اللجنة الوطنية المشرفة على إدارة الحوار، الذي امتد من 13 مارس 2013 الى 13 مارس 2014، أعلنت في تقرير لها أنها عقدت سلسلة من اللقاءات التشاورية والندوات العلمية، بمشاركة ما يناهز 10.000 جمعية ومختلف الهيئات العمومية الوطنية والمنظمات الدولية المهتمة بتوسيع مجالات المشاركة المدنية وتنظيمها وتأهيلها. كما أشارت إلى أنها عملت على تنظيم المقترحات المنبثقة على هذا المسلسل التشاوري، في إطار ثلاثة مخرجات أساسية هي: الأرضيات القانونية الخاصة بالملتمسات والعرائض والتشاور العمومي، والأرضية القانونية للحياة الجمعوية، والميثاق الوطني للديمقراطية التشاركية. وحسب إسماعيل العلوي، رئيس لجنة الحوار الوطني، فإن التقرير الذي قدم مساء أمس، لا يتعلق سوى ب"خلاصات أولية"، مضيفا أن "النتائج النهائية ستكون جاهزة في أبريل المقبل"، مشيرا في اتصال مع "أخبار اليوم"، إلى أنه "أمام لجنة الحوار مهمة تدقيق الاختيارات وتجويدها مع تحقيق بعض القضايا الأساسية مثل ترجمة بعض الوثائق". وحول ما إذا كانت لجنة الحوار ستعمل على رفع توصياتها إلى الملك، رد العلوي، أن "التوصيات سترفع إلى الحكومة التي طلبت إجراء هذا الحوار"، مضيفا أن "الحكومة هي التي لها أن تفعل ما تشاء بالتقرير". هذا، وأعلنت اللجنة الوطنية المشرفة على الحوار الوطني، عن انتهاء مهامها التشاورية، إذ أشارت إلى أنها سترفع تقريرا للحكومة بعد المصادقة النهائية لأعضائها في دورتها الختامية، المزمع عقدها في نهاية مارس الجاري وبداية شهر أبريل المقبل. ووضعت لجنة الحوار في خلاصاتها ضمن ثلاثة محاور كبرى للإصلاحات المنتظرة لعمل المجتمع المدني، والجمعيات. المحور الأول، يعكس "إرادة جمعيات المجتمع المدني في تحقيق استقلالية تامة عن الفاعلين الآخرين، من دولة وأحزاب ونقابات". تقرير اللجنة اعتبر أن هذا المطلب، ورد في مداخلات المشاركات والمشاركين في مختلف منتديات التشاور العمومي المنظمة في إطار الحوار الوطني، "باعتباره مطلبا جوهريا وتحديا مركزيا في مسار تأهيل الحركة الجمعوية في أفق ضمان مساهمة جيدة وفعالة وإرادية لها في مسلسل مأسسة وتنظيم مسالك الديمقراطية التشاركية، كما أقرها الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011". ولتحقيق هذا الهدف ورد في تقرير اللجنة، أن الأمر يستلزم معالجة أربع إشكاليات كبرى، وهي: ضعف احترام القانون في تأسيس الجمعيات وما يرتبط بالضبط العمومي للحياة الجمعوية؛ ضعف شفافية الدعم العمومي وإشكالية الإنصاف وتكافؤ الفرص في المعاملات الإدارية مع مختلف أصناف الجمعيات، بما فيها الجمعيات ذات المنفعة العمومية؛ وضعف التحفيز الضريبي المفضي إلى تقاسم أعباء العمل الجمعوي بين الدولة والمجتمع؛ غياب إطار قانوني يعترف بالتطوع والتأهيل المؤسساتي وتكوين الموارد البشرية وتنمية شروط التشبيك بين الجمعيات؛ إشكالية الديمقراطية الداخلية للجمعيات وملاءمة ممارساتها الإدارية والمالية لقواعد الشفافية والمراقبة والمحاسبة. هذا، واعترفت اللجنة في تقريرها ب"تعقد وصعوبة الإجابة القانونية عن هذه الإشكاليات الأربع"، لكنها ترى أن الأرضية القانونية المقترحة كإطار تنظيمي للحياة الجمعوية تعتمد في مقدماتها على ثلاث مقولات أساسية: أولا، تعزيز حرية الممارسة الجمعوية كشكل من أشكال المشاركة المدنية في الحياة العامة؛ ثانيا، تعزيز حق الجمعيات في الولوج إلى مختلف أنواع الدعم العمومي،؛ ثالثا، تعزيز الحكامة الجيدة وربط ممارسة هذه الحرية وهذا الحق بالمسؤولية، والمحاسبة. وفي تعليقه على هذه الإشكاليات التي شخصتها لجنة الحوار، قال فؤاد عبدالمومني، الفاعل الجمعوي، إنه ينتظر الحصول على تفاصيل الخلاصات قبل التعليق عليها، لكنه شدد على أن سؤال العمل الجمعوي، يتعلق بسؤال "التعبئة لغايات غير ربحية"، مسجلا أن "المغرب يعرف ضعفا في التعبئة البشرية الكمية والنوعية" للعمل الجمعوي، كما يطرح سؤال المتطوع، والإمكانيات التي يتوفر عليها. مسجلا أن ظاهرة التطوع والهبة في المغرب ضعيفة، خاصة لدى الأغنياء. ويتعلق المحور الثاني، بتفعيل المشاركة المدنية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية عبر أرضيات قانونية عملية للمخرجات الخاصة بالملتمسات والعرائض والتشاور العمومي. إذ يشير التقرير إلى أن هذه الأرضيات لا يجب أن تكون قائمة على تضخم مقصود للحقوق، بل على رؤية حقوقية إلزامية، قانونيا، بسقف سياسي ومحتوى قانوني، وفق ما أقره الدستور وما تعارفت عليه المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان والحريات الأساسية. أما المحور الثالث، فيتعلق باقتراح ميثاق وطني للديمقراطية التشاركية يزاوج بين الالتزام الأخلاقي والسياسي بمنظور دستوري وبإقرار بما هو دولي متعارف عليه، في إطار من التبصر العقلاني لاشتراطات التصورين الإيجابيين: القانوني والسوسيولوجي للأحكام والمقتضيات. وحسب تقرير اللجنة، فإن هذا الميثاق يعد إبداعا "ممكن التحقق"، لبناء "نموذج مغربي" في الديمقراطية التشاركية، ونظام ديناميكي يتحقق أداؤه "المثالي" بدرجة قدرته على إنتاج تعاون من أجل بناء تنمية بشرية مستدامة، تُوازن بين الخلفيات الثقافية لمسالك التضامن، والتكافل، والتطوع الاجتماعي، كما تم تطويرها في مختلف مراحل التطور التاريخي للأمة المغربية عبر رصيده الحضاري العريق، وبين التجارب الوطنية والدولية المعاصرة للحكامة الجيدة، وديمقراطية القرب، والحق في التنمية، والمشاركة المواطنة الفاعلة، وتوسيع سلطة الفاعلين الترابيين في مجالات التنمية المحلية.
أكثر من 7000 جمعية شاركت في 18 لقاءً جهويا
وسلط تقرير اللجنة الضوء على مجمل اللقاءات التي عقدت مسفرة عن التوصل إلى النتائج المعلنة، حيث عقدت اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني، 18 لقاءً جهويا شارك فيه ما يفوق 7000 جمعية محلية ووطنية. وحسب التقرير، فقد تم تخصيص كل من جهة سوس ماسة درعة، وجهة تازةالحسيمةتاونات بلقاءين جهويين نظرا إلى شساعتهما المجالية. وفضلا عن هذا نظمت أكثر من 10 لقاءات إقليمية موازية بمبادرة من الجمعيات المحلية في كل من تطوان، وكرسيف، وأمزميز، والعيون، وبوجدور، وطنجة، والداخلة، والصويرة، وآسفي، وتارودانت، والسمارة، أشرف على تأطيرها أعضاء من اللجنة الوطنية للحوار الوطني. وثلاثة لقاءات مع الجمعيات المغربية النشيطة بالخارج في كل من ليون وباريس وبروكسيل، ولقاء رابعا بالدار البيضاء، حضرها أزيد من خمسمائة (500) جمعية. وبخصوص مذكرات الجمعيات يشير التقرير، الذي قدم، أمس، إلى أن اللجنة توصلت بمذكرات تفصيلية من طرف أكثر 140 جمعية، تضمنت تصوراتها لتطوير التشريعات التي تؤطر عمل منظمات المجتمع المدني ومسالك تفعيل جيد للمقتضيات الدستورية للديمقراطية التشاركية. ومن أجل تجويد الأفكار والمقترحات المتوصل بها في إطار فعاليات التشاور العمومي للحوار، وتعميق التحليل والتداول بشأنها، يشير التقرير إلى أن اللجنة الوطنية المشرفة على الحوار، نظمت 8 لقاءات علمية، وأخرى موضوعاتية ولقاءات تشاورية مع خبراء دوليين بتعاون مع البنك الدولي، "تعرفت من خلالها على العديد من التجارب المقارنة، والممارسات الدولية المتقدمة في مجالات الديمقراطية التشاركية والنهوض بالمجتمع المدني". ومن هذه اللقاءات تنظيم يوم دراسي حول "التمويل العمومي للجمعيات" بمشاركة القطاعات الحكومية ذات الصلة كوزارة الداخلية ووزارة المالية والاقتصاد، والأمانة العامة للحكومة، والمندوبية السامية للتخطيط، والمرصد الوطني للتنمية البشرية. كما تم تنظيم لقاءات تشاورية مع مؤسسات دولية مقيمة بالرباط من قبيل صندوق الأممالمتحدة للسكان، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومنظمات دولية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، جرى تنظيم عدة لقاءات سعت من خلالها إلى الإنصات لبعض جمعيات المجتمع المدني، حيث همت مفهوم التطوع والعمل المدني، والتمويل والدعم العمومي والمنفعة العامة، والمجتمع المدني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمرأة والعمل الجمعوي، والأشخاص في وضعية الإعاقة، والديمقراطية التشاركية، والعرائض وملتمسات التشريع. كما تم الاستماع إلى وجهات نظر العديد من القطاعات الحكومية، والمؤسسات العمومية ذات العلاقة بموضوع المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية، منها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، والوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، ووزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية.. كما أشار التقرير إلى تنسيق عدد من الأنشطة العلمية مع مؤسسات جامعية وجمعيات علمية، منها اللقاء المنظم حول "المجتمع المدني في التجربة الأمريكية"، والذي حضره باحثون جامعيون عن المركز الدولي لقوانين منظمات المجتمع المدني والجامعة الأمريكية JHONS HOPKINS.