لكني أريد الظهور في إشهار منتوج أومن به حقا، وأستعمله شخصيا حتى يمكنني الدفاع عنه بصدق. ولا أريد دخول هذا المجال فقط من أجل الإشهار. { حتى وإن يقدم لك مقابل مادي مغري؟ قبل المقابل المادي يهمني الاقتناع بالمنتوج الذي سأعلن عنه. { ظهرت على غلاف مجلة رجالية ترتدين «تبانا» رجاليا وسترة سوداء فقط، مكسرة بذلك ما هو مألوف بجرأة زائدة؟ لم أظهر على غلاف مجلة واحدة، وإنما في مجموعة من المجلات، وتلك صورة كباقي الصور، ألتقطت لي في جلسات تصوير خاصة. { تستهويك فكرة نجمة على أغلفة المجلات إذن؟ ذلك عمل كباقي الأعمال لا غير. { حول تجربة الكتابة التي تخوضينها، حاليا، من خلال كتابة عمود مع مجلة «تيل كيل»، كيف بدأت الفكرة؟ كتابة العمود كانت من اقتراح مجلة «تيل كيل»، أعجبتني الفكرة ودخلت غمارها، وأنا سعيدة بهذه التجربة. { أنت نشيطة جدا على تويتر، بخلاف فايسبوك، هل ترين أن نوعية جمهورك تنتمي إلى فئة معينة لا توجد إلا بين رواد تويتر؟ لا، ليس هذا، الأمر يتعلق فقط، بأسلوب تواصل يروقني، وأجده عمليا وأسهل وأقرب من غيره. { بعيدا عن فاطم العياشي الممثلة، كيف كانت علاقتك بجدك المستشار السابق للملك أحمد رضا اكديرة؟ كبرت وسط عائلة يغمرها الحب والحوار. وكان هناك حديث دائم حول السياسة لأن جدي كان مسؤولا سياسيا. صحيح أنه كان منشغلا دائما عنا، لكنه لم يكن يبخل علينا بوقت كان يحدده للعب معنا. { كنت تشاركين في الحوارات حول السياسة؟ كنت صغيرة جدا، لكني تلقنت مبادئ مهمة في هذا الجانب، وعبرها عرفت أهمية أن أدلي برأيي في كل شيء، ومنها مثلا تقديم صوتي في الانتخابات. وأن أكون مواطنة فاعلة وأن أعترض إن لم يعجبني شيء عبر صوتي. تعلمت أيضا أن نساء كثيرات قبلنا، ناضلن للحصول على هذا الحق، الذي لا يجب أن نفرط فيه في الوقت الذي صار متاحا لنا. { ألم يكن لجدك أي تأثير في توجيهك نحو الانخراط في حزب معين؟ لا، لم يكن هذا همّا من همومه، لكن المهم بالنسبة إليه كان هو ترسيخ السياسة باعتبارها شيئا مهما في حياة المواطنين. { ما الشيء الذي بقي عالقا في ذاكرتك من حديثه أو ما كان يوصي به؟ أهم ما أخذته من جدي، الذي كان محاميا أولا، هو أن أكون حرة في التعبير عن كل شيء، وأن أهم ما يملكه الإنسان هو كرامته ولا حق لأي أحد في «حكرة» كرامة أحد. { ولجمهورك الذي يريد أن يعرف أكثر عن حياتك الخاصة، هل أنت مرتبطة؟ تلك حياتي الخاصة، ولا يمكن أن أعلن كل شيء لجمهوري.