عاشت مدينة مليلية المحتلة، مساء الجمعة، لحظات عصيبة، حيث دخل العشرات من الشبان المنحدرين من أصول مغربية في معركة حامية مع الشرطة الوطنية الإسبانية والشرطة المحلية، استعملت فيها الأسلحة النارية. المعركة التي انطلقت في حدود الرابعة من مساء الجمعة، واستمرت إلى حدود الساعات الأولى من صباح أول أمس، أسفرت عن عدة خسائر في كلا الطرفين، وإلحاق الأضرار ببعض الممتلكات. مصادر مطلعة كشفت، أن المعركة سبقتها دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي ليلة الخميس، وأيضا تم توزيع بعض المنشورات بحي «لكنيادا» الذي عرف الأحداث والأحياء المجاورة، تدعوا إلى الاحتجاج ضد سياسة الحكومة المحلية والمركزية إزاء مطالب الشبان المنحدرين من أصول مغربية، والذين يعتبرون أنفسهم مبعدين في المجتمع المحلي، ويمارس ضدهم «الإقصاء الاجتماعي». المواجهات التي استعملت فيها الشرطة الإسبانية القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المحتجين، قابلها الشبان بالرشق بالحجارة وإحراق إطارات السيارات، بل تعدى الأمر إلى استعمال الرصاص الحي، إذ أكدت نفس المصادر، أنه تم العثور بالقرب من تمركز سيارات الشرطة على أعيرة نارية من عيار 22 ملم، أطلقت من أماكن تواجد المحتجين، كما نقلت بعض وسائل الإعلام المحلية استعمال بعض المحتجين لبنادق وإلقاء الزجاجات الحارقة (المولوتوف) من أعلى سطوح المنازل. المصادر ذاتها، كشفت أن المحتجين مزقوا صور ملك إسبانيا، في إشارة إلى رفض الاحتلال، «الاحتجاجات كانت للمطالبة في الأصل بتمكينهم من عمل، قبل أن تمتد مطالبهم إلى رحيل الاستعمار عن المدينةالمحتلة»، يقول مصدر من اللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية والجزر. المحتجون يقولون بأن السياسة التي تنهجها السلطات ضدهم يكتنفها التمييز، فالوظائف تمنح للإسبان، الذين لهم الأسبقية دائما، في حين يتم إقصاء المنحدرين من أصول مغربية رغم توفرهم على الجنسية الإسبانية؛ وهو السبب الرئيسي الذي دفعهم إلى الاحتجاج والخروج إلى الشارع. المواجهات أسفرت بعد نهايتها عن إصابة 8 من رجال الشرطة و3 في صفوف المحتجين وصفت إصابات الجميع بالطفيفة، غير أن الحكومة المحلية تتوجس من عودة التوتر وسط رواج أخبار بالمدينة عن التحضير لاحتجاجات أقوى في الأيام المقبلة، وهو ما دفع بالحكومة إلى الدفع بتعزيزات أمنية، وخروج رئيسها عبد المالك البركاني، أول أمس السبت، بتصريحات شديدة اللهجة ضد المحتجين، متوعدا باستعمال القوة والتعامل بصرامة مع احتجاجاتهم، في المقابل أشاد بدور الشرطة الوطنية والمحلية، وحثها على التصدي ل «أعمال الشغب». هذه المواجهات تأتي أيام قليلة، قبل الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها فعاليات مدنية بإقليم الناظور، من بينها «اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والجزر»، أمام بوابة بني أنصار المقررة بعد غد الأربعاء، للاحتجاج على الاعتداءات المتكررة لسلطات الاحتلال على المغاربة من ممتهني التهريب المعيشي وأفراد الجالية والتي كان آخرها، اعتداء تعرضت له أسرة من 5 أفراد منذ بداية الأسبوع المنصرم، قادمة من الخارج عبر ميناء مليلية.