اندلعت بمدينة مليلية المحتلة مواجهات عنيفة بين المواطنين المغاربة الحاملين للجنسية الإسبانية والقاطنين بها وبين قوات الأمن الإسبانية المكافحة للشغب، استعملت فيها الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع، على إثر احتجاجات عارمة للشباب العاطل على غياب الشفافية في توزيع البلدية ومندوبية الحكومة لمناصب الشغل وإقصائهم من فرص الشغل بدعوى أنهم مسلمون أو من أصول مغربية، في الوقت الذي استفاد المقربون من الهيئات السياسية والرسمية. وانفجر الوضع في حي لكنيادا، الذي يقطنه المواطنون المغاربة، الذين يسمونهم الإسبان «مسلمي إسبانيا»، بعد زوال الجمعة 10 يناير الجاري، واستمرت الاحتجاجات إلى ساعات متأخرة من ليلة نفس اليوم، أقام خلالها المحتجون، وأغلبهم من الشباب العاطل، متاريس من العجلات أضرموا النار فيها ودخلوا في مواجهات قوية وعنيفة مع وحدات الأمن الإسباني، مستعملين الزجاجات الحارقة والرشق بالحجارة. وأكد المحتجون من الشباب، الذين كانوا يراهنون على مناصب الشغل في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة وتدهور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، أن المغاربة القاطنين بالثغر المحتل والحاملين للجنسية الإسبانية يأتون في المرتبة الثانية بعد «الإسبان الحقيقيين»، الذين يتوفرون على جميع الامتيازات، بما فيها الحصول على فرصة العمل، بعد الشروع في تنفيذ «مخطط العمل»، وهو مشروع للشغل يضمن عملا لمدة ستة أشهر بمرتب ألف يورو، ويشمل النظافة والحدائق وتقديم بعض الخدمات الاجتماعية، خاصة للمسنين. وحسب مصادر من عين المكان، عمد المحتجون في غمرة المظاهرات إلى إحراق صور رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي، احتجاجا على التعامل اللاإنساني للشرطة والحرس الحدودي للسلطات الاستعمارية الإسبانية مع مئات المغاربة الذين يمتهنون التهريب المعيشي أثناء عبورهم من معبري بني انصار وفرخانة إلى مليلية المحتلة، والاعتداء عليهم وإهانتهم. كما نددوا بصمت الحكومة المغربية في شخص رئيسها عبد الإله بنكيران، الذي لم يستطع أن يدين الاعتداءات التي تقوم بها القوات الإسبانية ضد المغاربة . ولجأت الشرطة إلى استعمال الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع والاعتقالات للسيطرة على الوضع الذي خلف جرحى من الطرفين. وتتخوف سلطات مليلية من أن تتجدد المواجهات وتمتد إلى الأحياء الهامشية بالمدينة، خاصة أن عدد المحتجين كبير ومرشح للارتفاع، وقد يتأجج فتيل الاحتجاجات على غرار الأحداث التي عرفتها مليلية السليبة قبل سنتين وخلفت ضحايا كثيرين، رغم أن وسائل الإعلام الإسبانية الصادرة في نفس اليوم حاولت التقليل من وقع الأحداث وخطورتها.